العدد 3498 - الأربعاء 04 أبريل 2012م الموافق 13 جمادى الأولى 1433هـ

نجاح خطة عنان للسلام في سورية مرهون بمواقف روسيا

الأسد خلال لقائه بوزير الخارجية الروسي
الأسد خلال لقائه بوزير الخارجية الروسي

يتوقف نجاح أو فشل خطة كوفي عنان للسلام في سورية إلى حد كبير على مدى استعداد روسيا لمواصلة الضغط على حكومة تصر موسكو على حمايتها من الدعوات إلى «تغيير النظام». وإذا لم يلتزم الرئيس السوري بشار الأسد التزاماً كاملاً كما هو متوقع بمهلة تنتهي في العاشر من أبريل/ نيسان لوقف العمليات العسكرية وسحب جيشه من المراكز المأهولة سيستمر عنان - كما يقول دبلوماسيون من الأمم المتحدة - في حث روسيا والصين على مساعدته في الضغط على دمشق لإنهاء الصراع الممتد منذ عام.

وقال الأمين العام السابق للأمم المتحدة الذي أصبح الآن مبعوثاً للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية أمام مجلس الأمن الدولي المكون من 15 دولة يوم الاثنين إن الحكومة السورية وافقت للمرة الأولى على موعد نهائي لوقف القتال بحلول العاشر من أبريل يعقبها وقف عمليات مقاتلي المعارضة في غضون 48 ساعة.

ويأمل المجلس في إقرار الموعد النهائي رسمياً قريباً.

وكانت روسيا قد أيدت المهلة وقالت إن على حكومة الأسد أن تتخذ الخطوة الأولى نحو وقف إطلاق النار. وفي حين تعارض موسكو بشدة التدخل الخارجي في الصراع السوري يقول دبلوماسيون ومراقبون إن موقفها تغير نحو ممارسة مزيد من الضغط على دمشق.

ويكاد لا يكون هناك مسئول أو دبلوماسي بالأمم المتحدة في نيويورك يصدق أن الأسد سيلتزم بما وعد به لأنه لم ينفذ وعوداً سابقة بوقف الهجمات على المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية ومقاتلي المعارضة. وتحدثت مندوبة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة، سوزان رايس رئيسة مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر عن أجواء التشكك التي تخيم على القوى الغربية بالمجلس حين قالت للصحافيين الثلثاء «تشعر الولايات المتحدة بالقلق وبالتشكك الشديد في أن حكومة سورية ستفي فجأة بالتزاماتها».

وأضافت «وإذا لم تفعل فإننا سنتشاور بالتأكيد مع زملائنا في مجلس الأمن بشأن الخطوات التالية الملائمة». ولكن ماذا يمكن أن تكون هذه «الخطوات التالية» نظرياً يمكن أن يفرض المجلس عقوبات على دمشق أو حتى يعطي تفويضاً بالتدخل العسكري لحماية المدنيين السوريين مثلما فعل العام الماضي مع ليبيا وساحل العاج. لكن روسيا - وكذلك الصين - أوضحت معارضتها لفرض عقوبات من الأمم المتحدة وقالت إنها لن تؤيد أبداً استخدام القوة العسكرية للإطاحة بالحكومة السورية. واستخدمت الدولتان حق النقض (الفيتو) ضد مشروعي قرارين يدينان العمليات العسكرية السورية على المحتجين ويلمحان إلى احتمال فرض عقوبات.

لكن إذا رفع عنان تقريراً للمجلس قال فيه إن الأسد لم يلتزم بالموعد النهائي وحثه على تمرير قرار للضغط على دمشق لتنفيذ خطة السلام المكونة من ست نقاط فسيكون من الصعب على روسيا تجاهل هذا الطلب. وتدعو خطة عنان إلى وقف القتال وبدء حوار بين الحكومة والمعارضة بهدف بدء «انتقال سياسي».

لكنها لا تتضمن ما تحملة خطة للجامعة العربية تدعو الأسد للتنحي وهو اقتراح ترفضه دمشق وموسكو بشدة. وأعداد القتلى في سورية في تزايد مستمر. وتقول الأمم المتحدة إن الجيش السوري قتل اكثر من تسعة آلاف شخص بينما تنحي دمشق باللائمة على «جماعات مسلحة» في مقتل نحو ثلاثة آلاف من قوات الأمن. واتهم نشطاء من المعارضة القوات السورية بقصف مدينتين الثلثاء في حملة لإضعاف القوات التي تقاتل حكومة الأسد قبل حلول الموعد النهائي لوقف إطلاق النار.

وواصل مقاتلو المعارضة هجماتهم فقتلوا ثلاثة جنود في وقائع منفصلة بشمال سورية. ووجهت روسيا الاتهام للولايات المتحدة واوروبا مراراً بخداعها في مارس/ آذار 2011 لتمتنع عن التصويت في مجلس الأمن الدولي على التفويض باستخدام القوة العسكرية لحماية المدنيين الليبيين وذلك حتى يتمكن حلف شمال الأطلسي من إسقاط الزعيم الليبي معمر القذافي. وقال دبلوماسي غربي كبير «روسيا لديها ثلاثة أهداف في الوقت الحالي... معاقبة الغرب على ليبيا وإظهار أنها قوة دبلوماسية لا يمكن تجاهلها وحماية قاعدتها البحرية في سورية. هذه الأهداف الثلاثة مهمة للغاية».

لكن روسيا التي ليس لها أي قواعد بحرية خارج الاتحاد السوفياتي السابق إلا في سورية تزداد إحباطاً إزاء دمشق وفشلها في إنهاء الانتفاضة التي تفجرت منذ أكثر من عام بل واتسعت لدرجة جعلت البلاد على شفا حرب أهلية. وقال دبلوماسي بالأمم المتحدة طلب عدم نشر اسمه ويتابع الملف السوري عن كثب إنه حدث «تغير كبير في الموقف الروسي. من الواضح جداً أنهم ضاقوا ذرعا بمراوغة وعناد النظام السوري.» ووصف مسؤول أمريكي كبير تأييد موسكو للموعد النهائي بأنه «تحول مهم».

وقال المسئول الأميركي إن هذا يمنع الأسد من كسب الوقت. وقال عدة دبلوماسيين غربيين إن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أبلغ عدداً من نظرائه الأوروبيين في أحاديث خاصة بأنه ستتم الإطاحة بالأسد على الأرجح غير أن شخصية من دائرته العلوية المقربة ستتدخل وستبقي على سياسات الأسد. وقال دبلوماسي كبير «تعتقد روسيا أن تغيير النظام في سورية سيؤدي إلى نظام إسلامي بعد إراقة الكثير من الدماء... إنها تفضل الاحتفاظ بالحكومة الحالية أو ما شابهها سواء بالأسد او بدونه».

ويتفق الخبير الروسي في شئون الشرق الأوسط، جورجي ميرسكي مع وجهة النظر هذه. وقال إن موسكو تأمل أن يستمر الأسد في الحكم لكنها لا تضع رهانها على حصان واحد استعدادا لأي نتيجة ولتحسين صورتها والاحتفاظ بنفوذها الدبلوماسي. وأضاف أن دعم روسيا لخطة السلام التي اقترحها عنان ولمطلب أن تتخذ القوات الحكومية أولى خطوات وقف إطلاق النار لا يعني أن موسكو تخلت عن الأسد او أنها ستضغط عليه لينسحب من المناطق التي يمكن أن تسقط تحت سيطرة خصومه.

وأضاف ميرسكي كبير الباحثين في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية بموسكو «بالطبع روسيا تريد أن تبقى حكومة الأسد لكنها ليست واثقة من استمراره». ومضى يقول «لو سألت مسئولاً روسيا منذ بضعة أسابيع لقال لك إن الأمر سينتهي قريباً بلا شك وإن التمرد سيسحق. أما الآن فهم ليسوا بهذا القدر من اليقين». وأضاف «ثم أن السلطات الروسية حريصة على أن ينظر اليها باعتبارها حليفة للرأي العام العالمي وشريكة لكوفي عنان».

العدد 3498 - الأربعاء 04 أبريل 2012م الموافق 13 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً