العدد 3645 - الأربعاء 29 أغسطس 2012م الموافق 11 شوال 1433هـ

الأهداف بضمير صون للمجموع البشري

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

كمن يبحث عن وجهته في طرق ملتوية. لن يصل الإنسان إلى أهدافه ومبتغاه وهو عديم بصر وبصيرة. الطرق بحاجة إلى أداة تمييز ورؤية، والأهداف بحاجة إلى حس اختيار وإرادة تحقق. معادلة ليست بتلك الدرجة من التعقيد والصعوبة. ما يجعلها معقدة وصعبة حين يرتجل الإنسان كل ذلك من دون أدوات وإمكانات. حين يريد أن ينام ليصحو على ما كان يتمناه. النوم لا يحقق أي شكل أو صورة من التمني. ذلك توجه تجتمع تحت سقفه كل سلالات العبث وإرجاع إرادة الإنسان إلى الصدفة، وما يمكن أن يحققه إلى التمني من دون أن يحرك ساكناً. وفي ذلك كل سلالات وانتماءات العبث أيضاً.

هدف كل فرد منا هو قيمته؛ تبعاً لمشروعية وما يضيف إليه، وإلى المحيط والمجموع البشري من حوله. عدا ذلك، هو تخرصات وأضغاث أحلام ومداخل تهديد لكل حال سلم ووئام واندماج في ذلك المحيط.

لا أحد بمنأى عن أهداف يرى فيها حقاً له دون سواه؛ بغضّ النظر عن الأثر والنتائج والمحصلات التي ستفضي إليها. بعض الأهداف ضمن التخرصات وأضغاث الأحلام مفتاح لإشغال العالم بعبثه وانعدام الجهات التي يمكن أن يولّي وجهه شطرها. تتركه نهباً لها وأسيراً لكمّ الوهم الذي تكتنز به؛ ولا يهمّ بعد ذلك ما الذي سيجنيه العالم منها.

الطرق عنوان أول لتلك الأهداف. أساليب وأخلاقيات الوصول إلى تلك الأهداف هي مضامين صاحبها والدالة على روحه وقيمته ونبله. الأهداف وطرق الوصول إليها من دون نبل توجه وأخلاق لا يختلف كثيراً عن إشعال حريق من قصد أو من دون قصد. الحريق يأخذ دوره في تشويه واختفاء واضمحلال القائم. كذلك الأهداف التي تتوسل الطرق المؤدية إليها من دون وضع اعتبار لأخلاقيات الوسائل ومفاتيح المُؤدَى إليها. الأهداف والطرق إلى تحقيقها تريد في المحصلة تثبيت حقوق وتعديل مائل وتثبيت غائب ومختلّ ومُبعد. ذلك في وجهة حق ووجهة أخلاق ووجهة قراءة وتتبّع لاحتياجات من يراد تحقيق تلك الأهداف من أجله/ أجلهم/ أجلهن. ما بعد ذلك ودونه يظل في مساحة ومحيط الأهداف الشخصية التي هي في زوالها أسرع من ثبات ذرّة غبار في يوم عاصف.

والأهداف مَقَاتِل لمن هي موجهة ضده وعليه، ترتد حين ينأى عن أخلاقياته ويرتد. مقَاتِل لمن لا أخلاقيات لهم في حرمة التطاول والاجتهاد في التوجه بعبث وكوارث بالغة، وتثبيت حياة لطرف يظل منحازاً إلى تلك الأخلاقيات والقيم. لا أهداف يمكن أن تنعت بذلك في معزل عن المُؤدَى إليها؛ لأن الأخلاق نفسها أهداف منها وبها تبرز جدوى الإنسان وفاعليته وأثره في حركة المحيط الذي هو جزء من حركته.

كم من المرامي والأهداف التي أصابت صاحبها في مقتل ونفي حضور؟ كم من الأهداف التي توهم صاحبها أنه رمى ولم يرمِ؟ على العكس هو وجّه الرمي إلى مواطن ضعفه وغفلته.

ثم إنه يراد لتلك الأهداف أن تكون محاصرة في عزل. عزل ليس بتلك الدرجة من الانفرادية والضيق. عزل في هيئة فضاء مصطنع يمكن من خلاله التحرك ضمن شروط وضوابط وإحداث أكبر قدر من العطب والأضرار. كأنه الفخ الذي ينصب في مدى رحب ومفتوح ولكن فيه تكمن النهايات والخنْق. الأهداف والطرق المؤدية إليها رسل من نوع آخر. رسل خير ورسل تصحيح ورسل تجاوز ما تم تكريسه وبات عرفاً. والذين يطّلعون بتحقيق تلك الأهداف عناوين ومضامين لها.

نعلم أنه من لا هدف له لا حضور له في هذا العالم. ونعلم أيضاً وبالقدر نفسه من القياس أنه من كانت أهدافه تحصيل منافعه وتحققها ولو كانت على حساب العالم من حوله هو الآخر لا أثر يدل عليه في هذا العالم.

في كلمة موجزة: الأهداف، بضمير حي وروح مسئولة ووثابة، محاولة الوصول إلى تثبيت استقرار المجموع عبر استقرار الفرد. هي محاولة لصونه من كل اختراق وتطاول ومحاولة إدخاله في الملكية الخاصة؛ وما أكثر صورها في يومنا.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3645 - الأربعاء 29 أغسطس 2012م الموافق 11 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً