لم تكد تمر الساعات الأولى من صباح أمس (الخميس) حتى انهالت عبارات الإشادة على النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي سجل 5 أهداف قاد بها برشلونة الاسباني إلى الفوز على ضيفه باير ليفركوزن الألماني 7/1 مساء الأربعاء في إياب دور الستة عشر ببطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

وكان برشلونة قد فاز 3/1 ذهابا في ليفركوزن ولكن ميسي تألق في مباراة أمس الأول ليقود فريقه الاسباني إلى فوز ساحق بنتيجة إجمالية 10/2 والتأهل لدور الثمانية، ويصبح أول لاعب يسجل 5 أهداف خلال مباراة واحدة في تاريخ البطولة الأوروبية. وقبل مباراة أمس الأول كان ميسي يقتسم الرقم القياسي السابق، وهو تسجيل 4 أهداف خلال مباراة واحدة بالبطولة الأوروبية، مع ماركو فان باستن ودادو برسو ورود فان نيستلروي وأندريه شيفتشينكو.

وبمجرد خروج ميسي من أرض ملعب «كامب نو» عقب مباراة الأربعاء، والكرة تحت ذراعه وترتسم الابتسامة المتواضعة على وجهه الصبياني، بدأت عبارات الإشادة بنجوميته وتألقه ضمن صفوف الفريق الاسباني.

وكتب النجم الإنجليزي واين روني لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزي، في حسابه بموقع «تويتر» على الإنترنت «إنه (ميسي) الأفضل على الإطلاق بالنسبة لي». بينما تساءل مهاجم أتلتيكو مدريد راداميل فالكاو قائلا: «هل ميسي لاعب حقيقي أم شخصية بلاي ستيشن؟». ووجد المدير الفني لبرشلونة جوسيب جوارديولا صعوبة في إيجاد كلمات يصف بها أداء ميسي، وقال: «لقد شاهدنا عرضا من نوع خاص له في ليلة غير عادية. فتسجيل 5 أهداف ليس أمرا سهلا». وأضاف «إننا محظوظون للغاية بتواجده معنا وقدرتنا على الاستمتاع بعروضه. في اليوم الذي يختاره، سيسجل 6 أهداف.

النجم الأرجنتيني يحرز 5 أهداف تاريخية في مرمى الفريق الألماني وباقي الفريق يحرز هدفين في مباراة اكتفى فيها ممثل البوندسليغا بآهات الإعجاب وهدف وحيد في المرمى الإسباني.

جاءت المباراة التي أقيمت على ملعب «كامب نو» في إياب دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا من جانب واحد وسيطر فيها الفريق الكاتالوني على كل مجرياتها فيما لعب الفريق الألماني دور المشاهد المعجب بأداء أصحاب الأرض، ونجح فيه بشكل كبير بعد أن أمطر البلوغرانا شباك ضيوفه عن طريق ميسي وتيلو.

ومن جانبه، علق المدير الفني لباير ليفركوزن روبين دات قائلا: «حقا لا توجد كلمات يمكن أن توصف بها طريقة لعبه. إنه لاعب من طراز فريد. حتى من دون ميسي، يعد برشلونة أفضل فريق في العالم، وبوجوده يبدو الفريق من مجرة فضائية أخرى. وقبل المباراة، قال أسطورة الكرة الألماني الرئيس الفخري لنادي بايرن ميونيخ فرانز بيكنباور «ميسي عبقري، ولديه كل شيء. فمن ناحية هو لاعب مهاري وذكي للغاية، ويلعب بقدمه اليسرى مثل دييغو مارادونا. وأضاف «ومن ناحية أخرى يمتلك (ميسي) بعض صفات بوبي تشارلتون، إذ انه رجل نبيل حقا».

وهيمنت الخماسية التاريخية التي سجلها ميسي على الصفحات الأولى لكل الصحف الاسبانية الصادرة أمس (الخميس). وجذبت صحيفة «سبورت» الانتباه بشكل كبير عندما ذكرت أن ميسي كان يعاني قبيل المباراة من صداع واضطر لتناول الأسبرين، وكتبت «أسبرين المعجزات».

وفي رده عن سؤال يتعلق بأداء ميسي قال مهاجم فرنسا السابق إيريك كانتونا في المنتدى الرياضي العالمي في برشلونة الخميس: «لقد اعتقدت دوما أن أداء برشلونة غير عادي إلا أن (أداء) ميسي استثنائي. فهم يتمتع بحماس طفولي للعبة».

وقال لاعب برشلونة ومنتخب اسبانيا سيسك فابريغاس للصحافيين: «لم يحرز هدافا فقط بل أهداف غير سهلة، لقد كانت أهدافا رائعة وهذا ما يجعله أكثر خصوصية».

«أن نبدأ مقالة بالقول إنه من الصعب تفسير ميسي يبدو غير مقبول، لكنه الأمر الأصح»، هذا ما كتبته صحيفة «ماركا» الإسبانية، وهي محقة في ما كتبته لأنه من الصعب جداً وصف ما يقدمه النجم الأرجنتيني مع النادي الكاتالوني، إذ نجح في تسجيل هدفه الثاني عشر في 8 مباريات خاضها في نسخة هذا الموسم، ليعادل الرقم الذي حققه في المسابقة الموسم الماضي، حين وصل فريقه إلى النهائي وتوّجَ باللقب، وذلك الذي حققه الهولندي رود فان نيستلروي مع مانشستر يونايتد الإنجليزي خلال موسم 2002/2003.

وكان رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني محقاً عندما وصف ميسي بـ»القاتل»، تعليقاً على نيله جائزة الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة «فرانس فوتبول» والاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» لأفضل لاعب في العالم، وذلك للمرة الثالثة على التوالي.

إن وصف الأفضل في التاريخ قد يكون موضع نقاش من قبل مشجعي أساطير مثل بيليه أو مارادونا، لكن ما لا نقاش فيه هو أن ميسي أثبت حتى الآن أنه من طينة العمالقة، وكان بلاتيني مصيباً عندما رد على سؤال حول تصنيفه لميسي في تاريخ كرة القدم، قائلاً: «دعوه يكمل مسيرته أولاً. كل شيء يتغير بسرعة في كرة القدم. هل تعلمون أنه عندما فاز البرازيلي رونالدينهو بجائزة الكرة الذهبية (العام 2005) قلت حينها: سيفوز هذا اللاعب بالجائزة كثيراً مستقبلا. لكنه لم يفز بها بعد ذلك. لكن وضع ميسي يتعلق بالمجموعة. إنه بحاجة إلى مجموعة مثل برشلونة، إنه قاتل في صميمه. يظهر بصورة اللطيف والظريف، لكن لكي تسجل أهدافاً مثل تلك التي يسجلها، يجب أن تكون قاتلاً. لن تفوز إذا كنت لطيفاً جداً في كرة القدم».

ويبقى على ميسي أن ينقل شيئاً من التألق الذي يظهره مع برشلونة إلى المنتخب الوطني، إذ عَجزَ حتى الآن عن فرض نفسه على الساحة الدولية، لكن «ما زال أمامه الكثير من الوقت» بحسب بلاتيني لأنه في الرابعة والعشرين من عمره فقط