العدد 3537 - الأحد 13 مايو 2012م الموافق 22 جمادى الآخرة 1433هـ

الإنسان هو من يذل الإنسان

عمران الموسوي comments [at] alwasatnews.com

.

من أكبر الشواهد الأثرية في العالم الأهرامات في الجيزة، وحدائق بابل المعلقة في العراق، وهيكل آرتميس في اليونان، وضريح موسولوس في تركيا، وسور الصين العظيم، ومنارة الإسكندرية في مصر، وتمثال زوس في اليونان. هذه الآثارمن فرط ضخامتها بحيث يكون في مقدور رواد الفضاء مشاهدتها من المركبات الفضائية. بلاشك استغرق بناء هذه الآثار عشرات السنين وبعضها مئات السنين وسخر الأباطرة على مر السنين مئات الآلاف من مواطنيهم لبناء هذه الشواهد أو الآثار، وطوال فترة البناء مات من مات ودفن من دفن مع فترة التشييد وكل ذلك نزولاً عند رغبة المتحكم والمسيطر على رقاب العباد.

هذه النزعة الغريبة لدى الإنسان منذ الأزل حتى يومنا هذا تقودنا إلى موضوع في غاية الأهمية وهي النظرة الفوقية للإنسان على بني جلدته، وأكبر إثبات على ذلك بأن القناصة في ميدان التحرير وهم يرمون بني جلدتهم بالرصاص الحي لم يكونوا يقصدون تفريقهم أو تخويفهم بقدر ما كانوا ينوون قتلهم وتفجير جماجمهم، وهذه الحادثة ما هي إلا واحدة قد تنسى في يوم من الأيام عما نراه ونشاهده من أفعال تقشعر لها الأبدان في كل الأقطار العربية.

فأسرار عالم التعذيب في عالمنا المعاصر لا يمكن تخيلها، وخبايا الاعتقال وأسرار الاستجواب وأفعال وأعمال المتسلطين لا حصر لها ولا تنمّ إلا عن عنف الإنسان ضد أخيه من قديم الزمان وحبه لممارسة العنف والاضطهاد ضد أخيه الإنسان فلا ترى ديناً يردع ولا مذهباً ينفع.

إن تعامل البشر واحترامهم وتقديرهم وعدم التقليل من آدميتهم وإعطائهم الحقوق التي منّ الله بها عليهم يتطلب تغيير المفاهيم وتبديل الرؤى والاحتكام إلى مفاهيم القيم الجديدة للإنسان العصري فاحتقار البشر وتسخيرهم كما بدأنا عندما قام أباطرة الصين ببناء سور الصين العظيم من أجل حماية أنفسهم وبغض النظر عن المخاطرة والصعاب التي لحقت بالعاملين جراء عملية التشييد وجعلتهم يدفنون داخل السور كما لو كانوا جزءاً من صخوره أو جداره. وفي تشييد الأهرامات كان البناءون يعتبرون ذاهبين إلى الحرب بسبب خطورة العمل الشاق، فقد لا يعودون إلى بيوتهم.

لاشك أن تلك الأساليب الوحشية التي مارسها الإنسان ضد بني جلدته كانت ومازالت موجودة حتى يومنا هذا، كما حصل في ميدان التحرير لم تكن إلا حالة واحدة مما نراه في احتقار الإنسان القوي للإنسان الضعيف.

إقرأ أيضا لـ "عمران الموسوي"

العدد 3537 - الأحد 13 مايو 2012م الموافق 22 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً