العدد 3665 - الثلثاء 18 سبتمبر 2012م الموافق 02 ذي القعدة 1433هـ

جزيرة سترة ودور الشركات الخانقة

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

القطاع الخيري يحظى باهتمام كبير في دول العالم قاطبة، وفي الدول الغربية على وجه الخصوص، لما له من آثار إيجابية تجاه المجتمع، فهو يساعد في تقويته وترسيخ التكافل الاجتماعي للناس.

في كل أنحاء العالم تقوم الشركات الخاصة باستقطاع جزء من أرباحها لما يترتب عليها من دور نحو دعم المجتمع، كمساعدات اجتماعية ومن باب تبادل المنفعة والمصلحة العامة للدولة. لهذا تشهد كثير من المجتمعات المتقدمة، دعم الشركات للأنشطة التطوعية، والاهتمام بالأعمال الخيرية، وتمويل مجالات حيوية وخدمات مجتمعية عدة كالتعليم والصحة والثقافة والبيئة والبحث العلمي والأسرة ورعاية الطفولة وغيرها من دور النفع العام.

ولهذا أيضاً، تحظى المنظمات غير الحكومية باهتمام كبير من وسائل الإعلام التي تُعنى بنشر خدماتهم للمجتمع وكيفية تمويل الشركات لهذه التوجهات، وليس كما يحصل في دول العالم الثالث التي تتم السيطرة على عملها، بمراقبة هذه المنظمات غير الحكومية، وكذلك تُمنع الشركات من القيام بمهماتها، أما لقصور في مفهوم المنظمات غير الحكومية أو لأسباب مجهولة وغير مقنعة.

في دول العالم الثالث لا نرى لهذه الشركات والمؤسسات الخاصة دوراً بارزاً في مجال خدمة المجتمع، إلا ما ندر، كي لا نبخس بعض الشركات الداعمة للشئون العامة، والسبب كما يبدو أن أنظمة هذه الدول تكبل الشركات بقوانين وشروط، فيجب الدفع فقط لِمَن يدور في فلكها، أو ترتضيه الحكومة، ولم يسمح بمساعدات عينية أو نقدية إلا عبر الشروط التي وضعتها الأنظمة، وويل لأية شركة تقوم بخدمة منطقة أو فئة مغضوب عليها.

هذه المقدمة تقودنا إلى وضع جزيرة سترة، التي تتكدس الشركات على أطرافها شمالاً وجنوباً، ومنها ما يقذف نفاياته إلى البحر، وبعضها نحو اليابسة، وأخرى إلى الغلاف الجوي، والأهالي متضررون من آثار هذه النفايات، ومحاصرون بهذه البيئة التدميرية للبحر والحجر والبشر، ما يؤثر على صحة القاطنين من غير مقابل كدعم مؤسساتها الخيرية والرياضية وأنشطتها المجتمعية.

السؤال المهم: ما هي فائدة المنطقة من وجود هذه المصانع المترامية حول الجزيرة والتي تخنق قاطنيها بيئياً، ولشوارعها من السيارات المتراكمة ليلاً نهاراً، إن لم يكن لها دور محوري في تنمية المجتمع تعليمياً وتربوياً ورياضياً وثقافياً.

لا أدعي ما قلت ضد هذه الشركات، من غير دليل أو برهان أو سند يرسخ ما أقول، فقد سبق لي العمل في مؤسسات المجتمع المدني المختلفة، وقمت بالسؤال لمن يواصلون العمل التطوعي عن هذه القضية التي تؤرقنا في هذه الجزيرة، فلم أرَ أو أسمع عن دور اجتماعي أو رياضي لهذه المصانع والشركات.

أليس من المفترض، على سبيل المثال، أن تقوم وكالات السيارات المحيطة بنا، بمنح نادي المنطقة سيارات لنقل اللاعبين كما تهدي المناطق الأخرى؟ فنادي سترة أصبح بحاجةٍ إلى دعم كبير لما تنقصه من الأمور التشغيلية، كونه نادياً نموذجياً وينافس كبار الأندية ويزخر بالطاقات الرياضية والثقافية والعلمية، ولكنه بالمقابل، يعاني من عزوف اللاعبين عن الالتحاق بالنادي لعدم توافر المواصلات، فعندما تقوم هذه الشركات بدورها، سيرجع بالنفع على البلد حتماً، حينما يتم استقطاب الشباب المتحمس للرياضة ولخدمة الوطن.

لا نعرف السبب الحقيقي، لماذا أيادي تجارنا مغلولة عن دعم مؤسسات هذه المنطقة بالذات؟ وما هو السبب في جعل هذه الشركات معفية من دعم مؤسسات النفع العام؟ وهل يجب علينا أن نحرضها على عمل الخير ودعم المجتمع، أم أنه لا يسمح لها بعمل الخير إلا بعد موافقة الجهات الرسمية؟

أيضاً لماذا لا تقوم هذه الشركات المترامية حولنا، بتوظيف أبناء الجزيرة الذين يعانون الحرمان، بهدف انتشالهم من حالة الفقر والقضاء على المشاكل المجتمعية الناتجة من الفراغ والبطالة. فهناك بالجزيرة مؤسسات اجتماعية تطوعية، بانتظار هذه الشركات للعمل كحلقة وصل في استقطاب خدمات هذه الشركات وتوظيف أبنائها لو خلصت النوايا في تقديم الخدمات، فإن لم تكن لهم الإرادة والصلاحية بسبب العوائق والشروط أو الضوء الأخضر من الحكومة، فإننا نطالب الدولة بالمتابعة وتقديم الدعم اللازم، لترسيخ المساعدات الاجتماعية، لما لها دور في استقرار الأسرة والمجتمع في البلد.

نخص بالذكر الشركات التي تحيط بهذه المنطقة، من مصانع وشركات عملاقة ومتوسطة، وكذلك مما يتكدس بها من شركات صغيرة مثل الشركات المساندة كالورش والكراجات ومصانع المواد الكيميائية والأغذية والمقاولات وغيرها.

نتفهم سلفاً أن هناك عوائق تقف حائلاً دون قيام هذه الشركات بدورها المنوط بها، والسبب كما يبدو، أن هناك من يرغب ببقاء المجتمع من دون تطوير أو تقدم، ليظل خاضعاً لسياسات الفقر والتجويع والإذلال وقطع الأرزاق والتخلف. ولو قامت هذه الشركات بمسئوليتها وواجبها تجاه المجتمع لتم القضاء على كثيرٍ من مشاكلنا المجتمعية والأسرية، كالفقر والسرقات والجريمة.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3665 - الثلثاء 18 سبتمبر 2012م الموافق 02 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:56 ص

      شكراً

      نادي سترة تجب عليه الصدقة في ظل الظروف التي يمر بها

    • زائر 2 | 12:58 ص

      رياضي ستراوي

      يجب على شركة بابكو أو ألبا أو البتركيماويات منح سيارات لنقل اللاعبين وهذه دعاية لهم أيضا.
      أبو حسن الستراوي

    • زائر 1 | 12:53 ص

      الجواب بسيط

      لا نعرف السبب الحقيقي، لماذا أيادي تجارنا مغلولة عن دعم مؤسسات هذه المنطقة بالذات؟
      كما قلت من المناطق المغضوب عليها في دولة عنصرية

اقرأ ايضاً