العدد 1413 - الأربعاء 19 يوليو 2006م الموافق 22 جمادى الآخرة 1427هـ

الإرهاب و«أبناء النواب»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الشارع البحريني اليوم شارعان، بفضل غلبة الصبغة المذهبية الواضحة للأسف الشديد. فنحن أمام شارعٍ له خبرةٌ طويلةٌ بالسياسة وأهوالها، وقدرةٌ كبيرةٌ على التكيّف مع التغيرات والضغوط والقوانين، أما الشارع الآخر فهو جديدٌ على السياسة، بسيطٌ في تطلعاته، من السهل التلاعب بعواطفه، من هنا يجري استغلال نقص الخبرة هذا من قبل بعض الكتل والأفراد والمشايخ.

الشارع الأول جرى وتجري محاولات تكبيله وتكميمه بالقوانين والإجراءات، أما الشارع الثاني، فيجري الآن «تحريكه» و«تدريبه» على الحبو، وما هي إلا غمضةُ عينٍ حتى يشبّ الطفل على الطوق، شاباً مفتول العضلات، له همةٌ تحرق الأرض وتزلزل الجبال. والصبيان الذين لبسوا قمصاناً عليها صورة أسامة بن لادن قبل ثلاثة أشهر، أو كتبوا شعار «ترحّموا على القائد المجاهد أبومصعب الزرقاوي» قبل شهرين، على جدران مقبرة المحرق، هذا الجيل الجاري تعبئته هو أول من سيدفع ثمن تطبيق «قانون الإرهاب» الذي مرّرته الكتل البرلمانية الثلاث: المنبر الوطني الإسلامي الاخواني والأصالة السلفية والمستقلون.

جغرافياً، نحن أرخبيلٌ من الجزر، لكن سياسياً، نحن فضاءٌ مفتوح على كل التيارات والاحتمالات، والمنطقة اليوم تتجه نحو مزيدٍ من العنف والدماء والدمار، وما يجري في أفغانستان والعراق وفلسطين... وأخيراً لبنان، كلها عوامل تأجيج لمشاعر النقمة والغضب والانتقام، خصوصاً مع سقوط الموقف العربي الرسمي المريع، وأبرز تجلياته هذا الموقف الجماعي المتخاذل من تدمير غزة ولبنان. وهي أمورٌ تدفع نحو مزيدٍ من أعمال الاحتجاج والرفض، بالذات في الشارع الذي مازال حتى اليوم هادئاً مؤدباً مطيعاً، ويحظى باحترامٍ وتسامحٍ رسمي كبير. من هنا ستشهد الساحة، شئنا أو أبينا، مزيداً من أعمال «الإرهاب»، بحسب التعريف الجديد المعتمد رسمياً في وسائل الإعلام، فهل ستكتشف الكتل الثلاث غداً، أنها وقعت برجليها في الفخ، تصديقاً للحديث المأثور: «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها»؟

الوعظ طبعاً لا يفيد مع الكيد والتنفّع، فالكتل الثلاث (المنبر والأصالة والمستقلين) اجتمعت مصالحها الآنية قصيرة النظر على تمرير قانون الإرهاب من دون مناقشة، هكذا بكل بساطة، ولم تفكّر بالمستقبل المنظور، بينما العاقل ينبغي أن يحسب حساباته، فـ «النعم لا تدوم»، وليس في السياسة أصدقاء دائمون، أو تحالفاتٌ ثابتة، فكيف إذا شبّ الصبية عن الطوق، يكفّرون كل الساسة والسياسيين والنواب والجمعيات الذين لا يحكمون بما أنزل الله؟

الوعظ لا يفيد، فقد قضت الكتل الثلاث أمرها، ومرّرت قانونها، ولا ندري كم كان الثمن، لكن ربما يسعف التاريخ قصار النظر، لأنه يذكّرهم بتقلبات الساسة وتحولات السياسة. هؤلاء حتماً لم يقرأوا قصة أبي مسلم الخراساني، ولم يعرفوا نكبة البرامكة، ولم يعتبروا بتاريخ الإمام الشهيد حسن البنا، ولا سيد قطب.

دورةٌ واحدةٌ قصيرةٌ لن تطول، سيغمضون أعينهم، سرعان ما يفتحونها على صورة الأغلال في رسغ أبنائهم، وجيرانهم وأبناء «فرجانهم»، في خلايا قادمة تملأ الساح وتغرق الوادي بالدماء.

ابشري أيتها الكتل الثلاث، فما بين غمضةِ عينٍ وانتباهتها، يغيّر الله من حالٍ إلى حال، وسرعان ما تحترق قلوب بعض من مرّر القانون من دون نقاش، وخسر هنالك البصّامون

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1413 - الأربعاء 19 يوليو 2006م الموافق 22 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً