العدد 3470 - الأربعاء 07 مارس 2012م الموافق 14 ربيع الثاني 1433هـ

جانب من التأصيل الإسلامي للنهج السياسي التعددي (4 - 5)

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

(ملاحظة: هذه بعض مقالات نشرت في كتاب «مداخلات في الفكر والسياسة... نحو تأصيل إسلامي للنهج التعددي» من تأليف رئيس تحرير صحيفة «الوسط» البحرينية منصور الجمري في 2008، ويعاد نشر أجزاء منه لارتباطها بتطورات الربيع العربي الذي أوصل اتجاهات إسلامية تؤمن بالتعددية الى سدة الحكم. كما ان المقالات كتبت في نهاية التسعينيات من القرن الماضي في لندن، وبعضها كان نتاجاً لتفاعلات فكرية مع زعيم حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي، ووزير الخارجية التونسي الحالي رفيق عبدالسلام).

****


منطلقات لمعالجة الإشكالات

 

في هذا المجال قدم المفكر الاسلامي فتحي عثمان بحثاً قيماً ألقاه باللغة الانجليزية في «مؤتمر الإسلام والحداثة» الذي عقد في لندن في 1996 وتطرق بحثه للإشكالات والتحديات المطروحة أمام الإسلاميين ودعاهم لمصارحة أنفسهم وتحديد مواقفهم تجاه جميع القضايا الحساسة والعالقة، واقترح عثمان المنطلقات الآتية لمعالجة الإشكالات (مترجم من الانجليزية):

- إن الله كرم بني آدم جميعا دون التفريق بينهم وان هذه الكرامة لا تخضع لأي فروقات مكتسبة، قال الله تعالى: «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» (الإسراء: 70).

- إن الإنسان يتفوق على غيره من مخلوقات الله بفضل تحمله مسئولية الإنماء والإعمار، قال الله تعالى: «والى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب» (هود: 61).

- إن الإنسانية جمعاء تتحمل مسئولية التنمية من خلال التعارف فيما بينها «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير» (الحجرات: 13).

- التنوع بين البشر أمر طبيعي ومطلوب، ولكن دون إخضاع البشرية لنمط واحد من طريقة الحياة. البشر مختلفون في قدراتهم ويختبرون في إمكاناتهم للتعامل بصورة بناءة مع الآخرين بالاستعانة بالإرشاد الإلهي، قال الله تعالى: «وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون» (المائدة: 48)، وقال تعالى: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين. الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين» (هود: 118 و119).

- على المسلمين ان يستمعوا وان يتعلموا من جميع التجارب الإنسانية، قال الله تعالى: «والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد. الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب» (الزمر: 17 و18).

- التغيير الاجتماعي له سنن تاريخية نافذة على الجميع من دون تفضيل أو استثناء «قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين» (آل عمران: 137)، وقال تعالى: «يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم» (النساء: 26)، وقال تعالى: «ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا» (الأحزاب: 38)، وقال تعالى: «استكباراً في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله فهل ينظرون الا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً» (فاطر: 43)، وقال تعالى: «سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً» (الفتح: 23).

- إن القرآن والسنة يمثلان المصدر الأساسي للأسس التشريعية و «بعض التفاصيل الحياتية» للمجتمع. وهذا الطرح يلزم الا يناقض التزامات المواطنة وما يترتب عليها من واجبات معنوية وقانونية يخضع لها الجميع قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود» (المائدة: 1)، وقال تعالى: «وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون. ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم ان تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به ليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون. ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون. ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم. ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم ان كنتم تعلمون. ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون» (النحل: 91 - 96)، وقال تعالى: «ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد ان العهد كان مسئولا» (الإسراء: 34).

- التشريعات المدنية الإسلامية تخضع للأسس القرآنية العامة الداعية لموافقة وإجماع الأطراف المعنية والهادفة إلى تحقيق غرض إنساني مشروع، قال الله تعالى: «يريد الله ان يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً» (النساء: 28).

- على المسلمين أن يتعاملوا مع بعضهم الآخر ومع غير المسلمين بالعدل والإحسان وألا يبدأوا بعدوان، قال الله تعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين» (الممتحنة: 8).

- يجب ألا يكون هناك أي إكراه على الالتزام بالدين، قال الله تعالى: «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم» (البقرة: 256)، وقال تعالى: «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» (يونس: 99)، وقال تعالى «قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون» (هود: 28).

- المرأة لها كامل الحقوق السياسية والمدنية من دون تفريق بينها وبين الرجل، وإدارة العائلة أمر ينبغي الاتفاق عليه بين الزوجين قال الله تعالى: «لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وان أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير» (البقرة: 233).

- الرجل والمرأة عليهما التزامات مشتركة ومسئولية تجاه بعضهما الآخر لمساندة دورهما في الحياة العامة، قال الله تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم» (التوبة: 71).

- الحاكم جزء من المجتمع، يؤتمن على إدارة المصالح العامة، وبالتالي فهو مسئول امام الامة، وخاضع للمحاسبة العامة، قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا» (النساء: 59)

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3470 - الأربعاء 07 مارس 2012م الموافق 14 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 8:56 ص

      إثراء ثقافي سياسي إسلامي

      أقل ما يقال عن هكذا مقالات أنها بحق إثراء ثقافي سياسي إسلامي.. شكراً دكتور

    • زائر 3 | 6:25 ص

      علماني يساري بارباري

      كريم مروّة المناضل الوطني الشيوعي اللبناني في احدى مساهماته المتعددة قال أن شعوبنا العربية بأحزابها تركز على الجانب السياسي وتهمل الجانب الثقافي في الوقت الذي من الاهمية والضرورة اعطاء الثقافة حقها من اجل بناء مجتمع واعي بقضاياه المصيرية ، دواعي هذا القول ما لمسته واستشفيته من خلال تعليقات القراء التي تمتلئ مساحة التعليقات بوجهات نظرهم في حال المقال يتعلق بالسياسة لكن اذا كان فحواه وما يتناوله ثقافي فأنك لن تجد تعليق من احدهم ، انظروا الى مقالة الاستاد اليوم والتي دوما تراها ممتلئة بالتعليقات

اقرأ ايضاً