العدد 3463 - الأربعاء 29 فبراير 2012م الموافق 07 ربيع الثاني 1433هـ

زيارات ولي العهد...

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

أجزم أن شعب البحرين يثمن عالياً الزيارات التي قام بها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى عوائل الضحايا الست أمس الأول الثلثاء (28 فبراير/ شباط 2012) اللاتي أفجعن البحرين برحيلهن، ونسأل الله لهن الجنة ولذويهن الصبر والسلوان.

سمو ولي العهد زار مناطق سار والحجر والسهلة والنعيم من دون أن يحدث ضجة في شوارعها بالحراسات والمرافقين والمواكب الرسمية التي عادة ما تكون حاضرة في مثل هذه الزيارات، لكن زيارته هذه أحدثت ضجة في بيوتات البحرين كلها، وبمعنى أدق كان لها صداها على البحرينيين جميعاً، وخاصة أنها جاءت عفوية وبسيطة وغير متكلفة كما تكون عادة زيارات المسئولين.

الزيارات وإن كانت تحمل صبغة إنسانية وليست سياسية، لكنها مبادرة أخرى تضاف إلى مبادرات سمو ولي العهد، وخاصة بعد مرور أكثر من عام على أزمة عصفت بالبلاد، فللمرة الأولى خلال هذه الأزمة نجد مسئولاً بهذا المستوى ينزل إلى الناس ويخاطبهم ويسمع منهم، ويسمعون منه.

المبادرات الإنسانية لا تنفصل عن المبادرات السياسية، لأن النوايا الطيبة تنتج حلولاً إيجابية حتى لو كانت تقدم أنصاف حلول، بينما النوايا السيئة حتى لو كتبت بعبارات منمقة وشعارات مغلفة، بل حتى لو صاغت أفضل الدساتير، إلا أنها لا تجر إلا الدمار والسوء، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

مبادرات سمو ولي العهد يمكن أن يبنى عليها إنسانياً وسياسياً للوصول إلى مخرجٍ مما تعانيه البحرين، ليس منذ عام، بل منذ عقود من تمييز سياسي، وتقييد للحريات وتغليب الحلول الأمنية على المعالجات الديمقراطية، مخرجٍ يشعر فيه البحريني أنه مواطن من الدرجة الأولى وليس العاشرة، ويشعر فيه بالأمل لمستقبل أفضل لأبنائه وأحفاده.

الأزمة في البحرين ليست طائفية ولا قبلية بل سياسية بامتياز، لذلك ينبغي وضعها في هذا الإطار، بدلاً من اجترار رؤوس الفتن الطائفية، وتأجيج دعاة الكراهية الذين يريدون أن يحولوا البحرين إلى وطنين وشعبين وولاءين، في حين أن التاريخ يشهد أن البحرينيين جميعاً بسنتهم وشيعتهم هم من قرروا في لحظة مصيرية عروبة البحرين في الاستفتاء على عروبة هذه الجزيرة أو فارسيتها الذي أجرته بعثة يوثان الأممية لتقصي الحقائق مطلع السبعينيات.

سمو ولي العهد درس العلوم السياسية في الولايات المتحدة، ودرس فلسفة التاريخ في كامبريدج البريطانية، ثاني أعرق الجامعات في العالم، وكلنا يعرف أن سيرورة التاريخ وفلسفته التي تعني قراءة التاريخ قراءة دقيقة تحليلية متأنية، متجاوزة عملية سرد الأحداث والوقائع إلى فهم حركة سير التاريخ ومساره للوصول إلى استخلاص قوانين ثابتة لمسيرة الإنسانية ومعرفة مصيرها ومآل مجتمعاتها.

فلسفة التاريخ تؤكد أن المطالب المحقة لأي شعب أو حتى نصف شعب كالحرية والكرامة والديمقراطية والشراكة الحقيقية والأمن تصبح كالهواء الذي يتنفسه، ولا يمكن بأي حل من الأحوال أن يقال لهذا الشعب أو ذاك منعه من تنفس الهواء مهما كانت المبررات والظروف.

زيارات سمو ولي العهد إلى البحرينيين في مجالسهم في أحزانهم وأفراحهم تذكرنا بعادات شعب البحرين الذي لم يكن ينقطع حبل الود بين مكوناته في أقسى الظروف، بل وحتى عندما السياسيون يتنافرون ويتخاصمون، كان البحرينيون يجتمعون ويضحكون ويتسامرون ويتزاوجون، ولم يسعوا في يوم من الأيام إلى أذى أي فرد أو جار أو زميل في العمل.

ما أدى إلى شق هذا المجتمع جزء منه يعود لغياب مثل هذه الزيارات بين البحرينيين، ومن الهندسة الطائفية لمناطق السكن والإسكان، التي أرادت عزل هذا المكون عن ذاك، في حين أن المناسبات الدينية التي نراها اليوم مادة دسمة لدعاة الكراهية وتأجيج أوهام الطائفية، كانت مناسبات وطنية يحتفي بها السني والشيعي، يأكلون مع بعضهم بعضاً ويتزاورون، يتبادلون الأحاديث والنقاشات.

شعبنا لم يعرف الطائفية، إلا عندما تم توظيفها سياسياً للتفرقة بين أبنائه، كانت تجربة «هيئة الخمسينيات» مؤلمة لمن أراد الاستئثار بالثروات والقرار لقلة قليلة على حساب مكونات هذا الوطن، فكان لابد من بث الفرقة بينهم كي لا توجد هيئة أخرى مستقبلاً، غير أننا نؤمن أن قدر شعب هذه الأرض الطيبة أن يعيش مكونٌ رديف مكون إخوة متجاورين.

على العقلاء أن يدركوا أن مشكلة هذا الوطن ليست في لبس العمائم أو إطالة اللحى، مشكلتنا تتعلق بالحرية والديمقراطية والكرامة وهذه قيم تترفع عن المذاهب والأديان حتى، هي قيم إنسانية خالدة لا غنى عنها لأي مجتمع حي

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 3463 - الأربعاء 29 فبراير 2012م الموافق 07 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 25 | 11:16 ص

      انهم بانتظارك ياصاحب السمو

      عوائل الشهداء عوائل الجرحى

      عوائل المعتقلين عوائل المفصولين

      عوائل من سرقت حاجاتهم اثناء مداهمة بيوتهم

      العوائل التي تتنفس الغازات السامة كل ليلة

    • زائر 22 | 6:20 ص

      اهلا بك اخا وضيفا عزيزا اينما حللت بين اهلك واخوانك

      يبو عيسى لا نبالغ اذا قلنا ان ماحصل ويحصل يستحيل ان يغير من قناعات الناس سوى السلبيه او الايجابيه منها ما زلت امل المستقبل مازال كثير من المراهنين على المستقبل من شباب واعي كل الوعي لما يايدور حوله يربط الامل والمستقبل المشرق بنواصيك وهم واثقون انهم لم يراهنوا على الحصان الخاسر تقرب من الاجاويد من الطائفتين الكريميتين وسترى ان الشعب الطيب الذي يحمل من يحب على الاكتاف يكفيه ان يعيش بكرامه وان كان طاوي البطن هولاء خسروا الكثير فلا تبخل عليهم بتطيب خاطر او كلمه تواسيهم فيها ودمت يا اصيل.ديهي حر

    • زائر 21 | 6:19 ص

      حفظ الله البحرين

      بعد سماعي الى الحادث الاليم والذي احزن كل انسان شريف يحب هذا الوطن, اعتقدت وقلت الي بعض الاخوة أن سمو ولي العهد سيقوم بزيارة اهالي الضحايا وفعلا تم ذلك والتى ستكون من المؤكد زيارة خير وبركة لوطننا الغالي اذا ما ترك لسموه ان يبني على هذة الزيارة والقيام بالمهمات التي اوكلت له في السابق من خلال مبادرته والتى لم يعطى له وللمعارضة الوقت الكافي لدراستها, والان نعلم بمقدرة سموه ان يمزج ما جاء بتلك المبادرة مع مرئيات الحمعيات السياسية اضافة الى توصيات لجنة بسيوني مع البدء في الافراج عن كافة المعتقلين

    • زائر 20 | 5:23 ص

      ولي العهد عنوان الخير

      ولي العهد
      انسان رحيم طيب القلب وابيض القلب لا يفرق بين السني ولا الشيعي ودود وخلوق وهو اول من ظهر ايام ضربه الدوار الاولى واعترف في بطى عمليه الاصلاح و عزى الشهــــــــــــــــــداء

    • زائر 19 | 5:22 ص

      بوعيسى والأخلاق الأصيلة

      زيارتة ومشيته في زرانيق القرى وبدون حراسة تدل على أخلاقه الحميدة، بصراحة ماكنت أتوقعه بهذا التواضع ولاكن هذي الزيارة صدق أحدثت ضجة في بيوتات البحرين كاملة. أتمنى زيارات مستقبلية قريبة...

    • زائر 18 | 5:14 ص

      حب و ولأء

      شخصيأ لم اتفاجئ عندما سمعت الخبر بزياره الميمونه لى ولئ العهد طال الله فى عمره ولكن كنت سئتعجب واندهش ادا سمعت بان البرلمانيون قاموا بهاده الخطوه او عضو مجلس الشوره مع الأسف الشديد

    • زائر 17 | 4:31 ص

      ولي العهد الذي درس في تلك الدول المتقدمة يؤمن بالحوار سبيلا ، والناس اليوم وخاصة جيل الشباب الذي ينتمي له ولي العهد هو يؤمن بنفس المفاهيم فسيلتقان اذا اعطوا الفرصة الكاملة فستخرج البحرين من ما هي فيه أما اذا غيب صوت الشباب فلن نتقدم اليوم المطالبة بحكومة منتخبة وبرلمان له الصلاحية الكاملة مطلب عالمي قبل ان يكون مطلب بحريني او مطلب فئوي ، الخلاف على الطريقة للوصول الى هذا الهدف ، ولنبعد الخيارات الأمنية المعمول بها وتقديم الخيارات السياسية لأنها المدخل للحوار وهى الأنجع .

    • زائر 15 | 3:02 ص

      عساك على القوه بوعلي

      يا أبو علي يا مدحوبنا العزيز الكل يَعلم عِلم اليقين ماذا حصل في الأحداث التي عصفت ببحريننا الغاليه على قلوبنا ولكنها السياسه المقيته النجسه التي لم ترحم العباد والبلاد ولابد من أن يعلم المسئولون أنه لابد من حل وإلا ذهب الناس إلى ماهو مجهول..!!

    • زائر 14 | 2:58 ص

      من وجهة نظري

      ان لا احد من المسؤولين يفهم شعب البحرين اكثر من ولي العهد الامير سلمان بن حمد ولو تركت الامور له للنهايه لحلت المشاكل وشكرااا

    • زائر 7 | 11:59 م

      تحية الى سمو ولي العهد

      تحية اخلاقية رفيعة الى سمو ولي العهد لأنه يستحقها لأنه انسان يعرف الأنسانية ولأنه قائد يستحق ان يقدر ويحترم وهذا ما تحتاجة البحرين قائد يجمع الجميع ويسمع للجميع يسكت من ينادي بالطائفية والأقصاء ويحترم من يدعو لخير هذا البلد الكلمة الصادقة والصريحة والنقد لا يحدث الأنقسام والفرقة بل تدل على الأصلاح والتغير ولكن كلمة النفاق والتحريض هي من تشب الحريق وتأكل النار كل من يقتربها لدينا مجموعة من الناس تتمصلح من الأزمة وكلما طالت الأزمة كثرة غنائمهم هؤلاء يجب على شعب البحرين محاربتهم

    • زائر 5 | 11:42 م

      ولي العهد رمز الخيرررر

      ولي العهد
      رمز للخير والطيبــــــــــــــه

    • زائر 4 | 11:35 م

      ولي عهدنا متى التغيير فقد طال الانتظار

      يدنا ممدودة لولي العهد الذي يؤمن بأن الشيعة في البحرين

      نحن نفخر بولي العهد
      نحن نعول عليه الخروج من هذه الازمة
      نحن شعبك يا أبو عيسى الذي تفخر وبه وتبني عليه المستقبل

      تحياتي لولي العهد الامين

    • زائر 3 | 11:24 م

      سماء - البحرين (مقال ممتاز)

      شكرا لهذا المقال الممتاز, جريدة الوسط وكما عودتنا بداية من الدكتور الوطنى الجمرى الى جميع الطاقم االمتميز, نعم زيارة ولى العهد مهمة وواجبة فى الاعراف مهما اختلفت الاراء, شعب البحرين عرف عنة عالميا بطيبة المميزة والبسيطة من مجتمع الخليج, لكن السوال يطرح نفسة هل هذة الزيارة لها تأثير كبداية ام انها عابرة؟ لقد زاد التطرف, والتفرقة الطائفية, واصبح الجار ينظر الى جارة نظرة غير اعتيادية, أصدقاء الطفولة اصبحوا اعداء الربيع العربى, المتمصلحين سيطروا على الشباب البسيط الذى لا يعرف غير تكرار البغبغاء..

    • زائر 2 | 11:00 م

      الفاضل حسن المدحوب ، البحرين اليوم بحاجة أهذا النفس الوطني

      بارك الله في هذا النفس الوطني بكم تبني البحرين علي أسس العيش المشترك لا التنافر والتناحر والتخويين

    • زائر 1 | 8:07 م

      درازي دائما او تعليق

      انا اطالب ولي العهد التواصل معانا مهما كان احنا اخوانك وربعك جربنه واجوف اخلاصنه

اقرأ ايضاً