العدد 3529 - السبت 05 مايو 2012م الموافق 14 جمادى الآخرة 1433هـ

جامعاتنا... والبرنامج العالمي للتربية على حقوق الإنسان

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

لا أدري إن كان ثمة تشابه في الحديث عن التعليم العالي في الوطن العربي، ولكن من المسلَّم به أن واقع الجامعات العربية يشير إلى غياب الحرية الأكاديمية الممنوحة للطلبة في مجالات الفكر والإبداع والابتكار وغير ذلك، وذلك قد يرجع إلى جملة من العوامل المشتركة، منها السياسات التعليمية والقوانين والتشريعات والمناهج التعليمية الموغلة أساساً بالحشو والتكرار والحفظ، والفضاء الجامعي الذي لا يعدو كونه صورة طبق الأصل من البيئة المدرسية.

وبما أننا الآن في منتصف العام 2012، فإن من المناسب الإشارة إلى مشروع خطة عمل المرحلة الثانية من البرنامج العالمي للتربية على حقوق الإنسان (2010 - 2014).

المرحلة الثانية تخصُّ «التعليم العالي»، وهي تأتي استكمالاً لجهود المرحلة الأولى من البرنامج نفسه في منظومتي المدارس الابتدائية والثانوية.

يُذكر أنه وفي العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 2004 تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة «البرنامج العالمي للتربية على حقوق الإنسان»، وهو برنامج ينقسم على مراحل متعاقبة؛ بقصد التركيز على الجهود الوطنية في مجال التربية على حقوق الإنسان على مستوى قطاعات معينة أو موضوعات يحددها بصورة دورية مجلس حقوق الإنسان.

أهداف البرنامج كثيرة، وأبرزها العمل على تكوين فهم مشترك للمبادئ الأساسية والمنهجيات الخاصة بالتثقيف في مجال حقوق الإنسان على المستوى الوطني والإقليمي والدولي اعتماداً على الصكوك والمواثيق الدولية، وذلك في إطار عمل جماعي مشترك لجميع الأطراف الفاعلة المعنية، وتعزيز أوجه الشراكة والتعاون على جميع الأصعدة، وكذا استغلال البرامج القائمة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان ودعمها وإيجاد الحوافز التي تدفع باتجاه ديموميتها أو توسيع نطاقها.

هذا البرنامج أعدته «المفوضية السامية لحقوق الإنسان»، ويركز على التثقيف في مجال حقوق الإنسان في مؤسسات التعليم العالي، وتدريب المعلمين والموظفين المدنيين، والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والعسكريين.

ومن المتوقع أن تتجه خطة العمل نحو تشجيع إدماج التعليم في مجال حقوق الإنسان في التعليم العالي، وفي برامج تدريب الموظفين المدنيين والموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والعسكريين، ودعم صياغة استراتيجيات وطنية مستدامة في هذا الصدد وتنفيذها، وتوفير مبادئ توجيهية بشأن العناصر الأساسية للتثقيف في مجال حقوق الإنسان في التعليم العالي، وفي برامج التدريب الأخرى، وتسيير الدعم المقدم من المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية والمحلية إلى مؤسسات التعليم العالي والدول الأعضاء، ودعم التعاون وإقامة الشبكات بين المؤسسات والمنظمات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية، الحكومية منها وغير الحكومية.

إن أكثر المسائل أهمية في الخطة الموضوعة أنها تنطلق من استراتيجية قائمة على أن التثقيف في مجال حقوق الإنسان في التعليم العالي لا يتعلق بمضمون المناهج الدراسية فحسب، بل يشمل كل المناهج التعليمية والطرق والأساليب التربوية والبيئة التي يتم فيها التعلُّم، وضمان احترام حقوق الإنسان لجميع الجهات الفاعلة، بل وممارسة الحقوق داخل نظام التعليم العالي في خمسة ميادين، وهي:

1 - السياسات وتدابير التنفيذ المتصلة بها، من جهة صياغة سياسات وتشريعات لضمان دمج حقوق الإنسان والتثقيف بها في نظام التعليم العالي، وضمان التناسق والارتباط بينها وبين السياسات ذات الصلة، واعتماد سياسة شاملة لتدريب هيئة التدريس في مجال حقوق الإنسان والوفاء بالالتزامات الدولية المتعلقة بالتثقيف.

2 - عمليات وأدوات التدريس والتعليم، وتفعيل الخطة فيما يتعلق بممارسات التدريس والتعليم ومنهجياتها ومواردها.

3 - البحوث، وخاصة من ناحية المساهمة في استحداث منهجيات وأدوات مبتكرة وفعالة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان وتقييم الممارسات، وإقامة الصلات والشركات والشبكات بين الباحثين في مختلف مؤسسات التعليم العالي وغيرها من المنظمات المعنية.

4 - بيئة التعليم، وتعني ضمان اتساق الأهداف التعليمية لمؤسسات التعليم العالي وممارستها وتنظيمها مع مبادئ حقوق الإنسان.

5 - التعليم والتطوير المهني لهيئات التدريس في التعليم العالي؛ لتمكينها من تحمل مسئولياتها، ووضع مقررات للتدريب قبل وأثناء الخدمة، ووضع منهجيات التدريب المناسبة واستخدامها، ووضع مواد وموارد التدريب المناسبة.

أما الجهات المسئولة عن تنفيذ الخطة فهي وزارات التعليم أو التعليم العالي، بالتعاون مع الإدارات الحكومية المعنية الأخرى ومؤسسات التعليم العالي.

تستوجب الخطة توجيه التعاون والمساعدة الدولية نحو تعزيز القدرات الوطنية على التثقيف والتدريب في مجال حقوق الإنسان، على أن يجري كل بلد ـ على سبيل المقترح ـ في ختام المرحلة الثانية مطلع 2015 تقييماً للإجراءات المنفذة في إطار خطة العمل، وأن تعدّ المفوضية السامية لحقوق الإنسان تقريراً شاملاً بالاستناد إلى تلك التقارير الوطنية وتقدمه إلى مجلس حقوق الإنسان في العام 2015.

السؤال المطروح: لِمَ كان التركيز على قطاع التعليم في البرنامج العالمي للتربية على حقوق الإنسان؟

ترى منظمة «اليونسكو» أن التعليم الجيد المستند إلى منهج حقوق الإنسان ينبغي أن يشمل قيماً مثل السلام وعدم التمييز والمساواة والعدل واللاعنف والتسامح واحترام الكرامة الإنسانية، ومما لا ريب فيه أن الاهتمام بالتربية على حقوق الإنسان جاء متأخراً في المنطقة العربية، حيث كان ولايزال مقتصراً على جهود بعض المنظمات غير الحكومية.

من هنا كان من الواجب على الدول الأعضاء الإسراع إلى وضع خطط وطنية لتطوير التعليم العالي في مجال التربية على حقوق الإنسان، بحيث تتضمن مرجعية أممية واستراتيجيات فاعلة ترصد لها الإمكانيات البشرية والمادية اللازمة، والقيام بمراجعة المناهج التعليمية بمؤسسات التعليم العالي من منظور حقوقي، والتي قد تتصادم بعض مفرداتها مع مفاهيم حقوق الإنسان، هذا إلى جانب إشراك مؤسسات المجتمع المدني في وضع السياسات الجامعية.

ربما نُواجَه ببعض المعوقات، وما يمكن أن تشكله الإضافات الجديدة في ثقافة حقوق الإنسان من تحديات حقيقية من جهة التضخم والحشو بالمناهج الدراسية الحالية كما سبق ذكره، أو بأي الأقسام الأكاديمية يلحق تعليم حقوق الإنسان والتربية عليها، والحاجة الفعلية لأساتذة الجامعة وطاقم التدريس أنفسهم إلى التحفيز والتدريب على ثقافة حقوق الإنسان، ومنح الدرجات العلمية مثلاً على مستوى الدبلوم الخاص بحقوق الإنسان وما شابه ذلك.

ولكي يواكب التعليم العالي فلسفة وغايات البرنامج العالمي للتربية على حقوق الإنسان، فإن من الواجب البدء بتعديل بعض مواد القانون رقم (3) لسنة 2005 بشأن التعليم العالي في مملكة البحرين.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3529 - السبت 05 مايو 2012م الموافق 14 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً