العدد 3578 - السبت 23 يونيو 2012م الموافق 03 شعبان 1433هـ

جهود البحرين في تحقيق تنمية مستدامة متوازنة

جمعة أحمد الكعبي comments [at] alwasatnews.com

كاتب

ينعقد هذا المؤتمر بعد 20 عاماً من قمة الأرض التي عقدت في ريو دي جانيرو العام 1992، هذا المؤتمر الذي اتفقت فيه دول العالم على أهمية البيئة والتنمية؛ حيث انبثق منه ثلاث اتفاقيات مهمة؛ هي تغير المناخ، ومكافحة التصحر، والتنوع البيولوجي، كما اعتمدت الدول «أجندة القرن 21» وهي بمثابة خريطة طريق لإعادة التفكير في النمو الاقتصادي، وتعزيز المساواة الاجتماعية، وحماية البيئة، وقد تم من خلال هذه الأجندة إعداد الاستراتيجيات التنموية المحققة لأهداف الألفية.

إن ما يشهده العالم اليوم الكثير من التحديات في مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية التي تعتبر من أهم ركائز التنمية المستدامة، وتتمثل في تغير المناخ وتحديات توفير الأمن الغذائي وانتشار الفقر واستنزاف الموارد الطبيعية واتساع رقعة التصحر والاختلال في الأنظمة البيولوجية، والتوازن البيئي، واستنزاف طبقة الأوزون وشح الموارد المائية، كما أن الأزمة الاقتصادية العالمية أثرت بصورة واضحة على عرقلة مسيرة التنمية المستدامة.

ويعتبر انعقاد هذا المؤتمر اليوم حدثاً تاريخياً وخطوة من خطوات الجهود الحثيثة للمحافظة على كوكبنا الأرض وحماية البشرية والموارد الطبيعية ومتابعة ما تمَّ تنفيذه من أجندة القرن الواحد والعشرين والأهداف الإنمائية للألفية من الحد من الفقر، وإتاحة التعليم للجميع، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة، وخفض معدلات وفيات الأطفال، وتحسين الصحة، ومكافحة بعض الأمراض، وضمان الاستدامة البيئية مع إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية.

واليوم وبعد مرور عشرين عاماً، وعلى رغم ما تحقق من إنجازات عديدة على هذه الأصعدة؛ فإن العمل يتطلب الجهد الكبير من جميع الدول وخاصة المجالات المتعلقة بالتنمية البيئية في ظل ازدياد عدد سكان العالم إلى سبعة مليارات نسمة، وما يسببه ذلك من ضغط على الموارد الطبيعية؛ فقد أصبحت المبادئ الخضراء من أهم الركائز التي تساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية المستدامة، حيث لا يمكن تحقيق هذه التنمية دون الركائز (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية)، حيث إن التنمية والمحافظة على الموارد الطبيعية والبيئية وجهان لعملة واحدة، وإن هدفنا المشترك تحقيق التنمية للأجيال الحالية دون المساس بحق الأجيال القادمة في تلبية احتياجاتها.

إن انعقاد هذا المؤتمر تحت شعار: «المستقبل الذي نريد» في ظل تطلع البشرية إلى رؤية واضحة لمستقبل تنتهجه البشرية نحو عالم أكثر أمناً، وعدالة، ونظافة، واخضراراً، ورخاء من خلال مجموعة من التدابير الرشيدة التي من شأنها الحد من الفقر وتوفير فرص العمل واستخدام الطاقة النظيفة، وتشجيع الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والارتقاء بالبيئة.

ولقد منحنا هذا المؤتمر فرصة تاريخية أخرى بجهود ودور متميز من جمهورية البرازيل للوصول إلى اتفاق عالمي يترجم الكلمات إلى أفعال، حيث إن هذا المؤتمر بداية لأن نفكر جميعاً لمواجهة التحديات التي يفرضها الوضع العالمي.

عملت مملكة البحرين وضمن جهود الأسرة الدولية على تنفيذ العديد من المبادرات الرائدة التي تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنبثقة من مبادئ وأسس التنمية المستدامة وتراعي في الوقت ذاته متطلبات الحفاظ على البيئة.

لقد أولت مملكة البحرين اهتماماً خاصاً بالأبعاد الاجتماعية والبيئة المتعلقة بالتنمية المستدامة، وتجسد ذلك في دستور مملكة البحرين الذي يكفل حياة أكيدة للبيئة ويحقق التوازن بين متطلبات التنمية والنواحي الاجتماعية والاقتصادية، كما قامت مملكة البحرين بإنشاء العديد من المؤسسات والأجهزة الحكومية، واللجان المعنية وضع السياسات والاستراتيجيات الهادفة الى تحقيق الاستدامة بأبعادها الوطنية، وسنَّت عدداً من القوانين والتشريعات ذات العلاقة بتطبيقات التنمية المستدامة.

لقد عملت مملكة البحرين ضمن جهود التنمية الاجتماعية على توفير متطلبات العيش الكريم للموطنين والمقيمين كافة، حيث إن التعليم وهو الهدف الثاني من الأهداف الإنمائية متحقق في مملكة البحرين منذ القرن الماضي مع تحقيق مؤشرات متقدمة عالمياًّ حيث صنفت مملكة البحرين ضمن الدول ذات الأداء العالي في مجال تحقيق أهداف التعليم للجميع للعام 2009، وفقاً لمنظمة اليونسكو وجاء ترتيبها الأول عربياً، كما جاءت في المستوى الأول عربياً في مؤشر القيد الإجمالية في التعليم الثانوي.

وسجلت مملكة البحرين إنفاقاً عالياً من الدخل الوطني في مجال القطاع الصحي حيث تتوافر فرص الحصول على المياه المأمونة والخدمات الصحية المجانية لجميع سكان البحرين وهو ما يحقق الأهداف الإنمائية للألفية قبل الموعد المحدد في العام 2015.

كما اتخذت مملكة البحرين مجموعة من المبادرات المعيشية المجتمعية وتحقيق التنمية البشرية وتوفير وسائل العيش الكريم ورفاهية الأفراد وتطوير الخدمات والمرافق العامة وأنظمة النقل والمواصلات وتوفير السكن الصحي الملائم للمواطنين والذي أكده دستور مملكة البحرين ضمن نصوصه، مع تحقيق معدلات عالية في مجالات التنمية البشرية محققة مراكز متقدمة وفقاً للتقارير الصادرة عن العديد من المنظمات الدولية، بالإضافة إلى جهود متميزة في مجالات الشفافية وتكافؤ الفرص والمساواة والمحافظة على البطالة دون المعدلات الآمنة (3-4 في المئة) من خلال توفير فرص العمل للمواطنين.

لقد عملت مملكة البحرين من خلال رؤية اقتصادية تمتد إلى العام 2030 وصولاً إلى تحقيق تنمية مستدامة متوازنة تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع حماية البيئة الطبيعية واستدامتها وذلك كجزء من عملية التخطيط الوطني الشاملة.

ولقد حرصت البحرين على العمل وفقاً لجدول أعمال القرن الواحد والعشرين من خلال مجموعة من الاستراتيجيات والبرامج التي تهدف إلى ضمان الالتزام المتجدد بالتنمية المستدامة، وذلك من خلال مجموعة من الأطر القانونية والمؤسسية واستراتيجيتها الوطنية التي أفردت مجموعة من المبادرات الوطنية للمحافظة على البيئة والحد من الانبعاثات والمحافظة على الطاقة وترشيد استخدامها والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية وتنفيذ السياسات الخضراء وتعزيز التنوع البيولوجي من خلال إعلان مجموعة من المحميات الطبيعية والعمل من خلال مبادرة وطنية للتنمية الزراعية المستدامة على تعزيز الأمن الغذائي والإدارة المتكاملة للموارد المائية ومكافحة التصحر وزيادة الرقعة الخضراء.

كما حرصت على الإدارة السليمة للمخلفات المنزلية وتحويلها إلى طاقة من خلال مشروع بيئي رائد، علاوة على حماية المناطق الساحلية البحرية من خلال تبني مفهوم الإدارة المتكاملة للبيئة الساحلية والبحرية.

ولقد تبنت مملكة البحرين ضمن جهود الأسرة الدولية مجموعة من المبادرات الهادفة إلى المحافظة على الموارد الطبيعية والحد من انبعاث الغازات الدفيئة، ومنها التوجه إلى استخدام الطاقة المتجددة (الشمسية) في عمليات توفير الطاقة للتنمية مع التقليل من استخدام الوقود الاحفوري.

كما تم اعتماد مخطط هيكلي وطني استراتيجي وطني لمملكة البحرين حتى العام 2030، ويعتبر هذا المشروع من المشاريع الرائدة في المنطقة، ولقد تم اعتماد هذا المخطط بانتهاج التخطيط البيئي الاستراتيجي المتكامل الذي أخذ بعين الاعتبار الحساسية البيئية التي تم الأخذ بها كأحد مرتكزات المشروع مع مراعاة المخطط للنواحي الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق المواءمة مع الاحتياجات البيئية.

كما قامت مملكة البحرين بمجموعة من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز حقوق المرأة والطفل والشباب؛ حيث نالت المرأة البحرينية حقوقها السياسة كاملة ترشيحاً وانتخاباً في الانتخابات البلدية والنيابية وتمكنت من الفوز بعضوية مجلس النواب والمجلس البلدي مع تدشين استراتيجية وطنية للنهوض بالمرأة البحرينية تتضمن الكثير من الاستراتيجيات الهادفة إلى تمكين المرأة بالإضافة إلى مجموعة من التشريعات والبرامج لحماية حقوق المرأة والأطفال والشباب وتعزيز دورهم الفاعل في المجتمع البحريني.

وإننا نؤكد اليوم التزامات مملكة البحرين، ومن خلال تنفيذنا هذه البرامج والاستراتيجيات، دعم جهود الأسرة الدولية في تحقيق التنمية المستدامة وبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية.

إن مملكة البحرين تسعى إلى تبني العديد من المبادرات الرائدة التي تؤطر النظرة الاستراتيجية لمملكة البحرين بما يحقق تنمية اقتصادية واجتماعية منبثقة من مبادئ وأسس التنمية المستدامة وتراعي في الوقت ذاته الحفاظ على البيئة، ونحن ماضون في تنفيذ مجموعة من المبادرات الرائدة؛ ومنها تخطيط استراتيجي بعيد المدى يراعي التكامل بين القطاعات وهي السياسة التي تبنتها مملكة البحرين لمواجهة التحديات التنموية والبيئية المستقبلية.

وتحقيقاً لهدف تعزيز فاعلية الإدارة البيئية للتحديات المختلفة؛ فقد تم إدراج متطلبات العمل المستقبلي للحفاظ على البيئة ضمن برنامج عمل الحكومة المتفق عليه مع مجلس النواب البحريني للفترة من 2011 إلى 2014 متضمناً مرئيات بيئية تتعلق بتعزيز السياسات البيئية والتوعية البيئية والمؤشرات البيئية وتوظيف التقنية الخضراء وتحديث أنظمة الرصد والرقابة البيئية.

وإيمانا من مملكة البحرين بأن الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية من منظور التنمية المستدامة يعتبر مسئولية مشتركة وتحقيقها يوجب تعزيز الشراكة الفاعلة بين جميع المؤسسات والأفراد؛ فقد تمت ترجمة هذا النهج على أرض الواقع من خلال السياسات البيئية التي شاركت في إعدادها المؤسسات الحكومية ومجلس النواب والشورى والمجالس البلدية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية بالإضافة إلى تعزيز التنسيق والتعاون مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية لمواجهة القضايا والتحديات التي تواجه البيئة العالمية.

إن مملكة البحرين تدعم جهود الأسرة الدولية في تحقيق المبادرات الخضراء المستدامة بما يحمي صحة البيئة ويدعم في الوقت ذاته بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية عن طريق تحقيق نمو في الدخل والارتقاء بمعيشة البشرية وتلبية الاحتياجات التنموية للأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال المستقبلية.

إننا نتطلع إلى أن يكون هذا المؤتمر منطلقاً جديدا لخطة القرن الواحد والعشرين للتنمية المستدامة من خلال تقديم الدعم للدول بما يتيح لها انتهاج مسالك خضراء في التنمية وتحسين التنسيق الدولي وتحسين سبل إدارة الموارد والمحافظة عليها والانتقال إلى اقتصاديات أكثر اخضراراً مع جعل دولنا أكثر ملاءمة للعيش وأكثر كفاءة وتعزيز النمو الاقتصادي.

إننا مع التوصل إلى رؤية مشتركة تسهم في تعزيز وسائل الحفاظ على الكوكب وتحسين حياة سكانه ووضع سياسات جديدة للحد من الفقر ودفع المساواة الاجتماعية وحماية البيئة وتسريع التنمية المستدامة من خلال مجموعة من الإجراءات من ضمنها: وضع أهداف إنمائية مستدامة، وكيفية استخدام الاقتصاد الأخضر لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز برنامج الأمم المتحدة للبيئة، واتخاذ خطوات أكثر من مجرد قياس الناتج القومي الإجمالي لتقييم وضع البلدان، ووضع استراتيجية لتمويل التنمية المستدامة، واعتماد إطار عمل لمعالجة الاستهلاك والإنتاج المستدام بالإضافة إلى المساواة بين الجنسين والاعتراف بأهمية الالتزامات الطوعية للتنمية المستدامة وضرورة مشاركة منظمات المجتمع المدني في وضع السياسات وغيرها.

إن مملكة البحرين وهي تشارك دول العالم في هذا المؤتمر فهي تدعم جهود الأسرة الدولية لتحقيق التنمية المستدامة نحو رفاهية الأجيال الحالية والمستقبلية.

إقرأ أيضا لـ "جمعة أحمد الكعبي"

العدد 3578 - السبت 23 يونيو 2012م الموافق 03 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:04 ص

      نعمين

      سلام الله عليك إلتفت لأعضاء المجالس البلدية وصاحب مشروع نرتقي المفروض ترجعوه لعمله.

    • زائر 1 | 5:33 ص

      الله يوفقكم يا سعادة الوزير

      ماشاء الله تبارك الله. بس على الاقل ادعموا فعالية ارتقاء ولا تعطلوا مشاريع المجالس البلدية علشان نصدق اشوي.

اقرأ ايضاً