العدد 3470 - الأربعاء 07 مارس 2012م الموافق 14 ربيع الثاني 1433هـ

فيدراليّة برقة... انتظروا بقيّة الفيدراليّات!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لعلّ أهم خبر في اليومين الأخيرين خبر إعلان بعض مشايخ قبائل برقة الليبية منطقتهم «إقليماً فيدراليّاً»، وتهديد رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبدالجليل باستخدام القوة لمنع الانفصال.

عبدالجليل اتهم دولاً عربية بـ «إذكاء الفتنة في شرق ليبيا حتى تهنأ ولا ينتقل إليها طوفان الثورة»! وبقيت أعصر مخّي طوال يوم أمس لمعرفة هذه الدول العربية المتآمرة على بعضها دون جدوى! فبعد أن كان العرب يُعيّرون الإنجليز والفرنسيين طوال القرن العشرين على تقسيم بلدانهم قبل مئة عام، أصبحوا اليوم يُعيّرون بعضهم على التآمر لتقسيم بلدانهم!

ما حصل هو أن ثلاثة آلاف شخص من أهل برقة برئاسة الشيخ أحمد الزبير السنوسي أعلنوا تأسيس «مجلس إقليم برقة الانتقالي» للدفاع عن حقوق سكّانه! وقرر المؤتمرون اعتماد الدستور القديم الصادر في 1951! وبينما الشعوب الأخرى تنتقل إلى مراحل حضارية سياسية أعلى، نرى الشعوب العربية تعود للدساتير القديمة، والرموز والأعلام القبلية القديمة! شاهدنا بعض ذلك في ليبيا وتونس وسورية واليمن.

ولكن... لم نلومهم؟ لم لا نبحث عن الأسباب؟ ألم يكن السبب الأكبر لثورات الربيع العربي هو الخروج من تحت عباءة الدكتاتوريات؟ ألم يحوّل معمر القذافي ليبيا إلى مزرعة عائلية، تحكّم مع أبنائه في جميع مفاصلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية؟ ألم يحوّل نفسه إلى فيلسوف يتحدّث عن إدارة العالم وفق النظرية الثالثة؟ ألم يوصل الليبيين إلى حافة الكفر بكل شعار قومي ووحدوي بعد أن اختصر ليبيا كلها في جبّته؟ وما الذي يطمئنهم كأقاليم من عدم عودة طرابلس للتحكم في رقاب الجميع ومعاملتهم كالحشرات والجرذان؟

لم تكن الظاهرة خاصةً بليبيا، وإنما سبقه إلى ذلك السودان الذي انتهى إلى سلخ ثلث مساحته، والرئيس الذي تحقّق على يديه هذا الإنجاز التاريخي العظيم، مازال متشبثاً بالحكم بدل أن يعتذر لشعبه ويرحل.

قبل السودان كان العراق الذي مرّ بتجربة مريرة، وتكالب عليه فيها قوى الاحتلال والإرهاب والتكفير، وكاد يسقط في هاوية حرب أهلية تحرق الجميع، لولا مواقف بعض المرجعيات الدينية التاريخية، التي ذكّرت العراقيين بأنهم إخوة دين ولغة ووطن.

كان صدّام - كزميله القذافي - قد حوّل العراق إلى مزرعة لعشيرته وأفراد عائلته الأقربين، وأصبح يتحكّم معهم في جميع مفاصله السياسية والأمنية والرياضية... وكانت سطوة بغداد على الأقاليم شديدة، وكان هاجس عودة الدكتاتورية قوياً في العراق، وهذا ما يفسر تضمين خيار «الفيدرالية» في الدستور الجديد الذي استفاد منه الأكراد فانفصلوا بإقليمهم في الشمال.

كانت الكتلتان السنية والشيعية تجتذبهما المغامرة، ولولا التمسك بالعقل وتغليب الخيار الوطني لدى أغلبية هاتين الكتلتين لتمزّق العراق إلى كتلٍ متناحرة ودويلات. فالعراق الجديد الموحّد إن لم يضع كوابح لمنع وصول أي دكتاتور للحكم، فإنّ الأقاليم المنفصلة لن تكون أحسن حالاً مع كثرة الطامعين المتقاتلين على الحكم.

اليمن الذي لمح البعض بإعلانه دولة فاشلة، بات على شفا التقسيم أيضاً، وكان رئيسه نسخةً كربونية للقذّافي وصدّام، حيث سلط الأبناء وأبناء العمومة على مقاليد الحكم ومفاصل الدولة. إن تكلفة الدكتاتورية باهظة على الشعوب والأوطان.

في إحدى مسرحيات دريد لحام في السبعينيات، كان يسخر من تقسيم اليمن إلى يمنين، والسودان إلى ثلاثة سودانات، ولبنان إلى أربعة، وها هي النبوءة تتحقق أمامكم. لقد بدأ عصر «الفدرلة» بسبب استفحال الظلم وتحقير الشعوب، فانتظروا بقية الفيدراليّات

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3470 - الأربعاء 07 مارس 2012م الموافق 14 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 9:03 ص

      النتيجة الحتمية

      هذه نتيجة خنوع الشعوب للطواغيت على مدى عقود!!

    • زائر 9 | 7:27 ص

      و النبي يا سيّد بلاش تريقة و حياتك!!

      مش ناقص إلاّ تقول إنّ احنا أمّة واحدة متفرّقة .. و إنّ أوروبا أُمم "كتيرة "و متحدة مع بعضها؟!!

    • زائر 8 | 6:34 ص

      امين

      زائر 1 بارك الله فيك

    • زائر 7 | 6:24 ص

      ليبي حر

      هههههههههههههههههههههههههه والله عيب عليكم يا ليبيين عيب على هذا النفاق ورفض الفيدرالية انظروات الى حال البلاد بعد التحرير سرقة نهب اغتصاب تسلق مركزية الادارة وتهميش مناطق الشرق والجنوب والغرب ايضا باستثناء طبعا مصراته الاسود ههههههههههههههههه قالك اسود ادعو كل الليبيين لدعم الفيدرالية والفيدرالية لا تعني التقسيم او الانفصال بل هي اعني التقسيم الاداري لبعض الخدمات المركزية مع الاحتفاظ بالوزرارات السيادية مثل الدفاع والداخلية والخارجية

    • زائر 6 | 4:50 ص

      الخليج واحد

      الخليج لن يكونان خليج واحد وانما انشالله سيكون دولة واحده واتحاد واحد قولو امين

اقرأ ايضاً