ذكرت «اتش اس بي سي» لإدارة الأصول العالمية أنه مع بقاء الاقتصاد العالمي ظاهرياً في حالة دائمة من التقلب، ومع بدء تراجع إجراءات التقشف المالية، فإن هناك الكثير من الدلائل المحتملة بالنسبة للمستثمرين على صعيدي الفرص والمخاطر على حد سواء.
وسلطت «اتش اس بي سي» لإدارة الأصول العالمية، في تقريرها حول التوقعات الاستثمارية ربع السنوية للسوق العالمية الأخيرة، الضوء على تجربة اليابان خلال فترة التسعينيات من القرن العشرين كنقطة مرجعية عند تحليل الحالة الراهنة التي يمر فيها العالم المتقدم، والتي يبدو بأنه اكتسب فيها مزايا وسمات التجربة اليابانية، ومن ضمنها مخاطر الركود- وهي مزيج بين النمو المنخفض وضغوطات الانكماش المالي.
التجربة اليابانية
ويقول الرئيس الإقليمي لاستراتيجية الاقتصاد الكلي والاستثمار في «اتش اس بي سي» لإدارة الأصول العالمية فيليب بول: «عندما يسيطر الانكماش المالي فإنه يصبح من الصعب كبحه ومقاومته. كذلك فإن التجربة اليابانية توحي أيضاً بأن كل شيء يحدث ببطء كالتخلص من الديون الثقيلة الناجمة عن التمويل عن طريق الدائنين يستغرق في العادة وقتاً طويلاً». ويوضح بول أن أحد أقوى الدروس المأخوذة عن التجربة اليابانية هي ضرورة إصلاح المشاكل في النظام المالي للتعافي من مخاطر الديون بشكل سريع.
ويضيف قائلاً: «هذا الأمر صحيح اليوم بالنسبة لمنطقة اليورو كما كانت عليه الحال بالنسبة لليابان؛ فأوروبا بحاجة إلى تصحيح أوضاع البنوك التي يكون صافي أصولها أقل من الصفر أو ما يدعى بـ»بنوك الزومبي» وذلك على وجه السرعة، ومن ثم هناك المشاكل التي تتسبب فيها النسبة الهرمة من الكثافة السكانية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الرسالة المستخلصة من التجربة اليابانية لأوروبا وللولايات المتحدة تشير إلى أن الإصلاحات الهيكلية بحاجة إلى سن قوانين مبكرة وفعالة للحد من المؤشرات السلبية للشيخوخة السكانية المترتبة على النمو والأداء المالي».
كما يبين التقرير أيضاً أن البنوك والمصارف المركزية في الأسواق المتقدمة تبقي على تسهيلات كمية مفرطة للغاية ومن المرجح أن تتجه إلى المزيد من التخفيف في سياستها المالية في حال اقتضت الحاجة إلى ذلك. ورغم المخاوف التي تدور حول أوروبا، فإن هناك عدداً من العوامل الإيجابية التي ينبغي على المستثمرين أخذها بعين الاعتبار. فالأسواق الناشئة لا يزال لديها قدرة كبيرة على مجاراة قدرة المستهلكين على الإنفاق ومعايير المعيشة مقارنة بالأسواق المتقدمة. كما أن تراجع أسعار النفط قد عزز من الدخل الحقيقي للمستهلكين بالإضافة إلى بقاء الميزانيات العمومية لدى الشركات بحالة جيدة. وإن وجود مثل هذه البيئة قد يجعل من الصعب على الأساسيات الأكثر إيجابية في منطقة ما أو فئة معينة من الأصول لتمييز ذاتها على المدى الطويل، ولكن على النحو الذي بينته التوقعات الاستثمارية ربع السنوية، فإنه من المهم مواصلة التركيز على الضوابط الاستثمارية مع أخذ هذه الأساسيات بعين الاعتبار لأنها ستقوم بإعادة تجديد ذاتها في يوم ما.
أسعار النفط
ومن جانبه، قال الرئيس الإقليمي لـ «اتش اس بي سي» لإدارة الأصول العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إافريقيا دان رود: «عند ذكر أسعار النفط، فإنه لا يمكننا تجاهل التأثير الاقتصادي على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فالهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية لا يشكل خطراً كبيراً باعتبار أنه بإمكان المنطقة تحمل تحديد أسعار النفط بـ 80 دولاراً أميركياً للبرميل الواحد مع الأخذ بالاعتبار الفائض الذي تم تحقيقه في الميزانية على مدى السنوات العشر الماضية. وفي حال وصل السعر إلى حوالي 60 دولاراً أميركياً، فعندئذ قد نشهد بعض التدهور في النمو الاقتصادي، ولكن هذا السيناريو بعيد الاحتمال. وهناك مؤشر قوي، ألا وهو نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أساس سنوي. فقد كان إجمالي الناتج المحلي في عام 2011 عند حوالي 5.1 في المئة ورغم تنبؤ بعض المحللين في السوق بانخفاض طفيف في عام 2012 إلى 3.7 في المئة، إلا أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال بحالة إيجابية».
وأضاف رود قائلاً: «من المتوقع حدوث انخفاض في إجمالي الناتج المحلي عند الأخذ بعين الاعتبار نظرتنا إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل ككل. وفي حال كان يتوجب علينا تحليل منطقة الخليج بعيداً عن شمال أفريقيا، فإنه ينبغي علينا رؤية سيناريوهين. كون منطقة شمال أفريقيا تتأثر بأزمة منطقة اليورو نظراً لتعرض صادرتها إلى أوروبا واستمرار دول مجلس التعاون الخليجي بتلقي الدعم بسبب أسعار النفط».
العدد 3620 - السبت 04 أغسطس 2012م الموافق 16 رمضان 1433هـ