العدد 3501 - السبت 07 أبريل 2012م الموافق 16 جمادى الأولى 1433هـ

نصيباً مفروضاً

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل ستة أعوام كان لي شرف كتابة عدة مقالات والمشاركة مع زملاء آخرين في نشر عدة تحقيقات عن «فشت الجارم»، الذي كان يُخطَّط لبيعه على مستثمرين أجانب بعيداً عن أعين الشعب أو معرفة البرلمان.

قبل أربعة أعوام كتبت عشرات المقالات لإنقاذ «خليج توبلي»، أجمل خليج في البحرين، الذي تُرك يغرق في التلوث حتى تحوَّل إلى مستنقع قاذورات، وسط صمت وتخاذل وزارة البلديات.

قبل عامين كتبت عشرات المقالات عن معاناة قرية المعامير وجوارها من الغازات السامة المنبعثة من المصانع والشركات الصناعية، وتسببت في زيادة عدد المتوفين في هذه القرية المنكوبة بسبب حالات السرطان وأمراض التنفس مقارنةً بمناطق البحرين الأخرى.

هذا العام، أجد نفسي مضطراً منذ أسابيع، للكتابة عن الاستخدام المفرط لمسيلات الدموع، وخصوصاً أنك تعيش في منطقة منكوبة بمعنى الكلمة، وهي نموذج عرضي لحالة عامّة مما يجري من معالجة أمنية لواقع سياسي مأزوم.

عند مدخل قرية البلاد القديم، (2 كم من العاصمة المنامة)، تلقاك صبيحة يومي الجمعة والسبت كميات كبيرة من عبوات الغاز المسيل للدموع. وحين تمر ظهراً تستنشق الرائحة الخانقة رغم مرور 12 ساعة من إطلاق آخر دفعة من هذه الغازات. الجو مشبّعٌ بدرجة كبيرة بهذه السموم.

بعد الدوار الصغير والوحيد عند مدخل القرية، يقابلك منزل أمين عام جمعية سياسية معارضة، تعرّض في الأشهر الأخيرة لعدة رشقات، وسقطت داخله عدة عبوات، وكان في إحدى الليالي موجوداً مع عائلته التي كادت تختنق. ونظراً إلى تهشم بعض نوافذ منزله، اضطر الرجل إلى حمايتها بتركيب شبابيك حديد.

بعد عشرة أمتار، سيقابلك المنزل القديم لنائب المنطقة السابق في برلمان 1973، تعرّض للأضرار نفسها، فاضطر إلى استبدال بوابته الرئيسية إلى الحديد المطاوع. ويقابله بيت آخر استبدل نوافذه بنوافذ أخرى محمية بشبابيك حديد. وهناك منازل أخرى على هذا الشارع الرئيسي، لم يتمكن أهلها من ذلك فوضعوا ألواحاً خشبية لصد ما يتساقط عليها من عبوات.

مساء الخميس الماضي، سقطت عبوة غاز على مكيّف هواء منزل رئيس المأتم السابق، الموجود حاليّاً في الخارج للعلاج، وكادت أن تتسبب في حريق لولا هبّة الأهالي لإطفائه.

في داخل أزقة هذه القرية القديمة، لوحظ في الأسابيع الأخيرة تساقط عبوات الغازات المسيلة للدموع من الأعلى، إذ يجري إطلاقها من مسافات وبصورة شبه عمودية لتسقط داخل المنازل أو فوق السطوح. ومثل هذه الطريقة غير الحضارية والمخالفة للأعراف الشرطية الدولية، تتسبّب في اختناق العوائل الآمنة المستقرة في بيوتها، بأطفالها وشيوخها ونسائها... علماً بأننا نتكلم عن مجموعة من البيوت في منطقة صغيرة لا تتعدى نصف كيلومتر مربع، ولا ينطبق عليها إطلاقاً مفهوم «الحشود» بأي حال من الأحوال.

على مستوى العائلة، اضطرت إلى تركيب شباك حديد على نوافذ منزل البيت العود، حيث تعيش الوالدة، بعدما سقطت عبوة غاز على نافذة نومها قبل أسابيع وهشّمتها. وفي الشقة الخاصة سقطت عبوات الغاز مرتين خلال الفترة الماضية، وكادت أن تتسبب في اختناق أطفالي النائمين حيث نقلناهم لأماكن أخرى. النوع السابق كان عبوة معدنية صلبة تصدر صوتاً عند ارتطامها بالأرض، أما النوع الأخير فيسقط في أكياس بلاستيكية صغيرة، فلا تشعر بسقوطه وإنّما تداهمك رائحته الخانقة وأنت غافل.

إلى جانب الاختناقات بالغازات السامة، هناك الأضرار المادية التي تلحق بأبواب ونوافذ هذه المنازل الشعبية، وأغلبها من طابق أو طابقين، ويحتوي بعضها على حُوشٍ (فناء) صغير، وعند تساقط العبوات، تنتشر فيها الرائحة الخانقة توكيداً على طريقة العقاب الجماعي. كما تشمل الأضرار تكسير زجاج ومرايا السيارات المتوقفة أمام منازل أصحابها. وشكا صاحب مؤسسة تجارية أن بعض زبائنه أصيبوا بالتقيؤ قبل أيامٍ نتيجة كثافة الغازات.

هذا ما ينال قريةً بحرينيةً من مسيلات الدموع يومَي العطلة الأسبوعية... نصيباً مفروضاً.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3501 - السبت 07 أبريل 2012م الموافق 16 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 41 | 6:20 ص

      يا رقم 16 الكاتب ما جاب شي من عنده

      ما يحتاج دليل يالطيب... هذا واقع نعيشه كلنا والكاتب قاسم ما جاب شيء من عنده وانما يوصف وصف دقيق جدا لواقع حال الناس وهم عشرات الالوف. والديل عدد من ماتوا اختناقاً من اطفال وكبار سن وحتى بعضهم في الاربعين من عمره، أليس هذه سموم قاتلة. فاتقوا الله فيما تقولون وتفعلون.

    • زائر 37 | 5:23 ص

      يبغي دليل

      الدليل اختار اليك اي قرية ودشها بتحصل الدليل

    • زائر 34 | 4:50 ص

      لماذا

      افترض من الكاتب الفاضل ان يكون دقيق في وصفه وتسمية الاشياء ، هل لديه دليل بان الغازات ليست مسيلة دموع بل غازات سامة ، لا يجوز اطلاق الاوصاف هكذا دون دليل وليس حسب رغبة الكاتب او سواه

    • زائر 33 | 4:48 ص

      سيد هل فقط القريه التي ذكرتها

      اغلب مناطق البحرين اي ثمانين في المائه تتعرض لمثل هذه الغازات والحرق والتكسير الكل تضررولكن الى الله المشتكى وعليه المعول في الشده والرخى فوالله لايمحى ذكرنا..لقد ابتلينا وسوف نصبر على مايصيبنا انه بعين الله..ياخد الحق وما ظلمونا ولكن كانو انفسهم يظلمون صدق الله العلي العظيم فحسبنا بالله واحدا لايضيع احدا يمهل ولايهمل..اللهم لانسالك رد القضاء ولكن نسالك اللطف فيه..اخواني اكثرو من الدعاء ..الله هو من ينتقم لكل مظلوم شكرا لك سيد على جميع مقالاتك وكتاباتك عن معاناة الناس اليوميه والتي لن تنتهي

    • زائر 31 | 4:16 ص

      لمن تنادى

      اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى

    • زائر 28 | 3:48 ص

      الى زائر

      وانت يا اخي ليش زعلان ومعصب احنه نشتكى. والشكوى الى الله وحتى الشكوى عندكم حرام يا اخي اتقي الله واذا مو عاجبك مقالات الوسط روح أقرا جرايد ثانية مو غصب وفتنة

    • زائر 27 | 3:25 ص

      خبز خبزتيه يا الرفله ....اكليه

      من اوصلنا الى كل هذا ؟ هل كنا كذلك قبل فتنة 14 فبراير ؟ هل الداخلية فاضية شغل او لتتسلى فى قراكم بما ذكرت ؟ هل الداخليه عندها فائض فى ميزانيتها لتصرفها على مسيلات الدموع .

    • زائر 26 | 3:11 ص

      سموم

      سموم الله ايساعد المظلوم وشكد قاسى من لسموم
      هم زايد على الهموم لله يشتكي هذي الظلامه

    • زائر 24 | 3:09 ص

      بسك عاد ياسيد

      سيد اسمح لي برفع عنك التكليف شوي مو تزعل
      بسك عاد كله تشلخ وتفبرك مافي احتجاجات ولا مطالب سياسيه , اصلا ماعدنه شرطة ولا شي اسمه وزارة الداخليه البلد بخير وامان وكل الامور طبيعية وحظرتك تقول مسيل دموع يفلتونه من فوق !!!
      ياحبيبي هذي امطار كبريتية ناتجة عن تلوث الهواء مو اكثر

    • زائر 23 | 3:08 ص

      اتخيل ابني ذوالخمس السنوات

      ينام ويفيق على اصوات الطلق وعلى رائحة مسيلات الدموع ويسمع عن اختناق جدته واستشهاد زوج خالته وبكاء ابناء خالته الدائم على فراق ابيهم ويرى مشاهد يومية ومواقف كثيرة ...

      وأسأل نفسي هل سينسى ابني هذه المشاهد اذا كبر؟؟ حتى لوصار حل سياسي ينهي الازمة

    • زائر 20 | 2:18 ص

      جيفري

      مسيلات الدموع ( الغاز الخانق ) يا سيد هذا جزء من الاصلاحات

      وتكسير السيارات والمحلات التجارية والفصل التعسفي والقبض التعسفي ترى كل هذا ياسيد تهيئة أجواء الحوار

      وإذا فيه أحد مات من المسيل ترى يا سيد يضمنون ليه الجنة

    • زائر 17 | 1:48 ص

      حتى الخضار البحرينية ملوثة

      صرنا نسأل قبل شراء أي نوع من الخضار فإذا كان بحريني ما نشتريه لأنه أكيد ارتوى من الأرض المشبعة بهذه السموم

    • زائر 10 | 1:00 ص

      تعليق رقم 1 نسأل الآمر والمطلق والساكت عن الأدانة تلك المسيلات من المفتنيين

      ماذا لو سقطت هذه المسيلات في بيوتهم وأصابت أطفالهم وعائلاتهم ؟؟ هل سيسكتون ؟ وماذا ستكون ردات فعلهم ؟

    • زائر 8 | 12:51 ص

      ماذا يجنى الفاعل ؟

      لا يجنى إلا كره من الله و الناس و عذاب الشديد فى الدنيا و الأخره . و نحن لا ننسى بان لكل شىء نهايه .

    • زائر 6 | 12:42 ص

      >>بعد شوي ....

      بعد شوي ..راح نلقى مقال يقول بسكم عمى..

      بعد شوي..راح نلقى ناس تقول بسكم فبركة ...

      بعد شوي..راح نسمع مذيع يقول اتق الله في ....

      بعد شوي..يمكن يجوون ويعتقلوني بتهمة المشاركة على التحريض...


      صباحكم احلى من العسل يالوسط

      تحياتي

    • زائر 4 | 11:43 م

      اللهم صبرنا و انصرنا بنصرك

      لقد اصبحت جميع المناطق ايها الكاتب العزيز بما وصفت ... فلا ترى الا نوافذ محطمة وبيوت محروقة وعبوات مسيل ملاقاة على طول الطرق والشوارع

      اللهم صبرنا و انصرنا بنصرك

    • زائر 2 | 10:59 م

      فلفل مطحون

      هذا فلفل مطحون يا سيدنا والمفروض من ربات البيوت يوفرون على ازواجهم من المشتريات وخصوصا البهارات ويستفيدون من الفلفل اللي توفره وزارة الداخليه با المجان الى البيوت

    • زائر 1 | 10:37 م

      ماذا نقول لمطلقها والامر بطلقها ؟؟

      الا تتصور حجم ما تفغله من دمار وتدمير

      الا تتصور حجم وكم ما قتلت وامرضت

      الاتتصور ما تحدثه من رعب وخوف للاطفال وهم نيام

      الاتتصور ان في البيوت شيوخ وكبار سن وعجزة وأطفال

      الا تتصور ان ليس كل البيوت محصنة ومانعة

      الا تتصور بان ما تقذفه سيؤدي الى الوفاة وفعلا هذا ما حدث

      الا تتصور أنك تنتهك حرمة البيوت وتنتهك القانون والاعراف والقيم الانسانية

      الا تتصور بانك بهذا الفعل تثر النقمة عليك وتزرعها في قلوب الصغار

      أي حب تنتظره ممن تمطرهم بسمومك ياقاذف ياأمر يا راضي يا ساكت

اقرأ ايضاً