العدد 3647 - الجمعة 31 أغسطس 2012م الموافق 13 شوال 1433هـ

موعد مع «ظُلامة» في «وعد»

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كلما دخلت ندوة في هذا الزمان الرمادي قولاً وفعلاً، سمعت قاعة الندوة تئن أنيناً موجعاً مبكياً مما يحدث لأية فئة مهنية على أرض دلمون.

ولم تختلف ندوة «وعد» الأسبوعية يوم الأربعاء الماضي عن هذا المزاج إلا في شيء واحد، أنها هذه المرة جاءت بأنين الجسم الصحافي وظٌلامته التي اضُطر أن يرفعها أمام الملأ ممن حضر، ربما يجد من يأخذ الحق له ممن كان السبب في هذه الظُلامية.

كنا على موعد مع تلك النخبة التي سطرت بقلمها ما وجدته محقاً ضمن احترامها للقلم الذي رفعته طويلاً في مناسبات شتى هنا وهناك. فلطالما دافعت تلك النخبة من أهل الحق والصدق كلمةً وتطبيقاً من الجسم الصحافي البحريني عن ظُلامات الناس جميعاً دون محاصصة طائفية. بل وحتى عن العمالة الآسيوية تحديداً والتي تحترق تحت وهج الصيف بلا رحمة أو بسبب ظُلم بعض أهل المال لهم من أجل دنانير معدودة.

ولطالما وقف بعض أهل الحق والصدق من هذا الجسم الصحافي مع قضايا المرأة، قضايا الجمعيات السياسية، قضايا الخدم في المحاكم. مع قضايا الأراضي المنهوبة والمال السائب والفساد الذي استشرى في المجتمع وأثره على الجميع دون تفرقة بين طائفة وأخرى. هذا البعض من أهل الصدق والشرف المهني في الجسم الصحافي هو من يواجه اليوم محنته ضمن المحنة العامة التي تتعرض لها طائفة بأكملها دونما تفسير إنساني وأخلاقي وحضاري مقنع.

كانت ندوة وعد «دور الإعلام في التحريض الطائفي» مناسبة لبث أنين وشكوى هؤلاء الشرفاء من أهل الوطن للجميع حول آمالهم، آلامهم، ورؤاهم في الذي يحدث، لأنهم رأوا ما يحدث وتعرضوا فيما حدث لأبشع ما لم يحدث في تاريخ الصحافة العالمية بأن يُعاقب صحافي لأنه قام بعمله في نقل ما يحدث بكل أمانة وتجرد!

أليست هذه ملهاة من زمن الإغريق والرومان لم يستطع لا «أسخيلوس» ولا «يوربيديس» أو حتى «شكسبير» الإنجليزي فيما بعدهم أن يكتب مثلها لتمثل على خشبة المسرح؟ ملهاة تُـؤلف فصولها الثمانية عشر في ليلة واحدة، ويستمر عرضها لعامين متتاليين! إنها أعجوبة القرن الواحد والعشرين بحق.

ومن المعروف أن الإعلام له ثلاثة أوجه رئيسية كلاسيكية، بخلاف الأوجه الحضارية التقنية الحالية، وهي الصحافة، باعتبارها الأقدم، والإذاعة ثم التلفاز. ولذا كان من المفترض، أن يطرح في تلك الندوة، ما تم جمعه من معلومات وافرة وموثقة من قبل الجسم الصحفي الذي تعرض لما حدث له ضمن متابعة الحدث وبثها على الملأ في تلك الندوة من حيث عدد من تعرضوا لما حدث لهم، هن وهم، ضمن فصل الانتهاكات في تلك الملهاة الإغريقية! والذين فاقوا الستين شخصاً. وعن ماهية ونوع تلك الانتهاكات ضمن مشاهد الفصل التعسفي وقطع الرواتب أو اعتقال أو توقيف مؤقت أو طويل في الأوجه الإعلامية الثلاث.

ومن ثم حشد الدعم الحقوقي المجتمعي المحلي والإقليمي والدولي لهؤلاء، كما حدث للأطباء والعمال وبعض الشيء للمدرسين. حتى لا يقال «باب النجار مخلوع وبقي بلا تصليح» بينما النجار ذاته مشغول ليل ونهار في إصلاح أبواب الناس جميعاً دون تفرقة بين أخضر وأسود و رمادي.

ثم أن بعض ما دار في تلك الظُلامية كان يشوبه الغموض في الطرح والوعي، فالقضية التي يعيشها المجتمع اليوم ليست طائفية حتى يتم تناول المواقف الدينية العقائدية بين الطوائف، وإلا فنحن نسير كما يتم التخطيط لنا منذ البداية بأن نحول القضية الوطنية برمتها لمجرد صراع ومناوشات طائفية بين تجمعات وجمعيات دينية من كلا الطرفين. ولهذا فالأمر فقط يحتاج لمساعي حثيثة لجمع تلك التجمعات الطائفية على كلمة سواء بينهم بلقاءات ودية تصفى القلوب والأمزجة وكفى بذلك سبيلاً ونهاية مفرحة في «أوبريت» مشترك في حب الوطن.

القضية وطنية بالدرجة الأولى ولا علاقة لها بتيار أموي أو تيار مُحمدي أو غيره، فكما طرح البعض، حتى من لم يكن له علاقة بالطائفة من قريب بل وكان ينتقد تصرفات بعض رجالاتها الكبار علماً، عاد وراجع حساباته وأخذ موقعه الحقيقي ضمن سياق الطائفة، ليس من منطلق ديني طائفي بحت، بل هي عودة لمعرفة الحق الذي شعر، من استخدم عقله بوعي من أولئك، أن هناك مخططاً يراد به انتزاع ذاك الحق منه إن هو بقى خارج الطائفة. والحق هنا بمعناه السياسي والعدالة المفقودة، وليس الحق والباطل في تلك النزاعات العقائدية المعروفة.

ولذا، فمهما كانت ظُلامتكم، وظُلامة المجتمع من خلفكم وأنتم مرآته الصادقة، وقد قصصتم علينا إعلامياً جزءاً يسيراً منها؛ لتعلموا بأن من قام بإحداث ما حدث وجيّش الإعلام لتضليل الناس بما حدث، فبئس الزاد إلى المعاد ظُلم العباد واستخدام الإعلام في ذلك لأن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله أخيراً.

وهذه كلمات لأحبتي في الطريق الوعر، لأصحاب الأنين الخفي من أجل التفرغ لقضايا الناس؛ أنتم فعلاً كشجرة الصندل تُعطر الفأس التي تقطعها، وكفاكم بهذا فخراً.

ولكم أن تتأسوا، دون طائفية في هذا القول، بما قاله رسول الله محمد (ص) المعلم الأعظم للبشرية: «طوبى للمخلصين، أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهُم فتنة ظلماء».

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3647 - الجمعة 31 أغسطس 2012م الموافق 13 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً