العدد 3515 - السبت 21 أبريل 2012م الموافق 30 جمادى الأولى 1433هـ

الـ «سي دي» بـ 100 فلس

عمران الموسوي comments [at] alwasatnews.com

.

بعض الأسئلة الغريبة العجيبة التي تؤرق بشكل خاص شركات الإنتاج الفني والألعاب الالكترونية وألعاب الفيديو، من أين تأتي هذه الأشرطة المتناثرة على أرصفة الشوارع في أنحاء العالم، ومن وراءها ومن يتستر عليها وكيف نصل بهذه الكميات الضخمة التي تباع أحياناً بالكيلوغرام وليس بالقطعة؟

هل هناك عصابات متخصصة في سرقة حقوق الآخرين من خلال طبع ونسخ الأعمال الفنية من أفلام ومسلسلات وأغان، وعصابات أخرى توفر لها الأرضية والعمليات اللوجستية لتجعلها تنتشر بهذا الشكل اللافت ليس في البحرين فحسب بل حتى في دار الحقوق الفكرية والإنسانية كباريس ولندن. وهذه الظاهرة تنتشر بشكل كبير جداً في الأسواق العربية حيث لا يوجد من يطبق القانون بحذافيره على المتجاوزين، من أفراد أو مؤسسات تجارية ذات علامات تجارية معروفة.

اخيرا أيد ديوان المظالم في احدى الدول الخليجية التوصيات الصادرة عن وزارة الثقافة والاعلام والقاضي بأمر تطبيق عقوبة السجن بحق متهم بانتهاك حق المؤلف والحقوق المجاورة ضمن قطاع الاعلام. بلاشك هذه الخطوة غير المسبوقة بإدانة متهم هي البداية الحقيقية للقضاء على ظاهرة القرصنة وحماية الحقوق الملكية والفكرية.

في اعتقادي أن انتشار ظاهرة القرصنة وبهذا الشكل الفاضح يعود إلى أمور كثيرة، أهمها أن الشركات العاملة في مجال القرصنة لا تجد من يردعها ويعرضها للمساءلة فبالتالي نراها تعمل بكامل حريتها، وحتى الأحكام التي تصدر ضدها بين فترة وأخرى أحكام خجولة جداً. والأمر الآخر أن الثقافة العامة لدى الأفراد في المجتمعات الخليجية وهي أن شراء واقتناء الأعمال الفنية بأبخس الأثمان بمثابة «شطارة» و «فهلوة»، فالعامة لا ترى في الحقوق الفكرية سوى شعارات، للاستهلاك المحلي، ولا يوجد عقاب حقيقي لمن يمارس هذه المهنة.

والجميع، من ناحية، والمقلد للبضائع الأصلية سواء كانت شركات منتجة لألعاب الكترونية أو برامج أو أفلام فيديو من ناحية أخرى «شركاء في الجريمة»، وهذه الجريمة أو الاعتداء على حقوق الآخرين لا تقل عن «السرقة» المتعارف عليها في العالم، فمتى ما سمح الإنسان لنفسه بأن يقتني سلعة بأدنى الأثمان ويعلم علم اليقين بأن سعرها أكثر بكثير مما دفعه فهذا التصرف هو الاستيلاء على حقوق الآخرين دون رضاهم وغصباً عنهم.

في اعتقادي أن ظاهرة تفشي القرصنة وعدم الخوف من العقاب «هذا لو كان هناك عقاب» بدأت في سبعينيات القرن الماضي في نسخ الأشرطة إلى أن وصلت الآن إلى كل السلع دون استثناء، حتى قطع السيارات والطائرات والقطارات. حالياً هناك نوعان من السلع الأول أصلي، والثاني «مقلد» وقد يعلم البعض وقد لا يعلم بأن الصين هي التي ساهمت بشكل فاضح ومن دون أي رقابة رسمية أو قانونية على كل الشركات والمؤسسات في انتشار هذه التجارة غير القانونية حتى باتت السلع المزورة والمقلدة تغزو وتنتشر في أنحاء العالم دون استثناء.

يسأل المرء نفسه هل يرضى أن يسلب حقه، فإذا كان لا يرضى بأن يعتدي أحد ما على حقوقه وأملاكه، إذاً لماذا يعتدي على حقوق الآخرين؟، فالجريمة كبرت وشملت كل دول العالم، لسببين الأول منهما هو المبالغة من قبل الشركات المحتكرة لصناعة السلع الأصلية في العالم والجري وراء الأرباح الكبيرة ودون مراعاة للقدرة الشرائية العامة للناس، والسبب الآخر ان كثيرا من السلع المقلدة باتت قريبة جداً من ناحية الجودة من السلع الأصلية، ما شجع الغالبية العظمى من المستهلكين الى ان يقبلوا عليها، وحتى من قبل المستهلكين المرتاحين مادياً، حيث بدأوا في دخول هذا المعترك.

في العام 2025 من المؤمل أن تصبح الصين أكبر قوة اقتصادية في العالم وبالتالي ستصبح أكبر دولة تمارس التقليد في العالم إضافة إلى أن هناك بعض الدول الأخرى التي تمارس صناعة التقليد بشكل فاضح وهي تايلند والهند وتايوان وهونغ كونغ. بعد أن تصبح الصين القوة الاقتصادية الأولى فإنه لن يكون بمقدور أي كان في العالم الوقوف أمامها والتصدي لظاهرة التقليد لأنها بذلك أصبحت القوة المسيطرة والمهيمنة على نسبة عالية من الإنتاج العالمي.

إقرأ أيضا لـ "عمران الموسوي"

العدد 3515 - السبت 21 أبريل 2012م الموافق 30 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً