العدد 1462 - الأربعاء 06 سبتمبر 2006م الموافق 12 شعبان 1427هـ

بممارسة المحافظات اختصاصات «المجالس»؟

هل يعيش العمل البلدي تراجعاً

بعد انقضاء صولات وجولات الانتخابات البلدية في العام 2002، وبدء اجتماعات المجالس البلدية في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، انطلق الحديث عن صلاحيات تلك المجالس في مقابل محافظات المملكة الخمس، إذ إن المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1996 بشأن نظام المحافظات، تضمن عدداً من الاختصاصات البلدية التي منحها القانون لها قبل عشر سنوات، ولكن بمجيء المجالس المنتخبة أصبح وجودها متضارباً مع جهتين أحدها تنفيذية والأخرى تشريعية.

الحديث مازال قائماً عن تداخل الاختصاصات، حتى أن هناك من يتهم المحافظة بالاستجابة لمطالب المواطنين الخدمية بصورة تقوض العمل البلدي ودوره بالنسبة إليهم في مقابل توسع شعبية المحافظات، على رغم إلغاء المرسوم المشار إليه بصدور المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 2002 بشأن نظام المحافظات.

هل مازال نفوذ المحافظات قائماً ويطغى على العمل البلدي؟

ما هو موقع المجالس البلدية في ظل وجود أجهزة تنفيذية في البلديات ووزارة للبلديات ومحافظات خمس؟

هل آن الأوان لإطلاق فكرة السلطة المحلية التي تعطي المجالس البلدية المنتخبة كل الصلاحيات الخدمية وإلغاء أي مؤسسة أخرى تشاطرها هذا الدور؟

علامات استفهام واسعة عرضتها «الوسط» على عدد من الأعضاء البلديين ومسئولين في إحدى المحافظات والأجهزة التنفيذية .

منصور: المضايقات تلاشت بتعديل القانون

ينفي عضو مجلس بلدي العاصمة ممثل الدائرة الرابعة محمد عبدالله منصور، وجود أي مضايقات من قبل المحافظات للمجالس البلدية في الوقت الحالي بعد تعديل قانون المحافظات، على عكس ما كان سابقاً عندما كانت الاختصاصات موزعة بين الطرفين.

وعن أسباب وجود تداخل في الاختصاصات بين المجالس البلدية والمحافظات سابقاً، لفت منصور إلى أن المشرعين الذين وضعوا قوانين المحافظات والبلديات، ربما لم ينظروا بصورة شاملة للموضوع بل نظروا إلى كل قطاع على حدة، من دون إيجاد حال من الترابط بين الطرفين وهنا يكمن الخلل، ففي بعض الدول، المجالس البلدية والأجهزة التنفيذية تأتي في سياق هياكل المحافظات مثل مصر وسورية واليمن.

ورأى العضو البلدي، أن الحكومة تعترف بالمجالس البلدية وهي مازالت تدرس التجربة، وإذا ما توصلت إلى أن قناعة مفادها أن المجالس أدت دورها وأنها بحاجة إلى توسعة في صلاحياتها فإنها ستفعل ذلك، مؤكداً أن الوزارات الخدمية حتى تتعاطى بإيجابية مع المجالس، فهي بحاجة إلى إقناعها بأنها شريك في العمل وليست مسلوبة الاختصاصات.

ميلاد: لابد من إلغاء وزارة «البلديات»

يقول عضو مجلس بلدي العاصمة ممثل الدائرة الثانية مجيد ميلاد: «في البداية كان هناك تقاطع في الصلاحيات بين المجالس والمحافظات، ولكن بعد تعديل قانون المحافظات اختلفت الصلاحيات واقتصر دور المحافظات على الجانب الأمني وبقيت صلاحيات المجالس البلدية كما هي، وإذا كانت رؤية الجهات الرسمية تتجه لتطوير العمل البلدي وإفساح المجال للمجالس البلدية لأخذ دورها كإدارات محلية، فلابد من التفكير في إلغاء وزارة البلديات بشكل جدي، لأنها تهيمن على المجالس وتتمتع باختصاصاتها نفسها من ناحية تطوير وتنفيذ المشروعات الوطنية في المتنزهات والمحافظة على أملاك البلديات وتنمية الاستثمارات فيها، وإذا كانت هناك رؤية لتطوير العمل البلدي فإن ذلك يحتاج إلى إعطائه دفعة من خلال إلغاء وزارة البلديات وتضمين اختصاصات المجالس البلدية ما تقوم به الوزارة حاليا، وهذا الأمر سيعالج مسألة العزوف عن الترشح للمجالس البلدية والتصويت لأعضائها».

وأردف ميلاد «هناك عدم هضم لعمل العضو البلدي لدى بعض الوزارات الخدمية، كما أن مسئوليها غير قادرين على استيعاب اختصاصات المجالس البلدية فيما يتعلق بوزاراتهم، فلو كان المسئولون التنفيذيون في مختلف الوزارات على وعي باختصاصات المجالس البلدية التي أعطاها إياهم القانون لما كانت هناك مشكلة، فعملية تباطؤ تلك الوزارات في تنفيذ المشروعات البلدية مازالت مستمرة، على رغم أن المجالس البلدية جاءت لدفع المشروعات التي تخدم المواطنين بشكل عاجل، غير أن هذه المشروعات تقف في أروقة الوزارات لوقت طويل من الزمن، والنتيجة أن هناك عدم تفهم من المسئولين في دفع عجلة التنمية البلدية».

هجرس: لدينا تعاون مشترك مع المحافظة الوسطى

يؤكد عضو مجلس بلدي الوسطى ممثل الدائرة التاسعة وليد هجرس، عدم مواجهة المجلس البلدي لأية مضايقات من قبل المحافظة الوسطى، موضحاً أن المجلس كان من المبادرين إلى التعاون مع المحافظة في خدمة أهالي المنطقة الوسطى، ولكن لم تجمعهما أية أنشطة عملية سوى اشتراكهما معاً في لجنة الكوارث التي أنشأت قبل الحرب الأخيرة على العراق.

وأشار هجرس، إلى عدم القدرة على الجزم بعرقلة الأجهزة التنفيذية للمجالس البلدية، فالعضو البلدي قوي باختصاصاته وبالقانون الذي يعمل وفقه، فإذا كان ملماً به بصورة صحيحة فسيلبي مطالب أهالي دائرته وفق القانون، مبيناً أن هذه الأجهزة جاءت لتنفيذ قرارات المجلس البلدية، وليس لها الحق في التدخل في مدى صحة القرارات التي تصدر عن المجالس البلدية بعد إقرارها من وزير شئون البلديات والزراعة، معرباً من جهة أخرى عن عدم تأييده لإلغاء وزارة البلديات في الوقت الحالي، فهو يعتقد أن التجربة البلدية وليدة وبعد انتهاء الفصل التشريعي الثاني ستتضح الصورة التي يمكن من خلالها تحديد ما إذا كان بالإمكان الاستغناء عن الوزارة ودورها أم لا.

الحسن: جهد المجلس كان أبرز من دور المحافظة

واستكمالاً لما جاء في حديث نظيره هجرس، ألمح عضو مجلس بلدي الوسطى ممثل الدائرة الثامنة عبدالرحمن الحسن، إلى عدم وجود أية احتكاكات بين المجلس البلدي والمحافظة، فالأعضاء كانوا يعملون وفق برامجهم التي وضعوها ولم يواجهوا أي اعتراض من قبل المحافظة كما يحدث في المحافظات الأخرى، ذاكراً أن جهد المجلس البلدي كان واضحاً وأكثر بروزا من دور المحافظة.

ونوه الحسن، إلى أن كل جهة تعمل وفق دورها واختصاصاتها ولا يمكن إلغاء جهة والإبقاء على الأخرى، ولكن يجب أن تكون الصورة واضحة فيما يتعلق باختصاصات كل منها.

المهندي: المحافظة الجنوبية من أكثر أجهزة الدولة تعاوناً

يوضح نائب رئيس مجلس بلدي الجنوبية ممثل الدائرة الثالثة علي المهندي، بأن المحافظة الجنوبية من أكثر المؤسسات الحكومية تعاوناً مع المجلس البلدي، إذ يبادر موظفوها إلى زيارة البيوت الآيلة للسقوط وإعداد تقرير خاص بها، كما أعدت المحافظة دراسة عن السوق المركزي ودراسة أخرى عن النظافة في المنطقة الجنوبية، مشيراً إلى أن المحافظة لديها الكادر الوظيفي المتخصص في الأمور الهندسية وهو ما يفتقده المجلس البلدي.

وتحدث المهندي، عن وجود تعاون بين جهات حكومية والمجلس البلدي، ومنها وزارة الأشغال والإسكان التي أبدت تعاوناً فيما يتعلق بالطرق والصرف الصحي وقدمت لـ «بلدي الجنوبية» خطتها للمشروعات في المنطقة، إلى جانب وزارة الكهرباء والماء التي شكلت تنسيقية بين المجالس البلدية والوزارة، والإدارة للخدمات البلدية المشتركة التي ساهمت في المشروعات ذات الصلة بتطوير الحدائق والساحات الشعبية وملاعب كرة القدم، داعياً إلى إلغاء وزارة البلديات وإعطاء وزيرها اختصاص وزير شئون مجلسي النواب والشورى ذاتها.

الجنيد: أهم معوق هو تداخل صلاحيات المجالس والمحافظات

من جانبه، أفصح نائب رئيس مجلس بلدي المحرق ممثل الدائرة العاشرة مبارك الجنيد، عن رأيه في هذا الموضوع قائلاً: «أهم معوق هو أن صلاحيات المجالس البلدية والمحافظات متداخلة، وكثيراً ما نوه رؤساء المجالس إلى هذه النقطة حتى أنهم رفعوها إلى الجهات ذات العلاقة، ولكن حتى الآن لم يتم إعادة النظر فيها حتى يكون هناك تمييز فيما بينها ما أدى إلى تدخل المحافظات في اختصاصات المجالس البلدية، وعليه يجب إعادة النظر في هذه المسألة».

وأضاف «تهتم بعض المحافظات بمشروعات من صميم اختصاصات المجالس البلدية كافتتاح مشروع إسكاني جديد أو حديقة أو شارع أو مضمار، بينما يجب أن يكون هناك فصل في الصلاحيات. وأتمنى أن تكون هناك لجان تنسيقية بين المجالس والمحافظات لمعالجة المشكلات وتقديم المقترحات التي تخدم الأهالي، كما أن تحديد الاختصاصات سيعالج الإشكالات الحاصلة من دون الحاجة إلى الاستغناء عن طرف والإبقاء على الآخر، فخلال السنوات الأربع الماضية واجهنا الكثير من المعاناة بسبب التداخل المذكور».

وأوضح عضو مجلس بلدي العاصمة ممثل الدائرة الثالثة صادق رحمة، أن حجم تعاون أجهزة الحكومة مع المجالس ليس بالمستوى المطلوب، متمنياً أن يكون أكثر فاعلية إذ إن تأخير المشروعات هو بسبب غياب التنسيق بين الجانبين، مطالباً بإلغاء وزارة شئون البلديات والزراعة لأنها أكبر معوق للعمل البلدي.

ونبه عضو مجلس بلدي الشمالية ممثل الدائرة السابعة محمد جابر الفردان، إلى تدخل المحافظات أحياناً في اختصاصات المجالس البلدية، معتقداً أن وجود المحافظات في موازاة المجالس البلدية يأتي ضمن السياسة العامة للدولة والتي عينت مجلسين تشريعيين الأول مجلس الشورى والثاني مجلس النواب، ما يؤدي إلى وجود تضارب بين الطرفين والتأرجح في اتخاذ القرار.

حسن: وجود شراكة ضرورة وفق اختصاصات منفصلة

وعن وجهة نظره من موقعه على رأس الجهاز التنفيذي في بلدية العاصمة، قال عبدالكريم حسن: «كان هناك تداخل في الاختصاصات بين المجالس البلدية والمحافظات، ولكن بعد تعديل قانون المحافظات تم فصل المواد المتداخلة، لوجود أكثر من جهة مستقلة تتصل بالعمل البلدي، أشير إلى أن المجلس البلدي لا يمكنه إصدار قرار من دون موافقة وزير شئون البلديات والزراعة، وبما أن المملكة صغيرة المساحة فإن وجود شراكة بين مختلف الجهات ضرورة وفق اختصاصات منفصلة».

الحلاي: القوانين حددت المهمات والاختصاصات للطرفين

استطلعنا رأي أعضاء المجالس البلدية، وانتهينا برأي مسئول كبير على رأس أهم جهاز تنفيذي في المملكة، ولكن ما هو رد المحافظات على ما طرح من تساؤلات. المنسق الإداري بمكتب محافظ الشمالية سيد جعفر سلمان الحلاي، أكد أن قانون رقم (28) لسنة 2005 المعدل لبعض أحكام المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 2002 بشأن نظام المحافظات، وقانون البلديات رقم (35) لسنة 2001 حددا بشكل واضح المهمات والاختصاصات في كلا القطاعين: المحافظات والمجالس البلدية المنتخبة، بل وشملت بنود القانونين الأجهزة الفرعية التي تتبعهما.

ولفت إلى أن المحافظة الشمالية، تعمل بالتنسيق بينها وبين المجلس البلدي ضمن تناغم يتطابق مع القانونين وحدود صلاحيات الجهتين، ولم يكن هناك تضارب طوال السنوات الأربع الماضية.

وتطرق الحلاي، إلى الأسباب التي دفعت إلى ظهور حال من التضارب المحدود في الصلاحيات بين بعض المحافظات وبعض المجالس البلدية وليس كلها، والمتمثلة في اتجاه أعداد كبيرة من المواطنين إلى المحافظات الخمس طلباً للخدمات، في حين أن الوجهة الصحيحة هي المجلس البلدي، وفي هذه الحال لا يستطيع المحافظون إغلاق الباب أمام المواطنين، فيتحركون في اتجاه ما يمكن تنفيذه من أعمال بإبلاغ المجلس البلدي، أو إحالة الأمر إلى الأخير، مدافعاً عن حق المواطن في اختيار السبل التي توفر له العمل، في حال عدم تمكن العضو البلدي وعدم التزامه بتقديم ما وعد أبناء دائرته، مضيفاً «استطيع القول إن المشكلات التي طرأت في هذا الخصوص محدودة ودافعها إثبات الوجود وهذا لا يهم المواطن أو الناخب، لأن الذي يهمه هو الحصول على الخدمة التي كفلتها له الدولة».

وقال الحلاي: «لا يقوم المحافظ مقام رئيس وأعضاء المجلس البلدي، بل ربما منحه القانون سلطة أعلى إذ إن المادة الثامنة من قانون المحافظات اعتبرت المحافظ ممثلا للسلطة التنفيذية في حدود محافظته، ويتولى المساهمة في الإشراف على الخدمات التي تقدمها مرافق وأجهزة الدولة الكائنة في المحافظة، وذلك فيما عدا الهيئات القضائية، ووزارتي الخارجية والدفاع، وهيئات الإدارة البلدية. ورأى الحلاي، أهمية العمل ضمن ما تستدعيه المصلحة من خلال اللجان الفرعية المشتركة والعمل المنسق بين الجهتين بما يجعل كل من كوادر المحافظة والمجالس البلدية تعمل ضمن رؤية واضحة، وليس المنطلق هنا تسجيل نقاط تفوق وسحب الأبسطة، لأن هذا الأمر يضر بالعمل ولا ينفع، آملاً وجود هذه الرؤية في الممثلين المنتخبين الذين سيشكلون المجالس في الانتخابات المقبلة

العدد 1462 - الأربعاء 06 سبتمبر 2006م الموافق 12 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً