العدد 3619 - الجمعة 03 أغسطس 2012م الموافق 15 رمضان 1433هـ

عنان يتخلى عن مهمة سورية لتفادي لعنة التاريخ

أقر كوفي عنان بفشل محاولاته لإحلال السلام في سورية وألقى -ربما من باب حرصه على حماية إرثه من وصمة إبادة جماعية جديدة- باللائمة في الفشل على القوى الكبيرة التي تزعم أنها تؤيده.

وكانت سورية هي أفضل فرصة أمام عنان (74 عاماً) لمحو آثار فشل الدبلوماسية في رواندا والبوسنة ودارفور والصومال والعراق وهو الفشل المرجح أن يطغى على إنجازاته من جهود وساطة هادئة ومساعٍ للقضاء على الفقر والايدز مما جعله أهلا للفوز بجائزة نوبل للسلام عام 2001 .

بدا صوت عنان متأثراً عند إعلان تخليه عن مهمة السلام في سورية وألقى الأمين العام السابق للأمم المتحدة باللائمة على مجلس الأمن الدولي الذي تتمتع فيه الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا بحق النقض (الفيتو).

وقال عنان «عليكم أن تدركوا أنه لا يمكنني بصفتي مبعوثاً أن أريد السلام أكثر مما يريده أصحاب القضية أنفسهم وأكثر مما يريده مجلس الأمن أو المجتمع الدولي لأن هذا مهم». وأضاف «في الوقت الذي نحتاج فيه -ويحتاج فيه الشعب السوري بشدة- للعمل يستمر تبادل الاتهامات واللعنات في مجلس الأمن».

تولى عنان مهمة الوساطة في فبراير/ شباط وكان يرى محاولة حل الأزمة «واجباً مقدساً» لكنه قال إنه يدرك أنه ربما جيء به قبل الأوان أو بعده. وتداعت جهود عنان للسلام بالفعل بعد فشل وقف لإطلاق النار أعلن في 12 أبريل/ نيسان لكن الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ظلت تقول إن خطته للسلام هي السبيل الوحيد للمضي قدماً مما جعله يبدو كورقة توت تخفي عزوفاً عن التحرك.

وقال عنان «على الرغم من أن كثيرين يطلقون عليها اسم خطة عنان فإنها خطة مجلس الأمن. أقرت بموجب قرار لمجلس الأمن... يجب التذكير بهذا وأعتقد أن أعضاء المجلس يجب أيضاً أن يتذكروا هذا».

واجتمع عنان مع «مجموعة عمل» بشأن سورية في جنيف يوم 30 يونيو/ حزيران وأشاد بالاتفاق الذي توصلت إليه باعتباره انفراجة... لكن الاتفاق لم يكن له تأثير لأن نصه خلا من أي ذكر للفصل السابع الذي يجيز استخدام العقوبات في حالة سورية.

وقال دبلوماسي عربي حضر الاجتماع «كانت وثيقة بلا أنياب. ذهبت الوثيقة إلى مجلس الأمن ولم يحدث شيء. ظلت روسيا والصين متمسكتين بموقفيهما». وأضاف «يمكن للمرء أن يفعل أفضل شيء في الدنيا لكن عندما يكون هناك «فيتو» في مجلس الأمن فلن نحقق شيئاً». نشأ عنان في مناخ منقسم عرقياً في مسقط رأسه غانا لكن كانت للحوار قيمة وكان الصراع الشامل نادراً.

وكانت هناك فترة من التفاؤل والثقة في غانا بعد استقلال البلاد عن بريطانيا. وقال فريد ايكهارد الذي كان متحدثاً باسم عنان أثناء توليه الأمانة العامة للأمم المتحدة لـ «رويترز» في يونيو/ حزيران «كان يؤمن بفكرة أنه لا يوجد مستحيل وكان دائماً ما يتطلع للنتيجة الأفضل». لمع اسم عنان كوسيط بعد نجاحه في وقف صراع متنامٍ في كينيا في العام 2007 عندما أدى نزاع على نتائج انتخابات رئاسية إلى مذابح عرقية قتل فيها أكثر من 1200 شخص. وأجلس عنان المتنافسين في غرفة وقال لهما «هناك كينيا واحدة فقط». وأقنع عنان أحدهما بقبول منصب رئيس الوزراء في حكومة مشتركة وانتهى العنف. لكن سجل عنان قبل ذلك لم يحظَ بنفس القدر من النجاح. كان عنان رئيساً لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في العام 1994 عندما أقر بأنه كان ينبغي أن يفعل المزيد للحيلولة دون مذابح قتل فيها 800 ألف من أبناء عرق التوتسي ومن المعتدلين من عرق الهوتو في رواندا.

وكان مثار اللوم الأكبر هو عدم تحرك عنان بعد أن وصلته رسالة من الجنرال روميو دالير قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تحدث فيها عن مخابئ سلاح يبنيها متعصبون من الهوتو استعداداً لقتل جماعي.

وبعد سنوات قال عنان «ظننت في ذلك الوقت أنني أفعل الأفضل... لكنني أدركت بعد الإبادة الجماعية أنه كان هناك ما يمكن بل وينبغي أن أفعله لدق جرس الإنذار وحشد الدعم».

وفي كتاب لاذع تناول فشل العالم في منع ما حدث في رواندا لم يذكر دالير عنان إلا بالثناء وتحدث عن «إنسانيته وتفانيه من أجل محن الآخرين». وعند انتهاء عمله في الأمم المتحدة في العام 2006 اعتبر عنان أن من بين إنجازاته ترسيخ مفهوم المسئولية عن حماية المدنيين عندما يتقاعس أو يعجز الحكام عن فعل ذلك.

لكن كوارث دبلوماسية شابت فترة تولي عنان للأمانة العامة للأمم المتحدة. قال عنان إن من أسوأ لحظات حياته عجزه عن وقف إراقة الدماء في إقليم دارفور بالسودان وبرنامج النفط مقابل الغذاء والحرب بالعراق التي بح صوته بعدها لشهور.

وتكشفت فضيحة النفط مقابل الغذاء في أوائل العام 2004 عندما تبين أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين تمكن من مراوغة البرنامج الذي بلغت قيمته 64 مليار دولار وكان يهدف لتخفيف معاناة العراقيين العاديين بسبب العقوبات الأميركية التي فرضت بعدما غزت القوات العراقية الكويت.

وعلى الرغم من اتهام عدد قليل من مسئولي الأمم المتحدة بالتربح من ذلك البرنامج ألقي باللائمة على المنظمة الدولية بسبب تراخي الإدارة وعدم التنبه إلى أساليب صدام.

ورغم تبرئة ساحة عنان من أي تجاوز تبين أن ابنه كوغو استغل صلات في الأمم المتحدة لتحقيق مزايا شخصية. وحدث بعد ذلك ما هو أسوأ... فقد تعرض مقر الأمم المتحدة في بغداد للقصف يوم 19 أغسطس/ آب عام 2003 وقتل 22 شخصاً بعدما قرر عنان تحت إلحاح من الولايات المتحدة إعادة موظفين كبار بالأمم المتحدة إلى العراق.

وبصوت مختنق قال عنان في آخر مؤتمر صحافي له كأمين عام للمنظمة الدولية «آلمني ذلك بقدر ما تألمت لموت شقيقتي التوأم». وكانت إفوا عنان شقيقة عنان قد توفت في العام 1991. وكان عنان أميناً عاماً للمنظمة الدولية أيضاً وقت وقوع مذبحة سربرنيتشا في البوسنة العام 1995 حين فشلت قوات حفظ السلام الدولية مجدداً في الحيلولة دون وقوع أعمال القتل. وكان هناك أيضاً إخفاق في الصومال سبق إخفاق رواندا. ويقول مدافعون عن عنان إنه حاول توفير قوات كافية والحصول على دعم من القوى الكبرى لإحداث اختلاف في البوسنة ورواندا. ويقول منتقدون إنه كان يعرقله احترامه لحدود تعلم ألا يتجاوزها خلال عمله لعقود كموظف في الأمم المتحدة.

العدد 3619 - الجمعة 03 أغسطس 2012م الموافق 15 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:06 م

      زائر رقم واحد

      كفاك جهلا وحقدا
      اللعبة انكشفت والتآمر على دول الممانعة فشل وسوف ينتصر الخير على الشر نحن مقبلين على خير باندحار الامريان وأزلتمهم.

    • زائر 1 | 1:38 ص

      انا لا أأمن في دبلماسيه الدا

      متى نجحت الدبلماسيه بحل شيئ؟\
      r\nمثل نووي الايًراني لهم 10 سنوات يتحاورون دبلماسيا و حكومة ايران تراوغ وتراوغ بسبب سداجة دبلماسية\
      r\nدائما الحل الامثل لفرض النظام او قرار دولي هو الحرب

اقرأ ايضاً