العدد 2479 - السبت 20 يونيو 2009م الموافق 26 جمادى الآخرة 1430هـ

ما بين ثنايا تقرير الطاقة العالمي (2)

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

في مقدمة المراجعة الإحصائية السنوية للطاقة في العالم، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «بريتيش بتروليوم» أن الاحتياطي العالمي من مصادر الطاقة الإحفورية كالنفط والغاز الطبيعي والفحم يكفي لتلبية الطلب العالمي من الطاقة لعدة عقود من الزمن. فحسب الأرقام المعلنة والموثقة من الشركات والحكومات المصدرة للنفط فإن الاحتياطي العالمي يقدر بنحو 1.2 ترليون برميل (ترليون يساوي ألف مليار أو مليون مليون).

في النظرة الأولى، يعتبر هذا الرقم مهولا لكن هذه الكمية الضخمة والتي يمكن استخراجها من باطن الأرض بالطرق التكنولوجية الحديثة ستكفي دول العالم لمدة 42 عاما فقط من الآن في حال استقرار الاستهلاك العالمي عند مستوياته الحالية. من الثابت أن دول الخليج العربية تمتلك احتياطيات ضخمة من المواد الكربوهيدراتية وبالتالي فإن المدة الزمنية الافتراضية لاستهلاك احتياطياتها ستكون أطول من حيث المدة الزمانية بالمقارنة مع المناطق الأخرى. فعلى سبيل المثال، تمتلك السعودية (264.1) مليار برميل، الإمارات (97.8)، الكويت (101.5)، عمان (5.6)، قطر (27.3)، و العراق (115). وبحساب المدة الزمنية المتبقية لهذه الدول في حال استمرار تدفق الذهب الأسود وبمستوياته الحالية: السعودية (66.5) سنة، الإمارات (89.7)، الكويت (99.6)، عمان (20.9)، قطر (54.1)، والعراق (أكثر من 100).

لكن الصورة ستكون معقدة بصورة أكبر في حال علمنا ببعض الحقائق الأخرى فمثلا التقرير يوضح أن المدة الزمانية لانتهاء المخزون المحلي النفطي لبعض الدول الصناعية هي كالتالي: الولايات المتحدة (12.4) سنة، كندا (24.1)، المكسيك (10.3)، بريطانيا (6)، الصين (11.1)، والهند (20.7). من الطبيعي أن تقوم هذه الدول الصناعية واللاحقة بركب التطور والحداثة بمحاولة تأمين مصادر الطاقة في السنوات القادمة وبالتالي توفير مفهوم أمن الطاقة لمواطنيها، فبدونها لن تدب الحياة في عروق اقتصادياتها. لاشك أن الدول العظمى ستواجه مشاكل جمة بعد عقد من الآن فهي ستصبح دول معتمدة كليا على الدول الشرق أوسطية خاصة في حال استمرار اعتمادها على مصادر الطاقة الغير متجددة ومن المتوقع استمرارية انتقال ثروات ضخمة من هذه الدول الى منطقة الخليج.

أما الدول الشرق أوسطية فمن المتوقع أن تكون هناك ضغوط مباشرة من قبل سياسي الدول العظمى لزيادة الكميات المصدرة وهذا لاشك سيؤدي الى استنزاف مخزونها الطبيعي وخفض المدة الزمنية لانتهاء مواردها الكامنة. ارتداد سعر النفط وتضاعف سعره خلال المدة السابقة هو مرحلة طبيعية وانعكاس لحقائق غير مبنية على فرضيات فانخفاض السعر إلى مستوى 30 دولارا بسبب الأزمة المالية العالمية ومن ثم وصوله بعد ذلك إلى مستوى 70 دولارا للبرميل هو نتيجة متوقعة. فشركات القطاع الخاص المنتجة للنفط في الدول الصناعية لن تستطيع مجاراة الدول الشرق أوسطية في إنتاج النفط الرخيص وبالتالي سيكون عليها إغلاق المئات أو الآلاف من الآبار النفطية الصغيرة وإيقاف الاستثمارات الضخمة في مجال الطاقات المتجددة.

هل سيلحق جيلنا المعاصر بعصر نهاية النفط؟ لم لانضع هذا الاعتبار نصب أعيننا ونعتقد خطأ بأن أبناءنا أو أبناء أبنائنا سيشهدون عصر ما بعد النفط؟ لاشك أن العقود المقبلة ستحمل إجابات لهذه الأسئلة.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2479 - السبت 20 يونيو 2009م الموافق 26 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً