بعد حملة القصف العنيفة التي استهدفته شخصياً تواصل «إسرائيل» ملاحقة السيدحسن نصرالله بعد أن أمضت عشرين عاماً وهي تسعى إلى التخلص من قيادة حزب الله الذي يقارع منفرداً تفوقها العسكري.
يقود السيدحسن نصرالله (46 عاماً) حزب الله منذ العام 1992 ولا تطوله الآن ترسانة طائرات الاستطلاع والصواريخ والقنابل المسيرة لاسلكياً التي تستمد منها «إسرائيل» قوتها. ويستمر في إدارة المواجهة مع الدولة العبرية من دون أن تظهر عليه حتى الآن عوارض ضعف.
ويرتبط بمصير هذه المواجهة موقع نصرالله، المقاتل ضد «إسرائيل» منذ البداية، وكذلك مصير حزب الله الذي نجح السيد في رفعه إلى مصاف اللاعب الرئيسي في الساحة السياسية اللبنانية والإقليمية.
لاحقت غارة إسرائيلية «السيد» بعمامته السوداء ونظاراته المربعة ولحيته الكثيفة منذ بداية عملية «تغيير المسار» الواسعة التي تشنها «إسرائيل» ضد لبنان، واستخدمت تقنية القصف الدقيق التي تعتبر من الأسلحة الحاسمة بنظر واضعي الخطط الاستراتيجية من إسرائيليين وأميركيين.
ففي 14 يوليو/ تموز دمر القصف الإسرائيلي مكاتب ومنزل الأمين العام لحزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية بقصف يشبه تماماً القصف الذي شنه الأميركيون ضد صدام حسين في أول أيام الحرب على العراق في مارس/ آذار 2003. فـ «إسرائيل» غالباً ما تعتمد أسلوب «التصفيات الهادفة» ضد أعدائها اللبنانيين والفلسطينيين. وبهذه الطريقة تمكنت في العام 1992 من اغتيال الشيخ عباس الموسوي الذي كان أميناً عاماً لحزب الله قبل تسلم نصرالله مهماته.
واعتمدت «إسرائيل» الطريقة نفسها لتصفية رموز من المقاومة الإسلامية مثل الشيخ راغب حرب رمز أولى المعارك ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي اغتالته في العام 1984. كما تلجأ «إسرائيل» إلى خطف مسئولين في حزب الله مثل الشيخ عبدالكريم عبيد الذي اختطفه «كومندوز» إسرائيلي من قريته في جنوب لبنان في العام 1989 أو مصطفى الديراني أحد مسئولي الاستخبارات الذي اختطفته مجموعة «كومندوز» إسرائيلي من قريته في شرق لبنان في العام 1994.
ونجح نصرالله، عبر العمليات العسكرية، في دفع «إسرائيل» إلى الانسحاب من جنوب لبنان في مايو/ أيار 2000 بعد احتلال استمر 22 عاماً مكرساً بذلك موقعاً متقدماً.
ومن أبرز انتصاراته كذلك تحرير عبيد والديراني وأكثر من 400 فلسطيني ولبناني في عملية لتبادل الأسرى تمت في العام 2004 عبر وساطة ألمانية.
حينها وقف نصرالله إلى جانب كبار مسئولي الدولة يستقبل المحررين لدى وصولهم جوا إلى مطار بيروت في 25 يناير/ كانون الثاني. وعلى إثرها ازدانت شوارع الضاحية الجنوبية الرئيسية على مدى أسابيع بلافتات تحمل صور رئيس الجمهورية اميل لحود ونصرالله كرمز لتأكيد الطائفة الشيعية مجدداً لموقعها.
كرست هذه الانتصارات موقع حزب الله الذي تصنفه الولايات المتحدة و«إسرائيل» منظمة إرهابية والذي يشتبه في أنه نفذ اعتداءات دامية في لبنان وخارجه واعتمد أسلوب خطف الأجانب. لكن أمين عام حزب الله غامر بمكاسبه عندما عمد إلى أسر جنديين إسرائيليين في 12 يوليو/ تموز. بات مصيره على المحك فإما يضاعف أرباحه وإما يكون خاسراً.
حتى الآن نجح «السيد» في التخلص من القنابل الإسرائيلية. ولم تعد استراتيجية الدولة العبرية بالوضوح الذي كانت عليه عند إطلاق هجومها الواسع على حزب الله ولبنان.
«في أول مناسبة سنقوم بتصفيته» أكد الوزير زئيف بويم المقرب من رئيس الحكومة الإسرائيلي ايهود أولمرت غداة الغارة التي استهدفت نصرالله. وبعد أيام قليلة فقط أكد الجنرال قائد المنطقة العسكرية شمال «إسرائيل» اودي آدم «ان تصفية قائد حزب الله ليست من أهداف الحملة الإسرائيلية الجارية».
أف ب
العدد 1418 - الإثنين 24 يوليو 2006م الموافق 27 جمادى الآخرة 1427هـ