العدد 3479 - الجمعة 16 مارس 2012م الموافق 23 ربيع الثاني 1433هـ

المحمود: من أركان نشر ثقافة الكراهية إشعار الأفراد بوقوع المظلومية والتمييز عليهم

عبداللطيف المحمود
عبداللطيف المحمود

قال خطيب جامع عائشة أم المؤمنين في الحد الشيخ عبداللطيف المحمود: «إن كل إنسان فيه خصلتان متضادتان، الحب والبغض، والتربية الصحيحة هي التي تضع الحب في موضعه وتضع البغض في موضعه، فحب الخير محمود في مجموع الأحوال، وبغض الشر محمود في مجموع الأحوال. والحب يكون بين العبد وربه، يقول الله تعالى عن المؤمنين به والمتمسكين بهديه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (المائدة :54)، ويقول الرسول (ص) في الحديث القدسي: «ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولايزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه». ويعمل المسلم على تقوية علاقة الحب بينه وبين ربه جل جلاله، وبينه وبين رسول الله (ص)، ولذلك كان من دعاء الصالحين: اللهم ارزقني حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربني إلى حبك، اللهم ارزقني حب نبيك وحب من يحب نبيك وحب كل عمل يقربني إلى حب نبيك».

وأضاف أن «الحب يكون بين الإنسان وأخيه الإنسان باعتبار الأخوة الإنسانية، وهي بين المسلمين، حتى يكون المسلمون فيما بينهم كالبنيان المتماسك كما قال رسول الله (ص): «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». والذي يوصل إلى هذا المستوى إشاعة التوادّ والتراحم والتعاطف بين بني البشر كما هو بين المؤمنين بعضهم بعضاً... وضرب لنا الله تعالى مثلاً في المحبة بالأنصار الذين أحبوا المهاجرين فآووهم وتآخوا معهم حتى كانوا كالجسد الواحد». وتحدث المحمود عن أن «إشاعة الكراهية وثقافة الكراهية مفسدة كبيرة للمجتمعات»، واعتبرها «من أكبر المفاسد في أي مجتمع أن يتربى أفراده على الكراهية فيما بينهم، وأشد منها أن تصبح الكراهية ثقافة عامة لدى فئة من فئات المجتمع ضد من يعيش معهم أو ضد غيرهم، فذلك سبب لفساد عريض في حياة ذلك المجتمع إذ يقع بينهم التدابر والتباعد والتحاسد والشحناء والكيد والخصومة، وقد نهى رسول الله (ص) عن هذه الأمراض العضال إذ يقول: (لاَ تَدَابَرُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً)».

وقال: «وتشيع في بعض المجتمعات وبعض التجمعات ثقافة الكراهية للآخرين، ويعتمد في نشرها على ادعاء الخيرية والأفضلية لجماعة أو فئة على غيرها، كما تعتمد ثقافة الكراهية على التركيز على المآسي التي حصلت لتلك الجماعة أو هذه عبر التاريخ، ويستخدم فيها الدين والطائفة والأصول النسبية والانتماء للقبيلة أو للدولة، وكذلك الأحداث التاريخية القديمة».

وأشار إلى أن «من أركان نشر ثقافة الكراهية إشعار الأفراد بوقوع المظلومية والتمييز عليهم، من دون أن ينظروا إلى أسبابها، فكثيراً ما يكون سبب المظلومية والتمييز هو التصرفات المبنية على ثقافة الكراهية من جماعة نحو غيرهم وما يترتب عليها من عدم الثقة فيهم وعدم الطمأنينية لهم».

وقال المحمود «الذي يزرع الحنظل لا يجني العنب كما قيل في الأمثال. ثقافة الكراهية هي التي أوجدت الحروب والمآسي بين الدول، وأوجدت الفتن بين الذين يعيشون في المجتمع الواحد. ومن مصائب ثقافة الكراهية أن روح الكراهية لا تقتصر على تعاملات أصحابها مع غيرهم، بل تنعكس على تعاملاتهم فيما بينهم لأن هذه الثقافة تصبح خلقاً وعادة، فتشيع بين المتثقفين بثقافة الكراهية الحقد والحسد والكذب والبغضاء والنفاق وغيرها من الأخلاق الذميمة التي يكرهها الله تعالى ويكرهها رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ويكرهها عباد الله الصالحون».

واعتبر أن ثقافة الكراهية المبنية على الأديان تنبع «من المحاضن الدينية ثم تنتقل إلى المنازل والبيوت لتغرس في نفوس الأطفال والناشئة ثم تنتقل إلى المحاضن التربوية ثم إلى أماكن العمل ثم إلى المجتمع بكامله»، وأن علاج ثقافة الكراهية «الإيمان بأن البشر جميعهم ينتمون إلى أبوين اثنين فهم أخوة في الإنسانية: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، وأن العبرة في الآخرة بالتقوى كما قال الله تعالى: إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ويقول الرسول (ص): أيها الناس ألا إن ربكم واحد، ألا وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ألا لا فضل لأسود على أحمر إلا بالتقوى ألا قد بلغت».

وقال: «إن الحياة الطيبة في الدنيا لا تتأتى إلا بالأعمال الصالحة والخيرة كما قال الله تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)، (النحل: 97) وأن العقوبة فردية وليست جماعية وليست تاريخية، ولا تتحملها الأجيال اللاحقة: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، (الأنعام: 164)».

العدد 3479 - الجمعة 16 مارس 2012م الموافق 23 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 31 | 10:36 ص

      نصيحة يا شيخ

      من أركان نشر ثقافة الفتنة إشعار الأفراد بضرورة حمل السلاح وتكويين الميليشيات المسلحة ، ونشر أعمال .... ضد المطالبين بحقوقهم.

    • زائر 28 | 9:18 ص

      الكراهية و التميز

      ان ثقافة الكراهية و التميز تاتى من اصحاب النفوس الضعيفة

    • زائر 26 | 7:40 ص

      نصيحة

      ياشيخ إعلم وتيقن إن الأيام دول ..
      كما أضحكك الدهر ......

    • زائر 25 | 7:13 ص

      اكتشف العلماء ان الي ياكل سبانخ سبب زرع الكراهية

      السبانخ ,,,,, احد اسباب زرع الكراهية

    • زائر 24 | 6:07 ص

      المظلومية

      ايها الشيخ (يا رجل الدين)المظلومية هي التحريض الطائفي البغيض الذي .... طوال الفترة الماضية ضد شريحة كبيرة جدا من الشعب الاصلي والمخلص لتراب هذا الوطن الغالي....

    • زائر 21 | 4:36 ص

      المظلومية والتمييز

      لا أعلم حقيقة ما هو معنى المظلومية والتمييز في نظر الناس!!فكلمة المظلومية ترادفها كلمة الحق وكلمة التمييز ترادفها المساواة
      فهل من الحق والمساواة ان يظل ابن البلد عاطلاً عن العمل ويأتى بالأجنبي ليتم الصرف عليه من قبل الدولة؟
      هل من الحق والمساواة ان يعمل خريجو الجامعات ذوو التخصصات المالية والأكاديمية وغيرها في وظائف لا تتناسب مع تخصصاتهم كحارس أمن أو سائق؟
      هل من الحق والمساواة أن ينتظر اب البلد 15 أو 20 سنة للحصول على وحدة سكنية تأويه هو وعائلته بينما الأجنبي يحصل عليها في غضون بضع سنوات؟ أفيدونا

    • زائر 10 | 1:51 ص

      هل نتفق على ذلك

      من يثبت عليه بالدليل والبرهان نشر ثقافة الكراهية بين مكونات المجتمع لابد من القضاء العادل ان يأخذ مجراه معه

    • زائر 8 | 1:07 ص

      البحرين بلد مناهض للتمييز

      والدليل أني فصلت من عملي و معي جميع زملائي من نفس المذهب و المحققين جميعاً في جميع اللجان من مذهب آخر كما أن بسيوني نبه الحكومة لتعديل تركيبة القطاع الأمني و ماذا عن الإهانات المذهبية التي كانت تحصل في السجن

    • زائر 7 | 1:02 ص

      فضيلة الشيخ مع التحية

      هل عندك ابن مفصول عن عمله ؟
      هل عندك ابن مسجون بدون ذنب ؟
      هل عندك ابن جامعي عاطل عن العمل ؟
      هل عندك ابن متزوج ولديه عائلة وينتظر سكن اكثر من عشرين سنه ؟
      هل عندك ؟؟؟ هل عندك ؟؟؟ ..... الخ

      كيف تعبر عن المظلومية افيدنا بارك الله فيك ايها الشيخ الفاضل

    • زائر 5 | 12:34 ص

      كلام طيب وأرجوا مساعدتي في الفهم

      قد ثم فصل عدد من موظفي الشركة التي أعمل بها يتجاوز عددهم 250 من ذكر وأنثي وجميعهم من الطائفة الشيعية.

      فصلهم غير قانوني بشهادة سعادة وزير العمل وتقرير السيد بسيوني.

      هل يدخل هذا التصرف ضمن ثقافة الكراهية للآخرين؟

اقرأ ايضاً