العدد 3621 - الأحد 05 أغسطس 2012م الموافق 17 رمضان 1433هـ

«اتفاق النفط» لن يحل الأزمة في السودان بسرعة

توقع خبراء ألا يؤدي اتفاق النفط الذي تم التوصل إليه في اللحظة الأخيرة السبت بين السودان وجنوب السودان إلى حل سريع للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الخرطوم، وأن يبقى مرتبطاً بالتقدم في المواضيع الأمنية.

واتفق الجانبان على أن تدفع جوبا للخرطوم حزمة تصل إلى ثلاثة مليارات دولار، إضافة إلى رسم عن كل برميل من نفط الجنوب يعبر البنية التحتية للشمال ليصدر عبر مرفأ السودان.

وقالت جوبا إن الرسم سيكون 9,48 دولارات للبرميل.

ولم تعلق الخرطوم على الرسم النهائي، لكن رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، الشافي محمد المكي قال إن الأرقام غير مشجعة «رغم أن أمراً ما هو أفضل من لا شيء».

أضاف «أعتقد أن الأزمة الاقتصادية جدية جداً جداً جداً. لا أعتقد أن هذا القدر من المال سيحل المشاكل».

ويصعب أيضاً تحديد القيمة الاقتصادية الحقيقية للصفقة لأن الأرقام التي أوردها الطرفان «موجهة إلى الجمهور المحلي» وفق مجدي الغيزولي، الاستاذ في معهد الوادي المتصدع، وهو منظمة أبحاث لا تبغى الربح.

وشكل النفط محور التوتر والصعوبات الاقتصادية للسودان منذ انفصال الجنوب في يوليو/ تموز من العام الماضي، مقتطعاً معه نحو 75 في المئة من 470 ألف برميل كانت تنتجها البلاد يومياً قبل الانفصال.

وفقدت الخرطوم بسبب خسارتها هذه الكمية أكثر من 85 في المئة من مداخيل صادراتها، التي وصلت إلى 7,5 مليارات دولار في النصف الأول من 2011 وفق أرقام البنك الدولي.

وفي غياب مصدرها الأكبر من العملات الصعبة التي تحتاج إليها لتسديد كلفة الواردات، زاد التضخم في شكل كبير وخسر الجنيه السوداني الكثير من قيمته، وقت تحاول الحكومة تعزيز صادراتها من الذهب والمنتجات غير النفطية.

وتلقت موازنة البلاد ضربة إضافية مع فشل الاتفاق مع الجنوب على البدل الذي ستدفعه جوبا لنقل نفطها عبر أراضي الشمال.

وأوقف الجنوب في يناير/ كانون الثاني الماضي إنتاجه من النفط الذي يشكل المصدر الرئيسي لمداخيله، بعد اتهام الشمال بالسرقة.

وقدر وزير المال السوداني علي محمود الرسول في مايو/ أيار الماضي خسائر الخرطوم من عدم الاتفاق على الرسوم مع الجنوب بنحو 6,5 مليارات جنيه سوداني، أي ما كان يوازي في حينه 2,4 مليار دولار.

وقامت الحكومة منذ ذلك الوقت بخفض سعر صرف العملة تزامناً مع إجراءات تقشف قال الرسول إنها ستوافر نحو 1,5 مليار دولار.

كما بدأت الخرطوم بالتخلص تدريجياً من إعانات الوقود التي تثقل كاهلها، مشيرة إلى أن الضرائب على أرباح المصارف سترتفع، على أن تفرض أيضاً ضريبة على القيمة المضافة.

كما خفض المسئولون من الوظائف الحكومية ورواتب الوزراء واستغنوا عن المستشارين الرئاسيين، وهي خطوات يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم، محمد الجاك أحمد أنها غير كافية.

ورغم أن اتفاق النفط سيزيد في حال تطبيقه واردات الحكومة، لكن تأثيره على الأزمة الاقتصادية سيرتبط وفق أحمد بقدرة الحكومة على خفض النفقات في شكل جدي.

وأشار إلى أن الحكومة «لم تتمكن حتى الآن من خفض انفاقها»، وهو إلى ارتفاع بسبب التضخم الذي زاد في يونيو/ حزيران بنسبة 37 في المئة عن العام الماضي.

وأضاف أن ثمة حديث عن عدم تطبيق اتفاق النفط ما لم يتم الاتفاق على قضايا أخرى «ولا سيما الأمن».

واعتبر الغيزولي أن الأمر يتعلق «صراحة بعرض على الطاولة أكثر منه اتفاق نهائي». وأضاف «طالما لم يتم (التوصل إلى) ترتيب أمني سيبقى الحديث عن النفط مشروطاً».

وأعرب عن اعتقاده بأنه يجب أن يكون خلف إعلان السبت تحرك غير معلن لجنوب السودان للبحث في الهواجس الأمنية.

ورأى المكي أن جوبا قامت حكماً بمساومة ما على الموضوع الأمني.

ويتهم السودان الجنوب بدعم حركة تمرد كبرى في ولاية كردوفان، وهي تهمة يعتقد المحللون أنها صحيحة رغم إنكار جوبا.

وأعاد السودان التأكيد الخميس أن أي اتفاق نفطي يجب أن يخضع «لاتفاق كامل ونهائي» حول الأمن لتفادي العوائق في تنقل الناس والبضائع والخدمات عبر الحدود.

وذكر المحللون بأن اتفاق النفط أتى بعد ساعات من لقاء وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون رئيس الجنوب سلفاكير في جوبا وحضها الجانبين على التوصل إلى تسوية عاجلة.

وقالت كلينتون تعليقاً على الاتفاق «نحيي شجاعة قيادة جمهورية جنوب السودان في اتخاذ هذا القرار».

العدد 3621 - الأحد 05 أغسطس 2012م الموافق 17 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً