العدد 3580 - الإثنين 25 يونيو 2012م الموافق 05 شعبان 1433هـ

حقوقيون: حلحلة ملف العدالة الانتقالية يمهد للمصالحة الوطنية

20 دولة في جنيف طالبت الحكومة بالحد من التعذيب
20 دولة في جنيف طالبت الحكومة بالحد من التعذيب

اعتبر حقوقيون أن التنفيذ الجدي لتوصيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل لمناقشة تقرير البحرين في مايو/ أيار 2012، وتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، من شأنهما أن يمهدا لتحقيق العدالة الانتقالية في البحرين، وذلك باتجاه تحقيق المصالحة الوطنية.

ودعا الحقوقيون إلى إعادة تكثيف الجهود من أجل إحياء التحالف الأهلي من أجل الحقيقة والإنصاف والمصالحة، وإلى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي نجحت في تحقيق العدالة الانتقالية.

يأتي ذلك، بالتزامن مع اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، الذي يصادف يوم 26 من شهر يونيو/ حزيران من كل عام.

إلى ذلك، كشفت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، عن تلقي لجنة الرصد والتوثيق التابعة للجمعية، 1374 شكوى، بالتعرض للتعذيب والمعاملة القاسية أثناء فترة الاعتقال، خلال الفترة من 13 مارس/ آذار 2011 إلى يونيو/ حزيران 2012.

فيما أكد رئيس دائرة الحريات وحقوق الإنسان في جمعية الوفاق السيدهادي الموسوي، أن جمعية الوفاق سلمت للجنة تقصي الحقائق، نحو 1866 شكوى من ضحايا التعذيب.


في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب:

حقوقيون: التنفيذ الجِّدي لتوصيات جنيف و«تقصي الحقائق» يمهد للعدالة الانتقالية

الوسط - أماني المسقطي

اعتبر حقوقيون أن التنفيذ الجدي لتوصيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل لمناقشة تقرير البحرين في مايو/ أيار 2012، وتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، من شأنه أن يمهد لتحقيق العدالة الانتقالية في البحرين، وذلك باتجاه تحقيق المصالحة الوطنية. ودعا الحقوقيون إلى إعادة تكثيف الجهود من أجل إحياء التحالف الأهلي من أجل الحقيقة والإنصاف والمصالحة، وإلى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي نجحت في تحقيق العدالة الانتقالية.

يأتي ذلك، بالتزامن مع اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، الذي يصادف يوم 26 من شهر يونيو/ حزيران من كل عام.


الموسوي: العدالة الانتقالية لا تتحقق بالتعويض المادي فقط

وفي هذا الصدد، قال نائب الأمين العام للشئون السياسية في جمعية وعد رضي الموسوي: «إن العدالة الانتقالية تأتي عندما تمر أي بلد بمنعطفات سياسية وأمنية مفصلية، وتقود إلى أزمات تحتاج إلى مشروعات حلول وتنفيذ لهذه المشروعات. والعدالة الانتقالية برزت في العديد من دول العالم الثالث، كالأرجنتين وتشيلي وجنوب إفريقيا والمغرب والجزائر، بعضها نجح وأخرى فشلت».

وأضاف أن «المغرب وجنوب إفريقيا حققتا نجاحات كبيرة، وخرج نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا، وقال إن الضحية من الممكن أن تغفر ولكن لا تنسى، وعلى هذه الأرضية تم تقديم مشروع عدالة انتقالية مهم جداً، وكان أمام جنوب إفريقيا حينها حلان، إما الدخول في حرب أهلية لتصفية البيض على طريقة ناميبيا أو الدخول في مرحلة المصالحة والمصارحة الوطنية، وكان هناك اعتراف من قبل الذين قاموا بانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، ودخلوا في عملية التوبة الجماعية، سواء من البيض أو السود، وأنجزوا هذه المرحلة وتجاوزوا خطر الحرب الأهلية وتمكنوا من الانتقال من نظام (الابارتهايد) السابق».

أما على صعيد البحرين، فأشار الموسوي إلى أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد، خلقت إشكالاً كبيراً، تأصلت على ضوئه الحاجة للعدالة الانتقالية، على حد تعبيره.

وتطرق الموسوي إلى الخطوات التي قامت بها مؤسسات المجتمع المدني منذ العام 2005 على صعيد ملف العدالة الانتقالية، وهو المشروع الذي رفعته الجمعيات إلى المؤسسات الرسمية، وكان بمثابة أرضية مهمة للتحالف الذي شكلته 13 جمعية وجهة أهلية، بحسب الموسوي، الذي قال: «تقدمنا بهذا المشروع إلى حوار التوافق الوطني بعد تنقيحه، ومن ضمن المفارقة أنه كان من ضمن التوصيات التي تم التوافق عليها، ولكنه اختصر بطريقة أخلت به، واختزلت الأمر بالتعويض المادي فقط».

وأضاف أن «هذا لا يحقق الهدف أبداً، وإنما يتوجب في هذه المرحلة الالتزام بجبر الضرر والمصالحة الوطنية وتحقيق العملية الانتقالية للعدالة، وهذه المرحلة لا تكون محدودة فقط بمشروعها، وإنما تشكل جسراً من مرحلة القمع إلى مرحلة العدالة. ويجب أن يلحق هذا الأمر بتشريعات واضحة، وأن تلتزم الدولة بمبادئ حقوق الإنسان كما جاءت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكل هذه أرضيات لتأسيس الدول المدنية الديمقراطية».

واعتبر الموسوي عدم توافق قانون الإجراءات الجنائية مع القانون الدولي، وهو ما أكده تقرير لجنة تقصي الحقائق، حجر عثرة أمام تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وقال: «مشكلتنا في البحرين أن الدستور في إحدى مواده يجرم التعذيب، ولكن القانون يلتف على هذه المادة، على رغم أن المادة الدستورية أعلى من المادة القانونية، والقانون ناقص وقاصر ويعاني من عوار كبير».

وفيما إذا كان القانون وحده هو سبب في إعاقة تنفيذ العدالة الانتقالية، قال الموسوي: «إن المشكلة في التشريع وفي التطبيق أيضاً، فالتشريع يجرم التعذيب، ولكن ما حصل في الأعوام الماضية، وخصوصاً في العام الماضي، تم من خلاله انتهاك الدستور وسقط تحت التعذيب ما لا يقل عن أربعة أشخاص داخل السجن، ولذلك المشكلة تكمن في التشريع والتنفيذ، والمعذبين الذي تحدث عنهم تقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» بشأن عودة التعذيب في البحرين، والذي صدر في العام 2010، مازال ضحايا التعذيب في العام الماضي يؤكدون تعرضهم للتعذيب على أيديهم».

وختم الموسوي حديثه بالقول: «إن المخرج لما تمر بها البحرين من أزمة، هو تحقيق العدالة الانتقالية كما يراد لها على المستوى الدولي، وأن تتجاوب المؤسسة الرسمية مع ما تطرحه مؤسسات المجتمع المدني على هذا الصعيد».


العكري يدعو لإعادة إحياء تحالف «الحقيقة والإنصاف والمصالحة»

أما رئيس جمعية الشفافية البحرينية عبدالنبي العكري، فتطرق إلى الجهود التي بذلتها مؤسسات المجتمع المدني قبل أعوام على صعيد توثيق ضحايا التعذيب، بما فيهم من شهداء أو عائلات شهداء أو جرحى أو سجناء محكومين وموقوفين ومنفيين وممنوعين من العمل والسفر.

وقال: «في العام 2005 كان هناك لقاء بين جلالة الملك والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، تم التأكيد خلاله أن العدالة الانتقالية تكمل عملية الإصلاح السياسي. وتمخض هذا اللقاء عن عقد مؤتمر بشأن العدالة الانتقالية في جمعية «وعد»، وكان ذلك بحضور وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي، وكنا نعتقد أن ذلك بادرة مشجعة من قبل الأطراف الرسمية لتفعيل العدالة الانتقالية».

إلا أنه استدرك بالقول: «للأسف أن الجهد الأهلي الذي بُذل على هذا الصعيد، تم إحباطه من قبل الدولة، التي اعتمدت مبدأ (عفا الله عما سلف)».

واعتبر العكري أن أحد أهم أسباب الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد، هو عدم تنفيذ العدالة الانتقالية عن المرحلة السابقة، وقال: «سيظل هذا الملف كالجرح المفتوح الذي من الممكن أن يحبط أية مصالحة حقوقية أو خروج من الأزمة الحالية ما لم تتم حلحلته».

وعبر العكري عن أسفه لاستمرار تأجيل زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب، مشيراً إلى أنه من غير المعروف ما إذا كانت هذه الزيارة ستتم من عدمه.

وقال: «على رغم أن البحرين مصادقة على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، إلا أن آلية التنفيذ، وحتى تعريف القانون الجنائي البحريني للتعذيب، هو تعريف قاصر لا يتواءم مع نص الاتفاقية، كما لا يوجد أي تشريع فعلي لملاحقة من يقومون بالتعذيب، وذلك على رغم الخسائر الفادحة والجسيمة الناجمة عن التعذيب، والتي أصبحت نهجاً متكررً كما أكد تقرير تقصي الحقائق».

وتابع «اليوم لا يضيع حق وراءه مطالب، والتحالف من أجل الحقيقة والإنصاف والمصالحة، بات مهماً أكثر من أي وقت مضى، فجريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم، وهذه دعوتي للحقوقيين والجهات المعنية لإحياء مثل هذا التحالف من جديد».


الغائب: تنفيذ توصيات «تقصي الحقائق» يمهد للعدالة الانتقالية

أما نائب الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عيسى الغائب، فأكد على الحاجة لاتخاذ عدة خطوات من قبل الأطراف الرسمية من أجل التمهيد لتحقيق العدالة الانتقالية، والتي تكمن في تنفيذ توصيات تقصي الحقائق.

وأكد الغائب ضرورة وقف جميع المحاكمات، والإفراج عن جميع المعتقلين والمحكومين في الأحداث الأخيرة، ناهيك عن محاسبة من ارتكبوا التعذيب، وإرجاع المفصولين كما كانوا سابقاً إلى أماكنهم، ووقف استعمال القوة من قبل قوات الأمن، وعدم تقييد الجمعيات السياسية في حقها بحرية التجمع وحرية التعبير وحرية إصدار نشراتها الدورية، والسماح بالحراك السلمي لمؤسسات المجتمع.

كما أكد ضرورة التزام البحرين بتعهداتها الدولية، والتفاوض بين المعارضة والحكم بشكل جدي من أجل حلحلة الأزمة التي تمر بها البلاد. واعتبر الغائب أن التساهل في تنفيذ أي من هذه المسائل الأساسية، من شأنه أن يعوق الوصول إلى مرحلة العدالة الانتقالية.

الدرازي: لا نحتاج لخلطة سحرية إنما لإرادة سياسية

من جانبه، قال الناطق الرسمي السابق باسم التحالف من أجل الحقيقة والإنصاف والمصالحة عبدالله الدرازي: «إن الفرصة سانحة الآن أمام الجهات الرسمية لتحقيق العدالة الانتقالية، وخصوصاً بعدما أسفرت عنه نتائج لجنة تقصي الحقائق وجلسة جنيف، واللتين أكدتا أن التعذيب كان منهجياً خلال فترة الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد».

وأضاف أن «جميع المعتقلين سواء كانوا أطباء أو معلمين أو أكاديميين تعرضوا للتعذيب، وعلى رغم ذلك، فإن الجهات الرسمية لم تنفذ بعد التوصية (1716) من تقرير لجنة تقصي الحقائق، التي تطالب بمحاكمة المسئولين عن التعذيب، إذ لم يتم تقديم إلا صغار رجال الأمن للمحاكمة، وهذه التوصية تم التأكيد عليها في جنيف لأهميتها لضمان عدم تكرار التعذيب».

وأيد الدرازي ما ذهب إليه العكري بضرورة إحياء الجهود الأهلية على صعيد ملف العدالة الانتقالية، مؤكداً أهمية تعاون الجهات الأهلية والرسمية لحلحلة هذا الملف.

وأكد الدرازي أن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم، لافتاً إلى القبض على رئيس تشيلي، الذي تجاوز عمره الثمانين عاماً لمسئوليته عن التعذيب في السبعينيات.

وجدد تأكيده على ضرورة تحقيق التوافق بين الحكومة والمعارضة من أجل التقدم إلى الأمام، ونبذ العنف من جميع الأطراف، معتبراً في السياق نفسه أن التعرض إلى قيادات المعارضة خلال التجمع الأخير الذي دعت إليه الأخيرة يوم الجمعة الماضي (22 يونيو/ حزيران 2012) كان «خطيراً جداً»، على حد تعبيره.

وقال: «إن العنف والعنف المضاد واستخدام القوة المفرطة لا يفيد، ويجب أن تجلس جميع الأطراف على الطاولة للتوصل إلى حل للتقدم إلى الأمام لإخراج البلد من الأزمة، وعلى الحكومة باعتبارها اللاعب الأساسي، إشراك كل الأطراف بغرض التوافق في مسألة حلحلة الملفات العالقة». وتابع «يجب أن يتم اتخاذ خطوات عملية من أجل إعادة الثقة بين الحكومة والمعارضة، وعلى الحكومة أن تشرع في تطبيق توصيات جنيف بشكل حقيقي، وذلك من خلال إطلاق سراح جميع المعتقلين بسبب الأحداث الأخيرة من دون استثناء وإسقاط جميع التهم الموجهة ضدهم، وهذا يعني أنه يجب أن يكون هناك عفو شامل من دون شروط».

وأضاف أن «القضاء برأ (الكادر الطبي) من التهم التي لعب الإعلام الرسمي دوراً في الترويج لها على لسان مسئولين رسميين، وبالتالي من المهم من أجل إعادة الثقة اتخاذ خطوات جريئة وعملية من أجل التقدم للأمام».

واستشهد الدرازي بالتجربة الايرلندية على صعيد المصالحة الوطنية، وقال: «بعد الأزمة التي مرت بها ايرلندا، وصلت إلى مرحلة ارتأت فيها أنه لا مناص من الحاجة إلى السلم والأمن، وبعد عملية المصالحة، أصبحت تتمتع بالسلم، ولسنا أول أو آخر بلد في هذا العالم، يتعرض لأزمات حقيقة من ناحية أمنية واقتصادية واجتماعية، ولكن يجب أن نسعى كشعب حضاري لتخطي هذه الأزمات، والتي لا تحتاج إلى خلطة سحرية، وإنما إرادة سياسية».

وختم حديثه بالقول: «أمام البحرين فرصة لأن تكون مثلاً يحتذى به على المستوى الدولي على صعيد المصالحة الوطنية، ولكن الأمر يحتاج إلى إعادة بناء الثقة بين الأطراف الرسمية والمعارضة، والتأخر في اتخاذ خطوات على هذا الصعيد، من شأنه أن يؤثر سلباً على الأجيال المقبلة»..


.. و«البحرينية لحقوق الإنسان» وثقت 1374 حالة تعذيب خلال 15 شهراً

كشفت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، عن تلقي لجنة الرصد والتوثيق التابعة للجمعية، 1374 شكوى، بالتعرض للتعذيب والمعاملة القاسية أثناء فترة الاعتقال، خلال الفترة من 13 مارس/ آذار 2011 إلى يونيو/ حزيران 2012.

وتتمثل أساليب التعذيب التي تعرض لها المعتقلون، بالضرب، والتهديد بالصعق، والتعليق، والوقوف لساعات طويلة، والتهديد بالقتل، ونزع الأظافر، والحرمان من النوم أو الحمام أو الأكل أو الصلاة.

كما أفاد المعتقلون بتعرضهم لتعصيب العينين مع طلب الركض، ووضع القيد بطريقة مؤذية لمدة طويلة، والتحرش الجنسي، والتعرية من الملابس.


«الوفاق» قدمت 1866 شكوى تعذيب لـ «لجنة تقصي الحقائق»

أكد رئيس دائرة الحريات وحقوق الإنسان في جمعية الوفاق السيدهادي الموسوي، أن جمعية الوفاق سلمت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، نحو 1866 شكوى من ضحايا التعذيب، وأن ممارسة التعذيب لم تتوقف حتى بعد صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق، إذ استمر وصول الشكاوى من المواطنين الذين يتعرضون للتعذيب.

ولفت الموسوي إلى تنوع أساليب التعذيب بحسب الشكاوى التي تسلمتها الجمعية، وأنه بحسب شهادات الضحايا، فإن التعذيب لم يقتصر على غرض انتزاع الاعترافات، وإنما يتم التعذيب في الطرقات ومواقع غير مدرجة في قائمة المراكز الرسمية، بحسب تأكيداته، مشيراً في الوقت نفسه إلى تلقي الجمعية شكاوى بتعرض عدد من الأشخاص للتعذيب على أيدي قوات الأمن بعيداً عن مكان القبض.

وقال: «قضايا التعذيب التي تم توثيقها لما تعرضت له النساء، وصل إلى أكثر من 150 حالة، إلى وقت تقديم تقريرنا للجنة تقصي الحقائق. كما أن قضايا التعذيب التي توثق ما تعرض له المرضى على أسرة المستشفى وصل لما يقارب 60 حالة».

وأضاف أن «قضايا التعذيب التي تم توثيقها لما تعرض له الأطفال ما دون سن الـ 18 عاماً، بلغت 98 حالة، فيما بلغت قضايا التعذيب التي تم توثيقها لما تعرض له ذوو الاحتياجات الخاصة 9 حالات، إلى وقت تقديم تقريرنا للجنة تقصي الحقائق».

وأشار الموسوي إلى أن ممارسة التعذيب لم تتوقف في إدارات التحقيق الرسمية إلى ما قبل أحداث فبراير/ شباط 2011، وخصوصاً في قضايا ما عرف بقضية «المزرعة» وقضية الشرطي أصغر في كرزكان، وقضية معتقلي المعامير، وقضية ما عرف بالخلية في شهر أغسطس/ آب 2010، والذين أعلنوا للقاضي في أول جلسة للمحاكمة، بحضور مندوبي منظمة العفو الدولية وعدد من مندوبي السلك الدبلوماسي، أنواع التعذيب الذي تعرضوا له، بحسب الموسوي.

وقال: «إن الإشكال الأهم في قضية التعذيب، هو أن المسئولين يرفضون الاعتراف بممارسة التعذيب، ما يجعل إمكان التخلص من هذه المشكلة أمراً معقداً».

وأضاف أن «صدر المرسوم بقانون 56 / 2002 وكان حامياً للمعذبين ومساهماً في الإفلات من العقاب، رفض المسئولون الاعتراف بممارسة التعذيب خلال الأحداث الأخيرة، وكان نفيهم نفياً قاطعاً. حتى صدر تقرير تقصي الحقائق بدأت بعض الجهات الرسمية بالحديث عن محاسبة من ارتكب التعذيب، ولكن لا نجد صدقية لهذه المزاعم على الأرض». وأكد الموسوي، ورود شكاوى تعذيب للجمعية، تفيد بالتعرض للتعذيب بسبب الانتماء لمذهب معين، وأن يتم الطلب من الضحية تقليد صوت السمكة أو القط أو الدجاجة أو الحمار أو صوت النملة، وأنه لكون الضحية لا يستطيع أن يقلد بعض أصوات الحيوان، يتم إخضاعه للتعذيب.

وقال: «أكد عدد من الضحايا، أنه كان يطلب منهم الرقص والغناء كنوع من أنواع التعذيب .

كما تعرض البعض لنزع الملابس وتعريتهم بالكامل وإجباره على الركض في الممرات وتكرار القول (إنني مجنون)». وختم حديثه بالقول: «ما أدلى به المعتقلون في قضية (مجموعة الـ 21) بما تعرضوا له من تعذيب أمام القاضي، يعتبر شاهداً من شواهد ممارسة التعذيب التي وصلت قصصها إلى قاعات المحاكم المحلية، بعد أن تم مناقشتها وتداولاها وتوثيقها في منظمات حقوقية دولية لأكثر من عام، من دون أن تحرك الجهات الرسمية ساكناً حيالها».


20 دولة في جنيف طالبت الحكومة بالحد منه

«التعذيب»... الحاضر الدائم في كل التقارير الدولية عن البحرين

الوسط - أماني المسقطي

لا يكاد يخلو أي تقرير دولي عن أوضاع حقوق الإنسان، من انتقاد لممارسة التعذيب في البحرين، وهي الشكاوى التي كانت العامل المشترك بين جميع المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم قبل وإبان الأزمة التي شهدتها البحرين خلال العام الماضي (2011)، وخصوصاً في القضايا ذات الطابع الأمني أو السياسي.

وتجلى ذلك بوضوح من خلال تقارير المنظمات الدولية التي رفعتها إلى مجلس حقوق الإنسان قبل مناقشة تقرير البحرين في دورته الثانية للاستعراض الدوري الشامل في مايو/ أيار الماضي.

وتلا ذلك مطالبات مندوبي 20 دولة، أثناء مناقشة تقرير البحرين، باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من التعذيب، كان أبرزها مطالبتها بالموافقة على طلبات زيارة المقررين الخاصين بالأمم المتحدة بشأن التعذيب للبحرين، والتوقيع على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، ووضع تعريف واضح للتعذيب بما يتوافق والمعايير الدولية، وقيام البحرين بالتحقيق بصورة عاجلة في ادعاءات التعذيب وأية معلومات تشير إلى الاستخدام المفرط للقوة، وبانتداب جهة مستقلة للتحقيق في جميع ادعاءات التعذيب، ومساءلة المسئولين عن عمليات التعذيب وتقديمهم إلى المحاكمة، وخصوصاً في ظل ما تردد عن انتزاع الاعترافات تحت التعذيب، وتعويض الضحايا وأهاليهم.

كما أوصوا البحرين بتنفيذ جميع التوصيات الصادرة عن اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وخصوصاً فيما يتعلق بالتحقيق في قضايا التعذيب التي وثقها التقرير خلال الاحتجاجات الأخيرة.

بالإضافة إلى ذلك، شغلت قضايا التعذيب جزءاً مهماًّ من تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، إذ أفرد التقرير ملحقاً ضم ملخص 60 إفادة لأشخاص أكدوا تعرضهم للتعذيب قبل وأثناء الاعتقال.

وأكدت اللجنة في تقريرها، أنها تلقت 559 شكوى بشأن سوء معاملة الموقوفين الذين أطلق سراحهم أو الذين لا يزالون في التوقيف وقت إجراء اللجنة لهذه التحقيقات.

ورأت اللجنة أن هناك 5 حالات وفاة ترجع إلى التعرض للتعذيب؛ 3 منها وقعت عندما كان المتوفون موقوفين في سجن الحوض الجاف بوزارة الداخلية.

وأورد التقرير أنه «كان ضمن شكاوى التعذيب التي أوردها تقرير لجنة تقصي الحقائق، مجموعتان من الموقوفين البارزين الذين قدموا ادعاءات تتعلق بالتعذيب أو سوء المعاملة، وهاتان المجموعتان بحسب التقرير؛ هما: مجموعة تتكون من 14 زعيماً سياسياًّ ألقى جهاز الأمن الوطني القبض عليهم، ووجهت إليهم اتهامات بالاتفاق الجنائي على قلب نظام الحكم، وادعوا أنهم قضوا ما بين يوم واحد إلى ثلاثة أسابيع في التحقيق فيما يعتقد أنه مبنى جهاز الأمن الوطني في القلعة، وبعد ذلك الوقت نقلوا إلى سجن القرين ووضعوا في الحبس الانفرادي في الجناح نفسه».

أما المجموعة الثانية التي أشار إليها التقرير؛ فهي «110 من موظفي وزارة الداخلية ألقي القبض عليهم نظرًا إلى تغيبهم عن العمل خلال أحداث فبراير/شباط، ومارس/آذار 2011، أو لرفضهم تنفيذ أوامر قادتهم خلال المواجهات. وشكا هؤلاء الأفراد في المقام الأول من الإساءة اللفظية التي تعرضوا لها ومنها ألفاظ السباب التي وجهت إلى عائلاتهم وطائفتهم الدينية».

كما تلقت اللجنة شكاوى تفيد بتعرض الأفراد الذين قبض عليهم وأوقفوا على شكل مجموعة لتجارب متماثلة فيما يتعلق بالمعاملة أثناء توقيفهم، ومن ضمن المجموعات التي أفادت بانتهاج سلوك مماثل؛ مجموعة الـ 14 زعيماً سياسياًّ، وأطباء مجمع السلمانية الطبي، والعاملون في الجهات الحكومية ومجموعات الموظفين المقبوض عليهم ويعملون بالشركات نفسها.

وبموجب التقرير، ادعى غالبية الموقوفين أنهم تعرضوا لإساءة لفظية أثناء التوقيف، وادعى جميع الموقوفين باستثناء واحد فقط من الطائفية السنة موقوف في سجن القرين وجود ممارسة منهجية للسب بطريقة طائفية، وادعى كثير منهم سماع صرخات موقوفين آخرين يتعرضون للتعذيب، وهو ما خلق جواًّ من الخوف.

وكان من أبرز أنواع التعذيب التي أوردها التقرير بموجب الشكاوى التي تسلمتها اللجنة، هي تعرض الموقوفين للتهديد بالاغتصاب أو القتل، وتعرض الكثير منهم للاعتداء الجنسي، ناهيك عن تعرض بعضهم لإيلاج خراطيم المياه وغيرها من الأشياء في فتحة الشرج وتلمّس الأعضاء التناسلية بعدوانية.

كما أورد التقرير منع العديد من الموقوفين من استخدام المراحيض لفترات طويلة، ونتيجة لذلك يضطرون للتبول على أنفسهم، إضافة إلى ادعاءاتٍ بأن الموقوفين وحين يتم اقتيادهم إلى المرحاض، يبقون معصوبي الأعين وكان لا يُسمح لهم بقضاء وقت مناسب في المرحاض.

كما تلقت اللجنة بعض الشكاوى التي تدعي قلة وجود الماء اللازم للشرب أو الوضوء، وشكاوى تتعلق بغياب مستلزمات الحمامات والدش للاستحمام، بالإضافة إلى الحالة غير الصحية التي كانت عليها دورات المياه.

كما تلقت لجنة تقصي الحقائق إفادات متشابهة بشأن الأساليب المحددة التي ادُّعيَ أن السلطات استخدمتها أثناء التحقيقات، لتيسير انتزاع المعلومات وفي بعض الأحيان الاعترافات، وكان من أبرزها، عصْب العينين وتقييد اليدين، الإجبار على الوقوف، الضرب المبرح، استخدام الصواعق الكهربائية والسجائر، الضرب على أخمص القدم بالفلقة، الإساءة اللفظية، الحرمان من النوم، التهديد بالاغتصاب، الإساءة ذات الطابع الجنسي، الحبس الانفرادي، التعرض لدرجات حرارة متغيرة، إضافة إلى أساليب أخرى مهينة وحاطة بالكرامة.


معتقلون يروون قصصاً متشابهة عن تعذيبهم:

مازلنا نعاني من الأضرار النفسية والجسدية للتعذيب

القصص متشابهة على اختلاف الأسماء والتهم وأماكن الاعتقال، هكذا كانت روايات عدد من المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي أثناء اعتقالهم خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها البحرين، والذين أكدوا أن الأضرار النفسية والجسدية التي خلّفتها تجربتهم المؤلمة، على رغم مضي أشهر على وقوعها، مازالت واضحة.

وهي الشهادات التي اختزلتها «الوسط»، لاحتوائها على الكثير من التفاصيل المؤذية للمشاعر غير الصالحة للنشر.

ففي حديثه إلى «الوسط»، قال زكريا (30 عاماً) الذي اعتقل على إثر أحداث جامعة البحرين: «تم اعتقالي مع ثلاثة أشخاص في الساعة الثالثة فجراً، بعد أن تم تفتيش منزلي والعبث بمحتوياته، وقبل إدخالنا في سيارة تابعة لقوات الأمن، تم تعصيب أعيننا، وضربنا طوال الطريق إلى مركز الشرطة، من دون أن نعرف نوع التهمة الموجهة إلينا».

وأضاف: «بعد أن تم أخذي إلى مركز الشرطة، أجبرت على الوقوف لمدة تزيد على الساعة، كنت أتعرض خلالها للضرب والركل، إلى أن أغمي عليّ من شدة الألم، وكان آخر ما سمعته، صرخات الأشخاص الذين تم اعتقالهم معي، بسبب تعرضهم للتعذيب».

وأشار زكريا إلى أنه في اليوم التالي، تم أخذه والمعتقلين الآخرين إلى مكان غير معروف، حيث كان طوال الوقت، معصب العينين، ويتعرض لسوء المعاملة الجسدية واللفظية.

وقال: «حين وصلت إلى المكان الذي تم فيه التحقيق معي، تم اتهامي بالمشاركة في أعمال التكسير التي طالت جامعة البحرين، على رغم أني لم أذهب إلى الجامعة أبداً، وحين رفضت الاعتراف بتهمة لم أرتكبها، أبلغوني بأنهم سيجبروني على (ممارسة الرياضة)».

وتابع: «لم أفهم حينها ما يقصدون بممارسة الرياضة، ولكن بعد أن تم إخراجي من الغرفة إلى مكان آخر وتم ضربي باستخدام أنبوب بلاستيكي (الهوز)، فهمت جيداً معنى هذه العبارة، وهو ما اضطرني للتوقيع على إفادة بمشاركتي في أحداث جامعة البحرين».

وأكد زكريا استمرار تعرضه للتعذيب لمدة يوم كامل، تم خلاله حلق شعره تماماً، مع استمرار تعصيب عينيه وتقييد يديه.

كما أشار إلى أن حبسه وانتهاء التحقيق معه، لم يوقف سوء المعاملة التي تعرض لها ومعتقلين آخرين، والتي تمثلت باستمرار التعرض للضرب من فترة لأخرى، واستمرار استخدام الألفاظ المهينة، والمنع من النوم.

أما محمد (26 عاماً)، فلم تختلف روايته عن زكريا، وخصوصاً في طريقة الاعتقال، مشيراً إلى أنه تم نقله وثلاثة أشخاص آخرين، إلى مكان مجهول، حيث تم ضربهم وسبّهم، والإساءة إلى معتقداتهم الدينية.

وقال: «تناوب الأشخاص الذين قاموا باعتقالي على ضربي في مختلف أنحاء جسمي وفي أماكن حساسة من جسمي، وتسبب ذلك بآلام شديدة في رأسي وظهري».

وأضاف: «تم بعد ذلك نقلي إلى منطقة أخرى مجهولة، وكنت طوال الوقت معصب العينين ومقيد اليدين، وخلالها تم إجباري على فتح فمي ورش مادة حارة فيه، كما تم شتمي بكلمات أخجل من قولها، مع استمرار ضربي باستخدام (الهوز) الذي أدى إلى تورم يديّ».

وأكد محمد، الذي استمر اعتقاله لمدة شهرين بتهمة التجمهر، أنه تم التضييق عليه والآخرين طوال فترة اعتقاله، وخصوصاً من خلال التعرض للمعتقدات الدينية وغيرها من الإساءات اللفظية، ناهيك عن العبث بالأغراض الشخصية.

وعلى رغم مضي أشهر منذ تم الإفراج عن محمد، إلا أنه مازال يعاني من دوار مزمن، كما لاتزال آثار القيود بارزة على معصميه، فيما استمرت آثار الركلات التي تعرضت إليه عينه لعدة أشهر.

وتكرر مشهد الاعتقال الذي تعرض له زكريا ومحمد، عند اعتقال حسن (20 عاماً)، الذي تعرض هو الآخر للإساءات الجسدية واللفظية أثناء الاعتقال، إلى حين وصوله إلى مكان التحقيق، مع استمرار تعصيب عينيه وتقييد يديه.

وقال: «مع استمرار الضرب على مختلف أنحاء جسمي، شعرت فجأة بحرقة شديدة، تبين لي لاحقاً أنها ناتجة عن إطفاء عقب سيجارة في جسمي، وبعد أن تم إزالة العصابة من على عيني، تحسست عيناي اللتان كانتا تؤلماني بشدة، وإذا بهما تنزفان بشدة».

وأضاف: «قبل أن يتم التحقيق معي تعرضت للشتم والسب والضرب، وقام أحدهم بتهديدي بنقلي إلى (الغرفة السوداء)، وهي الغرفة التي كنت أسمع منها صرخات المعتقلين الآخرين، ومررت حينها بلحظات عصيبة كانت الأمَرّ على نفسي طوال حياتي».

استمر تعريض محمد للضرب باستخدام العصي والهراوات لعدة ساعات، وخصوصاً بعد رفضه الاعتراف على أشخاص آخرين، تعرض خلالها لحالة إغماء، وبعد إفاقته، تم تعريض محمد لصعقات كهربائية أدمت جسده، وهو ما أدى لتعرضه للإغماء مرة أخرى.

وقال: «تفاصيل كثيرة تعرضت لها أثناء تعذيبي، لا يمكنني سردها، ولكن استمر وضعي على هذه الحال لمدة يومين، قبل أن يتم نقلي لمكان آخر، حيث تعرضت لجرعات أخرى من التعذيب، مع استمرار رفضي الاعتراف على أشخاص آخرين أعرفهم، وهم ذاتهم الذين كنت أسمع صرخات تعذيبهم من غرف مجاورة».

وأضاف: «بعد أن تم أخذي والمتهمين الآخرين في القضية ذاتها إلى الزنازين، اعتقدت أن سوء المعاملة سيتوقف، إلا أن الأمر استمر لمدة يومين، وكانت ثيابنا ملطخة بدمائنا، وبين الحين والآخر يدخلون علينا بهرواتهم وعصيهم يضربوننا ويشتموننا، ولم يتم السماح لنا بالنوم إلا بعد يومين، ولساعات قليلة».

وأكد محمد استمرار تعرضه للتعذيب لمدة 15 يوماً، فيما انقطع أي اتصال له بعائلته لمدة ثلاثة أشهر، قبل أن يتم السماح له بالاتصال بعائلته لمدة دقيقتين، ومن ثم السماح لعائلته بزيارته لمدة ربع ساعة فقط، قبل أن يتم إخلاء سبيله بعد أربعة أشهر ونصف من الاعتقال.

العدد 3580 - الإثنين 25 يونيو 2012م الموافق 05 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:33 ص

      لا حول ولاقوة إلا بالله

      لا جدية بتنفيذ لا توصيات بسيوني ولا جنيف، اللجان هو الشيء الوحيد اللي فالحين فيه، وحسبنا الله ونعم الوكيل

اقرأ ايضاً