العدد 3569 - الخميس 14 يونيو 2012م الموافق 24 رجب 1433هـ

هل تستطيع البطون الخاوية توحيد مصر؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بدأ يوم 20 مايو/ أيار إضراب جماعي رمزي عن الطعام لمدة 24 ساعة في مصر احتجاجاً على الاعتقال المستمر للناشطين المصريين في السجون العسكرية. حصل نجاح المضربين الفلسطينيين الأسرى عن الطعام أخيراً على اهتمام دولي وألهم حركات مماثلة في دول أخرى، وهو مؤشر على أن المقاومة اللاعنفية بدأت تغرس جذورها في الشرق الأوسط كتكتيك للدفع باتجاه العدالة وحقوق الإنسان.

يقدّر الناشطون في مصر أن 12.000 شخص جرت محاكمتهم من قبل السلطة العسكرية منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك العام 2011. ويضم هذا العدد نحو 300 فرد ألقي القبض عليهم في عملية جرت أخيراً من قبل الشرطة العسكرية بعد مظاهرة احتجاجية في بداية شهر مايو أمام وزارة الدفاع جرى تفريقها بالقوة من قبل الجيش.

أصيب كثيرون بجروح وتم اعتقال المئات، يتوقع أن تتم محاكمتهم في محاكم عسكرية. ويطالب الآلاف من الذين يتابعون هذه القضية بإطلاق سراح المعتقلين. رداً على ذلك، بدأ المعتقلون إضراباً مفتوحاً عن الطعام.

سُمِعت نداءاتهم من قبل خمسمئة مصري على الأقل وآخرون عبر الشرق الأوسط، انضموا إليهم في إضراب مفتوح عن الطعام لمدة 24 ساعة تضامناً مع المعتقلين في أول إضراب غير عنفي عن الطعام على صعيد المنطقة بأسرها من نوعه.

ومن بين المشاركين في هذا الإضراب خالد علي، المرشح الرئاسي المصري السابق، وغيره من الشخصيات البارزة.

شكّلت أخبار الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية وهم يرفضون تناول الطعام احتجاجاً على التوقيف الإداري إلهاماً، ولكن الإلهام يتم في الاتجاهين.أثناء الإضراب عن الطعام لمدة 24 ساعة تضامناً مع المعتقلين في مصر، انضم عدد من الناشطين الفلسطينيين إلى نظرائهم المصريين خلال ذلك اليوم حيث رفضوا تناول الطعام، مُظهرين تعاوناً وتضامناً هناك حاجة ماسّة له في المنطقة.

كذلك كانت هناك تقارير عن سعوديين ولبنانيين، إضافة إلى أعداد كبيرة من المصريين المغتربين، انضموا إلى هذه الجهود.

قرر المصريون استخدام هذا التكتيك اللاعنفي ضد المجلس العسكري، الذي وعد وبشكل متكرر بتسليم السلطة إلى حكومة مدنيّة. وفي الوقت الذي كان فيه الهدف من الإضراب هو إطلاق سراح السجناء، فقد شكل أيضاً عملاً مباشراً ضد ما يراه الكثيرون على أنه السلطة الدكتاتورية المتزايدة للمؤسسة العسكرية.

أصاب القلق الكثير من المصريين وأفراد من المجتمع الدولي، منذ الذكرى السنوية الأولى للثورة، من أن يكون العنف قد حلّ مكان المظاهرات السلمية التي تميزت بها الثورة المصرية منذ البداية. ولكن الأعمال اللاعنفية كهذه تعزز الصورة السلمية لثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني وتُظهِر أن اللاعنف مازال له وجود في العالم العربي.

إضافة إلى ذلك، فإن هذا يشكل خطوة كبيرة بعيداً عن العنف الذي يبدو أنه ينتشر عبر الدولة في غياب الأمن في الشوارع. كذلك فإن العمل اللاعنفي المباشر يعتبر كذلك أكثر فاعلية في إلهام التغيير من المظاهرات وحدها، الأمر الذي يكون له أثر بعيد المدى على الشخص العادي.

أظهر بعض المصريين دعماً للجيش لأنهم يؤمنون أن الجيش قادر على توفير الأمن. وكلما طال أمد إضراب المعتقلين، كلما فقد الجيش تعاطف المصري العادي.

من خلال استخدام العمل اللاعنفي، مثل الإضراب عن الطعام، يمكن للمصريين جمع الليبراليين والمحافظين معاً حول قضية واحدة هي إطلاق سراح السجناء، رغم أنه يمكن لهذه الجماعات ألا تتفق حول قضايا سياسية أخرى. تلك هي قوة اللاعنف وسبب كونه نموذجاً ناجحاً من التغيير الاجتماعي في مصر اليوم. إضافة إلى ذلك، يمكن لهذا النموذج أن يساعد على تشكيل مستقبل مصر، وهو مستقبل ندرك من خلاله أن بيننا أمور مشتركة أكثر من الخلافات والفروقات.

أثبت العرب عبر المنطقة بأسرها، من خلال رفض تناول الطعام أن فكرة غاندي في العمل اللاعنفي المباشر تستطيع تحسين مجتمعاتنا. يتوجب علينا النظر إلى هذا العمل الذي جرى أخيراً على أنه بداية عهد جديد من الاحتجاجات أساسه النضال الموحّد من أجل الحرية.

وتماماً كما سار غاندي على رأس مظاهرة نحو البحر تعبيراً عن رفضه التعاون مع السلطات الاستعمارية البريطانية، يستطيع المصريون المساهمة والمشاركة في نظام ثورتهم ومطالبهم ومستقبلهم في أيدي قلة من الناس، هم الجيش. واقع الأمر هو أن هذا النوع من عدم التعاون قد يكون أكبر قوة تملكها مصر في كفاحها من أجل العدالة والحرية.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3569 - الخميس 14 يونيو 2012م الموافق 24 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً