العدد 1418 - الإثنين 24 يوليو 2006م الموافق 27 جمادى الآخرة 1427هـ

أبعاد زيادة الإنفاق السعودي على الأسلحة

توسع المملكة العربية السعودية من ترسانتها العسكرية لمواجهة ما تعتبره تزايداً للنفوذ الإيراني في منطقة مضطربة تعاني من أعمال عنف.

يقول محللون ودبلوماسيون إن قصف «إسرائيل» للبنان بعد أن أسر حزب الله جنديين إسرائيليين زاد من المخاوف في السعودية إزاء سياسات إيران صاحبة النفوذ في الشرق الأوسط. قال مستشار سعودي لـ «رويترز» طلب عدم نشر اسمه «هناك فهم الآن أن من الضروري مواجهة إيران، سيكون هناك إنفاق استراتيجي هائل على الدفاع استنادا إلى المبدأ الدفاعي الجديد». وعلى مدى العام الماضي انتقد مسئولون سعوديون علانية النفوذ الإيراني في الحكومة العراقية واحتمال حصول إيران على أسلحة نووية.

وبعد أن قصفت «إسرائيل» حزب الله ألقت السعودية حليفة الولايات المتحدة بالمسئولية على حزب الله في الحرب التي أسفرت إلى الآن عن سقوط 369 قتيلاً في لبنان وتدمير البنية الأساسية.

وقال دبلوماسي غربي في الرياض «كانت إيران أكثر عدوانية (على مدى العام الماضي) جعلت السعوديين في موقف لم يمروا به طوال 10 سنوات، من هو مصدر الخطر الاستراتيجي بالنسبة لهم على المدى الطويل، إنهم يعتبرونه إيران». تتمتع السعودية بثقل سياسي عالمي ومن أسباب ذلك أنها أكبر مصدر للنفط في العالم وعلى مدى الأسبوع الماضي أنفقت مليارات الدولارات على معدات عسكرية.

وقالت واشنطن يوم الخميس إنها وافقت على بيع 24 طائرة مروحية بلاك هوك وأجهزة لاسلكية ومدرعات وغيرها من المعدات العسكرية بقيمة أكثر من 6 مليارات دولار. كما وقعت السعودية مع فرنسا اتفاقاً للتعاون الدفاعي يوم الجمعة وقال مصدر بالحكومة الفرنسية إن هناك اتفاقا وشيكا بشأن تزويد السعودية بطائرات مروحية وطائرات التزود بالوقود.

ومن المقرر أن تشتري الرياض ما يصل إلى 72 مقاتلة طراز تايفون في صفقة مع بريطانيا يمكن أن تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار. وتقول مجموعة جينز للمعلومات إن الأحوال المادية الصعبة في التسعينات حالت دون المضي في خطط التوسع في المعدات العسكرية. ولكن ارتفاعاً هائلاً في أسعار النفط العالمية ساعد على تغيير مسار السعودية. قالت جينز في تقرير نشر الشهر الماضي «القوات البرية السعودية الملكية الصغيرة نسبيا تنتشر بشكل مضغوط لمواجهة مخاطر في عدة جبهات. والقوات البرية السعودية أصغر من القوات البرية الإيرانية». وقدرت جينز أن الجيش يضم 70 ألف فرد في حين أن الحرس الوطني الذي يمثل النخبة يضم نحو 77 ألفا. وقال المستشار السعودي إن الحكومة تريد رفع إجمالي عدد الجنود بواقع نحو 25 في المئة كما أن قوة الحرس الوطني من المفترض أن يتوافر لها قواتها الجوية الخاصة. ولا توجد نية لتجنيد المزيد من الأفراد.

كانت السعودية تعتمد على الحماية العسكرية الأميركية خلال أزمة الخليج في العامين 1990 و1991 حتى العام 2003 عندما رحلت القوات لأن الدعم الأميركي لم يعد مقبولاً سياسياً. ويقول محللون إن الوجود الأميركي قرب مواقع في مكة والمدينة كان عنصراً رئيسياً في قيام الحملة التي شنها تنظيم «القاعدة» في العام نفسه. وظهرت إيران كمصدر قلق رئيسي للسعودية منذ أن تولى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد السلطة في العام الماضي.

قال مشاري الذايدي وهو كاتب صحافي في صحيفة «الشرق الأوسط» في الأسبوع الجاري: «إيران تغزو العالم العربي وتحرق الأخضر واليابس وتقلب الطاولة وهي من تعيدها إذا أرادت والعرب يتفرجون، كل ذلك من اجل أن تفرض هيمنتها على المنطقة وتجعل العراق منطقة نفوذ إيراني ساعية إلى إيجاد كيان شيعي أصولي عربي في العراق». وفي لبنان ترى الرياض أموالها تذهب هباء. لقد كانت السعودية داعماً سياسياً واقتصادياً رئيسياً للنظام اللبناني بعد انتهاء الحرب الأهلية والذي كان شكل بموجب الاتفاق الذي وقع في العام 1989 في مدينة الطائف السعودية.

وقال المستشار السعودي عن حزب الله «انه تمكن من هدم الهيكل المتين المستقر الذي استغرق منا 20 عاماً لنبنيه في غضون أسبوع واحد» وأبدى أسفه على النفوذ الهائل لإيران مقابل ما رأى انه إنفاق محدود على حزب الله. ولكن الموقف السعودي أثار جدلاً كبيراً في العالم العربي إذ يلقى حزب الله دعماً كبيراً. ووصف الكثيرون في المنطقة السعودية ومصر والأردن بأنها تبارك بشكل غير مباشر محاولات «إسرائيل» للقضاء على حزب الله. وقال الدبلوماسي «هذا صعب عليهم لأن الرأي العام يؤيد حزب الله بشدة». ويعتبر غالبية العرب «إسرائيل» هي مصدر الخطر وليست إيران التي يرحبون بمساعدتها. وقال المسئول السعودي إن «إسرائيل» ليست لها طموحات لإقامة إمبراطورية في حين أن إيران لديها تلك الأحلام. وبدأ القلق يساور الحكومات العربية الحليفة للولايات المتحدة من إيران منذ العام 2003 عندما بدأت شوكة الشيعة تقوى في العراق. وتحدث العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن «هلال شيعي» يمتد إلى لبنان.

وقال محلل سعودي مقيم في الولايات المتحدة طلب عدم نشر اسمه إن هناك مبالغة في تلك المخاوف. ومضى يقول «يبدو أن السعوديين سيواصلون الإنفاق على الأسلحة الحديثة على الأرجح بغض النظر عما إذا كان هذا الهلال الشيعي الذي تقوده إيران واقعاً أم لا»

العدد 1418 - الإثنين 24 يوليو 2006م الموافق 27 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً