العدد 3465 - الجمعة 02 مارس 2012م الموافق 09 ربيع الثاني 1433هـ

النملة والحوار بين الشرق والغرب

يقول الباحث السعودي علي بن ابراهيم النملة ان بعض معارضي الحوار بين الشرق والغرب يتصرفون نتيجة شعور بالنقص وافكار غير موضوعية وان هذا الحوار يجب ان يقوى ويعزز اذ لا يمكن البقاء بعيدا عنه. وكان علي بن ابراهيم النملة يتحدث في كتابه «الشرق والغرب... منطلقات العلاقات ومحدداتها». وقد صدر الكتاب في 352 صفحة متوسطة القطع عن دار بيسان للنشر والتوزيع والاعلام في بيروت. وقد توزع الكتاب على قسمين الاول في خمسة «منطلقات» والثاني في 17 «محددا» وتلت ذلك «الخاتمة: الخلاصة والنتيجة». والباحث هو استاذ المكتبات والمعلومات بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية. وقد صدر له اخيرا ايضا كتاب موثق ببليوجرافيا عن الاستشراق. في التمهيد للكتاب قال المؤلف ان العلاقات بين الشرق والغرب تتعرض منذ قرون «الى قدر كبير من الشد والجذب الفكري والديني. وقد دارت مساجلات فكرية طاحنة حولها ونشأت مدارس فكرية وتخصصات اكاديمية وظهر على الساحة مفكرون من الجانبين نذروا حياتهم وفكرهم لاعمال النظر في هذه العلاقات نشأة وتطورا وتجاذبا بين عوامل التقارب والتعايش او الفرقة والعزلة والصراع والتصادم. «ويوظف النقاش حول هذه العلاقات بحسب الرغبة في الالتقاء او تعميق الفجوة بين الشرق والغرب». وفي فصل حمل عنوان «الحوار» تحدث الكاتب فقال «في السنوات الاخيرة ازداد الحوار المستمر بين الشرق والغرب وأضحى يسمى اصطلاحا «الحوار بين الاسلام والغرب» وكأن الاسلام هو الطرف الاول والغرب هو الطرف الثاني في الحوار او العكس. «المتمعن في هذا الاصطلاح يدرك الغرض من اطلاقه اذ ان الاسلام ثقافيا منطلق واحد يحمل افكارا محددة منشؤها كتاب الله تعالى... اما الغرب فهو تجميع لثقافات عدة بعضها ينطلق من منطلق ديني كالنصرانية واليهودية وبعضها ينطلق من منطلق متناقض مع الدين ومحارب له في الحياة العامة». ورأى ان «الاصل ان يقوى الحوار ويستمر ويتخذ اشكالا متعددة بحسب المقام من حوارات فردية او جماعية علمية اكاديمية او فكرية وتجارية او اجتماعية اذ لا يملك المرء اليوم الا ان يكون طرفا في هذا الحوار المستمر». ومع ان فكرة الحوار ليست جديدة على هذه الثقافة الا انه يستغرب المرء تحفظ بعض المعنيين من الحوار مع الاخر بحجج منها ارتباط الحوار بالتنصير وارتباطه بالتهيئة للاحتلال وغير ذلك من حجج وقتية لا ترقى الى العلمية الموضوعية. وليس لدينا نحن المسلمين ما نخفيه عن الآخر ليتحفظوا على الحوار معه». ورفض اي فوقية او دونية في الحوار لانه عند ذلك لا يعود حوارا. وتحت عنوان «التحفظ» قال النملة إن الحوار الذي يتحفظ عليه بعض المعنيين من المفكرين هو ذلك الحوار الذي يشعر به المحاور المسلم بالدونية امام الاخر الذي يشعر من يحاورهم بأنه على قدر كبير من العلم والمعرفة والتفوق الحضاري. وقال إن من ذلك ايضا التحفظ على الإشارة إلى هذا الحوار على أنه «حوار الاديان» وانما هو «حوار اهل الاديان». ورأى ان هناك جملة من الكتاب العرب «يتحفظون على فكرة الحوار مع الاخر ممن يختلفون عنا في الدين بل ان احد المؤلفين قد وصل به الرأي الى تحريم التعامل مع اولئك القوم لاسيما المستشرقين منهم. ويرى (ذلك) المؤلف ان التعاون معهم انما هو من باب الموالاة لهم». وتساءل النملة «هل الحوار مع الاخر يعني بالضرورة التعاون معه؟ وهل التعاون على الامور المشتركة مما يدخل في المحظور؟ وهل ان التعاون المطلوب معه يعني بالضرورة موالاته؟ يبدو ان مسألة الولاء والبراء في هذا الرأي غير واضحة ولا تنطلق من رؤية علمية بقدر ما تنطلق من موقف آني او نظرة عاطفية لا تكنّ موقفا ايجابيا من الغرب على غرار ما دعت اليه بعض الحركات الاسلامية». وقال «لقد تعرض الاسلام لحملات من التشويه على ايدي بعض المستشرقين والمنصرين والاعلاميين. وهو يتعرض لهذا في الحاضر ولكن هذه الحملات لا تعني ان نتوقف عن الاتصال بالاخر بالتحاور معه وتبيان ما عمّي له عن الاسلام وعن دياناته التي ينتمي اليها». وفي الفصل الذي حمل عنوان «الخاتمة: الخلاصة والنتيجة» اكد علي بن ابراهيم النملة ان الشرق والغرب في النهاية «يظلان لا يستغنيان عن بعضهما في البناء الحضاري وفي اسعاد البشرية وهما شريكان في ذلك وان ايا منهما يظل بحاجة الى الاخر وان فرص التعايش والتلاقي بينهما اكثر بكثير واقوى من دواعي الفرقة والخصام بشتى انواع الخصام مهما حاول بعض المنتمين الى اي منهما ان يسعى الى خلاف ذلك مؤيدا بسيطرة فكر آني او توجه سياسي ضاغط او نظرة عرقية وما الى ذلك من مقومات التأثير القائم على فكر غير سوي املته قوى خفية لا تسعى الى سعادة الامم بل تبحث عن شقائها وتعميق وجوه الخلاف بينها». وخلص الى القول ان «تجسير هذه الفجوة العلاقية بين الشرق الاسلامي والغرب النصراني يمكن ان يتم عبر آليات اتاحتها معطيات الالفية الثالثة وكون العالم اصبح قرية كونية صغيرة. «ومن تلك الاليات والمعطيات استغلال وسائل المواصلات والاتصال الحديثة للتقارب بين الشعوب والاخذ بمبدأ الحوار بين الحضارات واتباع الاديان وتصحيح الصور النمطية السيئة في وسائل الاعلام الغربي ودعم الفعاليات الثقافية للجاليات والاقليات المسلمة في الغرب... من اجل تعميق وسائل التواصل والحوار بين الشرق والغرب»

العدد 3465 - الجمعة 02 مارس 2012م الموافق 09 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً