العدد 3571 - السبت 16 يونيو 2012م الموافق 26 رجب 1433هـ

دولة القانون وغياب تفعيلها في المجتمعات العربية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

الملاحظ في السنوات الأخيرة عودة سريعة بمنطقتنا العربية إلى الانتماءات التي تضعف الوطن، بل إن الدولة أصبحت - كما يراها الكثير من الناس - ممثلة لفئة معينة من المواطنين على حساب مواطنين آخرين، وهذا معناه أنها تكون ضد مفهوم حكم القانون الذي يحمي المواطنين من الظلم والتجاوزات.

وعلى رغم أن المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان قد لعبت دوراً في إشاعة المبادئ الأساسية لحقوق الأفراد والجماعات عبر وسائل الاتصال المختلفة وذلك من خلال الإقناع والضغط على دول العالم بهدف الإسراع للدخول في معاهدات دولية تلزم توفير الحدود المتفق عليها من الحقوق الأساسية للإنسان؛ فإن هناك من الدول العربية مثلاً من يراوغ أو يتجاهل ذلك لأنه قد يؤثر على مصالح فئة دون أخرى في ظل غياب تفعيل حقيقي للديمقراطية مع الاستمرار في إصدار مزيد من القرارات القمعية التي تنتهك حرية التعبير بأي شكل من الأشكال.

إن الساحة العربية تشهد تحديداً تباينا في مواقفها بشأن هذا الملف؛ وخصوصاً عندما تستند إلى اعتبارات دينية واجتماعية سواء كانت حقيقية أو مزعومة تفضل ترديدها لإعطاء حجج في توقيع بعض المعاهدات الخاصة بجوانب متعلقة بحقوق الإنسان المنبثقة من لجان تابعة لهيئة الأمم المتحدة.

والأمثلة كثيرة في عالمنا العربي بما في ذلك دول الجوار التي عادة ما تلجأ لتبرير موقفها في إصدار كتيبات وإطلاق تصريحات صحافية تعبر عن موقفها السلبي من هذه الاتفاقات أو مع أية أداة أو حقيقة تتعارض مع رؤيتها وذلك تحت مزاعم مختلفة على رغم أن واقع هذه الدول يقول عكس ذلك.

الكثيرون يرددون حديث المواطنة الصالحة، وأيضاً يرددون حكم القانون وغيرها من العبارات الجميلة غير أننا نرى عدداً مهماً من هؤلاء يحتمون بالانتماءات الطائفية أو العرقية أو القبلية، وأيضاً أن هؤلاء يكشفون عن حقيقتهم في ممارساتهم التي تخالف ما يقولونه بألسنتهم.

إن المواطن في الدولة التي يحكمها قانون عادل مستمد من عملية تشريعية ديمقراطية معبرة عن إرادة المجتمع له حماية القانون لا يحتاج إلى حماية الطائفة أو القبيلة أو الإثنية، وبالتالي يستطيع أن يمارس دوره وتصبح عليه واجبات بما في ذلك التضحية بالغالي والنفيس من أجل بلده الذي يعطيه العزة والاطمئنان.

أما إذا كانت كل هذه الحقوق موجودة في الدستور فقط من أجل الشكل، بينما واقعاً يداس عليها كل يوم؛ فإن المواطن يصبح حينها خائفاً من الدولة ويلجأ إلى طائفته وإلى عرقيته وإلى قبيلته؛ كي تحميه من الظلم الذي سيقع عليه منها.

إن أهمية نشر ثقافة حقوق الإنسان تكمن في حاجة مجتمعية إلى تحقيق العدالة؛ إضافة إلى أنه مطلب عالمي في وقتنا الحالي وخصوصاً مع تفاقم موجة التطرف والطائفية المتمثلة في ممارسات بعض الجماعات في غالبية مجتمعاتنا العربية. لذلك فإن إدخال هذه الثقافة وتعميمها في مناهجنا الدراسية؛ قد يصحح بمرور الوقت الصورة الحقيقية لمعنى ومغزى حرية التعبير والعدالة إلى احترام الحريات العامة وغيرها من المبادئ التي تتفرع منها مظلة حقوق الإنسان.

كما أن المناخ الحقوقي أصبح إدراكا مع تزايد وعي شعوب العالم بحقوقها وتزايد حالات الانتهاكات الخاصة بحقوق الأفراد والجماعات. إذ لم تعد دعوى الامتثال لإملاءات مختلفة مبرراً حقيقياً لتنأى بعض الدول عن الدخول في البرنامج الحقوقي العالمي على رغم ما تركته تلك الدعوى من آثار سلبية تم توظيفها أحياناً غطاءً قانونياً لسلسلة طويلة من الانتهاكات ضد حقوق الإنسان.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3571 - السبت 16 يونيو 2012م الموافق 26 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:33 م

      قانون الدولة أم دولة القانون

      قد لا يبدو ظاهرا أن دالة الدولة هو دستورها. وقد لا يبدو الاحترام من الحرام lمتى ما حذف حرف التاء.
      ليس بخفي أن في الجملة الأولى يمكن ملاحظة المفتاح في حرف الدال وفي الجملة الثانية حرف الحاء. وليس بسر أن حرمة الانسان ليس في جسده فقط بل في نفسه ، وعرضه وطوله أيضا!
      فهل الدولة قائمة أم قاعدة أم تطير بدون نون الانسان و نون النفس وكذا بدون "د" الدستور؟
      وهل احترام القانون أصبح وأمسى من المحرمات؟

اقرأ ايضاً