العدد 3514 - الجمعة 20 أبريل 2012م الموافق 28 جمادى الأولى 1433هـ

الناقد الشناوي: يمكن للخليجيين منافسة المصريين لكن لا صناعة للسينما في المنطقة

أشاد بـ «أمل» و«كرز كياروستامي»

قال الناقد السينمائي طارق الشناوي إن مهرجان القاهرة السينمائي الذي يعقد دورته في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 سيخصص قسماً خاصاً بالأفلام التسجيلية الطويلة، مقتفياً في ذلك أثر مهرجان كان السينمائي الذي يولي عناية فائقة للفيلم التسجيلي ويخصص له جزءاً خاصاً في كل دورة من دوراته.

وأشار الشناوي إلى أن الدورة القادمة لمهرجان القاهرة السينمائي وهي الخامسة والثلاثون ستشهد تطويرات كثيرة ستقوم بها مؤسسة مهرجان القاهرة السينمائي التي تم اختيارها من قبل لجنة المركز القومي للسينما، التي ستعمل بشكل محايد وجاد لأن تنجح المهرجان وتجعل له مردودا قوياً هذا العام.

وأشاد الشناوي، الذي يحضر مهرجان للخليج السينمائي للمرة الأولى، بمستوي الأفلام الخليجية المشاركة في المهرجان مشيراً إلى أن هناك تطوراً كبيراً وملحوظاً في مستوى الأفلام الخليجية.

من جانب آخر أبدى الشناوي إعجاباً كبيراً بالأفلام التي نتجت عن ورشة عباس كياروستامي والتي عرضت خلال الدورة الخامسة من المهرجان ضمن برنامج «كرز كياروستامي» مشيراً إلى أنها أفلام ممتعة ورائعة للغاية وكان يمكن لها أن تعرض في حفل الافتتاح على اعتبار أنها نتاج مباشر للمهرجان، إذ إنها نتجت من ورش عمل أدارها المخرج الإيراني الشهير عباس كياروستامي على مدى 10 أيام خلال دورة العام الماضي من المهرجان.

وقال الشناوي إن فيلم «تورا بورا» الذي افتتح دورة هذا العام وهو فيلم روائي طويل قدمه المخرج الكويتي وليد العوضي، اهتم بعنصر التشويق ولم يتناول القضية موضوع الفيلم بعناية فائقة، مشيراً إلي أن هناك خطاً رفيعاً بين الدين والتطرف كان يجب على صناع الفيلم الالتفات إليه.

وجهات النظر الشناوي تلك جاءت خلال حوار سريع أجرته «الوسط» مع الناقد السينمائي خلال فترة انعقاد الدورة الخامسة من مهرجان الخليج السينمائي التي نظمت في الفترة 10 - 16 أبريل/ نيسان الجاري. فيما يلي نص الحوار الذي تحدث فيه الشناوي عن الأفلام الخليجية وعن صناعة السينما في الخليج وعن قضايا أخرى.

سألته أولاً عن انطباعاته عن المهرجان الذي يحضره للمرة الأولى، فأشار إلى سعادته بما شاهده وقال: «إن عدد الأفلام المشاركة في المهرجان كبير جداً وهناك تباين في المستوى، لكني أرى دائماً أن هذا ما يعطي إرهاصة لحالة السينما في أي بلد ولحال البلد قبل ذلك، ففي المجتمعات العربية هناك مساحة كبيرة للمغامرة الاقتصادية في الفيلم التسجيلي والروائي القصير، وبالتالي ليست هناك خشية من تقديم فن إذ ليست هناك مخاطرة اقتصادية وهكذا يمكن أن نرى المجتمع من خلال هذه الأعمال ونرى أيضاً جرأة المبدع».

الشناوي أشاد بمستوى الأفلام الخليجية التي شاهدها بما في ذلك الأفلام العراقية واليمنية «المستوى مرتفع، وهذه فرصة بالنسبة لي لأن اقترب من هذه الحالات الفنية التي أجد بعضها جيداً جداً مثل الفيلم الروائي الطويل «أمل» الذي أخرجته نجوم الغانم».

فهل ترى أن الخليجيين يسيرون على الطريق الصحيح فيما يتعلق بالتأسيس لصناعة سينمائية في المنطقة.

- كلمة صناعة سينما هي كلمة واسعة لا يجوز استخدامها إذ لا توجد صناعة سينما في العالم العربي، سوى في مصر وفي المغرب بدرجة أقل. أتمنى أن تكون هناك صناعة سينما في كل دولة عربية لكن حين ننظر إلى الواقع سنجد أنه لا توجد صناعة سينما في منطقة الخليج بأكملها.

كيف ترى جهود مهرجان الخليج السينمائي في خلق جيل من المخرجين وصناع الأفلام الخليجيين، عدا عن التأسيس للوعي بالسينما، وخلق بيئة مناسبة تتوافر فيها إمكانات تصوير أفلام سينمائية، أليست هذه مقتضيات صناعة السينما؟

- تتحدثين عن البنية التحتية لهذه الصناعة، لكن المصنع مثل الموجود في هوليوود والهند ومصر يجب أن يتحقق فيه مبدأ الاستمرارية. في حالة الخليج ليس هناك مصنع يشتغل بشكل مستمر، وخصوصاً فيما يتعلق بالفيلم الروائي الطويل، الذي يجب أن نضمن مردوداً جماهيرياً له لكي يستمر إنتاجه، عدا عن ضرورة وجود الدعم له. يمكنك أن تقدم فيلماً حتى لو كان متواضعاً لكن يجب أن يكون له عائد مادي لكي تتمكن شركات الإنتاج من تقديم فيلم آخر بمردود الفيلم الأول، وهكذا تكون قادرة على إكمال الطريق. هذا الأمر ليس قائماً في منطقة الخليج لأن المردود الاقتصادي للأفلام الخليجية ضئيل، الأمر الذي لا يشجع على وجود صناعة سينما في الخليج بالمعنى العلمي للكلمة. الدليل على ذلك هو أن المخرج البحريني بسام الذوادي قدم أول أفلامه «الحاجز» في العام 1992، لم يتمكن بعدها وعلى مدى عشرين عاماً سوى من تقديم ثلاثة أفلام روائية طويلة وهو ما يعتبر رقماً قياسياً على رغم ضآلته لو قارناه بإنتاج أي مخرج مصري. ليس هناك تكرار للعروض السينمائية في منطقة الخليج بحيث يضمن ذلك استمرارية عملية الإنتاج، وإضافة إلى ذلك ليست هناك تنافسية، فمن هو المخرج الآخر للأفلام الروائية الطويلة بعد الذوادي. ليس هناك أحد.

هذه الأفلام الخليجية التي شاهدتها وأشدت بها، هل ترى إمكانية أن يأتي اليوم الذي ترقى فيه لمستوى الفيلم المصري وربما تزاحمه في المهرجانات أو على شباك التذاكر.

- ولم لا، والدليل على إمكانية تحقق هذا الأمر أن هناك أفلاماً على مستوى العالم العربي، تونسية ومغربية وجزائرية ولبنانية وفلسطينية، تعرض في كل مكان وتحصل على جوائز ضخمة. الجمهور المصري لا يتقبل سوى اللهجة المصرية لكن تجري حالياً محاولات في مصر لعرض أفلام من إنتاج دول عربية أخرى.

نعود للسؤال؛ هل يسير الخليجيون في الطريق الصحيح فيما يتعلق بإنتاجهم السينمائي؟

- يرد ضاحكاً: في العالم العربي ليس هناك شيء صحيح مئة في المئة لكن حين يتم عمل ورش بمستوى ورشة المخرج الإيراني عباس كياروستامي التي أنتجت الأفلام التي شاهدناها، فإن هذا يشعر بالاطمئنان. ليست كلها أفلاماً جيدة، لكن هناك حدوداً دنيا تشعر بالاطمئنان، لقد أسعدتني بعض تلك الأفلام.

بعد خروجك من قاعة عرض هذه الأفلام مباشرة، أبديت إعجاباً شديداً بها، وذكرت أنها تصلح لأن تكون عروضاً لافتتاح المهرجان. هل مازلت تحمل الرأي ذاته؟

- نعم، لكن مع انتقاء الأفضل منها، فليست كلها تصلح لعروض افتتاح، يمكن اختيار 6 أو 7 أفلام مثلاً من تلك التي يمكن أن تلمس فيها خيالاً حقيقياً وسينما حقيقية. نعم مازلت أرى أن بعض تلك الأفلام يصلح لافتتاح المهرجان.

هل تخشى على الخليجيين من الوقوع في مأزق السينما التجارية وإهمال تعلم الأصول الفنية الصحيحة لصناعة الأفلام.

- السينما التجارية ليست عيباً وهي جزء حميم من وجود صناعة سينما. حين تجدي سينما تجارية في بلد تأكدي أن هناك صناعة سينما في هذا البلد. هذا لا يعني أنني مع السينما التجارية لكنها مظهر من مظاهر وجود صناعة سينما، وجودها يعني أن هناك جمهوراً يحرص صناع الأفلام على وجوده وعلى إرضائه.

ماذا عن فيلم الافتتاح «تورا بورا»، كانت لك وجهة نظر مغايرة حول الفيلم؟

- الفيلم يتناول قضية الإرهاب المسلح الذي يودي بحياة المدنيين، وأرى أن من يناقش هذه الفكرة الحساسة يجب أن يكون مسلحاً فكرياً وثقافياً وسينمائياً، والفيلم في الواقع يخلط بين الدين ودعوته إلى الجهاد وبين القتل والترويع الذي يطال المدنيين ويعتبر استشهاداً في سبيل الله. كذلك ظل الفيلم يتمحور في إطار فكري ضيق أدى إلى تقييد المضمون، وخضعت المعالجة لحالة من التنميط في تتابع السيناريو ورسم الشخصيات. المخرج استهواه خلق ذروة درامية تواجه الأبطال حتى يضمن جذب الجمهور، لكنه أغفل الإحساس الإنساني. الرؤية الدرامية والفكرية غابت عن العمل، وتحول الأمر إلى مجرد تمضية نحو ساعتين في عمل فني كان ينبغي اختصاره على أقل تقدير إلى النصف، وهو عمل شابته النمطية في التعبير وفي أداء الممثلين على رغم الجهد الرائع في الصورة وفي التعبير الموسيقي. باختصار المخرج لم يمتلك زاوية رؤية يطل منها على هذه القضية الشائكة.

أنت جزء من مؤسسة مهرجان القاهرة السينمائي التي تم تشكيلها أخيراً لإعطاء المهرجان زخماً أكبر، الآن بعد حضورك مهرجان الخليج السينمائي واطلاعك على مستوى الأفلام المشاركة، هل ترى أية أمكانية لتعاون مستقبلي بين المهرجانين، وخصوصاً أن مهرجان القاهرة وضع على قائمة أهدافه تشجيع ودعم التجارب السينمائية الجديدة في العالم كله؟

- مهرجان الخليج السينمائي متخصص في السينما التسجيلية والقصيرة، بينما مهرجاننا في مصر متخصص في الأفلام الروائية الطويلة بالدرجة الأولى، لكن يمكن أن يكون هناك تعاون بين مهرجان الخليج ومهرجان الإسماعيلية المتخصص في الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة.

العدد 3514 - الجمعة 20 أبريل 2012م الموافق 28 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً