العدد 3678 - الإثنين 01 أكتوبر 2012م الموافق 15 ذي القعدة 1433هـ

مجلس حقوق الإنسان والبحرين وجنيف

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ربما أكثر التساؤلات حالياً عن هذه المرحلة التي تمر بها البلاد ولم يسبق أن مرت بها بهذه الوضعية من قبل هي: ما قصة التوصيات الـ176 التي قدمتها 67 دولة وماذا تعني؟ وما هو المرفوض منها والمقبول حكومياً وما تأثير ذلك على أمور الحَراك المحلي؟ ثم ما تأثيرها الدولي على البحرين حالياً ومستقبلاً باعتبار أن دولتنا عضو في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان الذي يشكل آليةً قانونيةً للأمم المتحدة لمتابعة ضبط حركة حقوق الإنسان في العالم حتى لا يزيد الظلم ظُلماً ويقل هامش الحرية والحقوق للإنسان في كل مكان.

وكما أشار الأمين العام للأمم المتحدة السابق، كوفي عنان، بوضوح حين اقترح عام 2005 إلغاء لجنة حقوق الإنسان السابقة لفسادها واستبدالها باقتراحه الجديد وهو مجلس حقوق الإنسان، بقوله: «لقد بلغنا نقطة ألقى فيها تراجع مصداقية اللجنة بظلاله على سمعة نظام الأمم المتحدة».

بتتبع بعض تفاصيل ما حدث في جنيف منذ مايو/ ايار 2012 حتى اليوم يتضح التالي: اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، تقرير البحرين الذي أعدته كل من السعودية واسبانيا والأرغواي، وذلك استناداً على المناقشات التي دارت في مجلس حقوق الإنسان أثناء المراجعة الدورية الشاملة لملف البحرين الحقوقي يوم (21 مايو 2012). وبعد اعتماد المجلس للتوصيات التي بلغ عددها 176، وبحسب آلية الاستعراض الدوري، يجب على الحكومة البحرينية تقديم ردود على تلك التوصيات سواءً بالقبول أو الرفض، وهي تحمل أكبر رقم نالته دولة في العالم حتى اليوم منذ إنشاء المجلس قبل 2006 ومن قبلها لجنة حقوق الإنسان التي تشكلت عام 1946. وبما ان البحرين لم ترد في حينه على كل توصيات هذا الرقم العجيب؛ فقد تأجل ردها إلى موعد لا يتجاوز الدورة الـ21 لمجلس حقوق الإنسان والتي عُقدت في سبتمبر/ ايلول الماضي. ولفهم كامل المشهد الحقوقي البحريني ومتابعة ما يجري واستيعابه بشكل مختصر، وهذا لعمري هو من مميزات حراك الساحة اليوم، لابد من معرفة ما هو مجلس حقوق الإنسان وكيف تسير بعض أعماله الحقوقية.

منذ 1946، تشكلت لجنة حقوق الإنسان، وهي الهيئة الرئيسية التي أنشئت في نظام الأمم المتحدة لمعالجة قضايا حقوق الإنسان، وذلك بموجب المادة (68) من الفصل العاشر من ميثاق هيئة الأمم المتحدة وذلك لتعزيز حقوق الإنسان في العالم. وكان للجنة دور كبير في إصدار القوانين ذات العلاقة بحقوق الإنسان ووضع معايير لعدة قوانين تحكم سلوك الدول. إلا أنه شابها قصور واضح بعد تحكم بعض الدول النافذة في المنظمة الدولية في سير أعمالها الحقوقية خلال الأعوام القليلة الماضية، ومنها الازدواجية في المعايير والانتقائية في معالجة الحالات والفشل في التصدي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تحدث في كثير من البلدان. وهذا ما جعل كوفي عنان يوصي بالاستعاضة عن هذه اللجنة بهيئة دائمة يطلق عليها «مجلس حقوق الإنسان»، يتم انتخاب أعضائها من قبل الجمعية العامة عن طريق التصويت بأغلبية الثلثين. وفي 15 مارس/ آذار 2006 صوتت 170 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء مجلس لحقوق الإنسان. وهو يعتبر هيئة فرعية تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومسئولاً مباشرة من الجمعية العامة.

وتعتبر أهم مميزات المجلس الجديد، مقارنة مع اللجنة السابقة، أن أعضاءه يُنتخبون من قبل الجمعية العامة مباشرةً، وهو ما اعتبر تعزيزاً لمكانة المجلس ولحقوق الإنسان معاً. ويتألف المجلس من 47 عضواً من الدول عبر انتخابها بآلية الاقتراع السري بالأغلبية المطلقة للجمعية العامة، وفقاً للتوزيع الجغرافي بين 18 مجموعة من المجموعات الإقليمية الخمس في العالم كالتالي: 13 من المجموعة الإفريقية، 13 من المجموعة الآسيوية، 8 من مجموعة أميركا اللاتينية ودول بحر الكاريبي، 7 من أوروبا الغربية، 6 من دول أوروبا الشرقية.

ويقوم مجلس حقوق الإنسان بإجراء الاستعراض الدوري الشامل (UPR) لكل دولة استناداً إلى معايير موضوعية وموثوقة المعلومات، عن وفاء كل دولة بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، وذلك وفق آلية تضمن شمولية جميع الدول والمساواة في المعاملة بينها. كما أن من مهمات المجلس: معالجة حالات انتهاكات حقوق الإنسان، وتقديم التوصيات والمساهمة من خلال الحوار والتعاون لمنع انتهاكات حقوق الإنسان والاستجابة على الفور لأي حالات لانتهاكات حقوق الإنسان.

وبما أن البحرين ليست استثناءً من بين الدول، إلا في عدد التوصيات الضخم، لذا فإن عليها، كما قال عضو المرصد البحريني لحقوق الإنسان منذر الخور: «تحفظات في وضعها الحقوقي ولذا فهي ستكون تحت المراقبة الدائمة، كما أنها صُنفت واحدة من 16 دولة تهدّد المدافعين عن حقوق الإنسان. كما أن الدول تعلم عن وضع البحرين الحقوقي، والقبول الرسمي بالتوصيات يعني وضع المزيد من الالتزامات على البحرين، أُضيفت إلى الكمّ الكبير من توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، والتي أخذت جزءًا كبيراً من توصيات جنيف الدعوة إلى تنفيذها بصورة جادة».

فما هي توصيات جنيف؟ من أبرز التوصيات التي قدمتها 67 دولة لمملكة البحرين، تلك التي جاءت من جمهورية التشيك، بطلب الإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن جميع الأشخاص المحكوم عليهم بسبب ممارستهم لحقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع، وخصوصاً خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي بدأت في فبراير 2011، والتحقيق في حالات الوفاة أثناء الحجز، ومحاكمة جميع المسئولين عن التعذيب وسوء المعاملة وعمليات القتل غير القانونية والاعتقالات التعسفية على نطاق واسع، والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.

أما إسبانيا فقد طالبت البحرين بتجريم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية صراحةً؛ والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والبروتوكولين الأول والثاني الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. ووقف جميع أعمال الترهيب أو القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والمنظمات غير الحكومية، ومواصلة عملية إصلاح قوات الأمن لتزويدهم بأفضل القدرات والتدريب على حقوق الإنسان والاعتدال في استخدام القوة، وإلغاء عقوبة الإعدام.

أما الأورغواي فطالبت بالتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي للقضاء على عقوبة الإعدام، ومواءمة تعريف التعذيب في القوانين البحرينية مع اتفاقية مناهضة التعذيب، والعمل على تحقيق الإصلاحات الديمقراطية وتعزيز الحوار الوطني الاجتماعي والسياسي، وسحب التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بها. واعتماد التشريعات التي تسمح لأطفال الأمهات البحرينيات والآباء غير البحرينيين بالحصول على الجنسية البحرينية. ومراجعة التشريعات الوطنية وتطوير برامج التوعية والتدريب من أجل القضاء على التمييز بحكم الواقع ضد الفتيان والفتيات المعوقين.

وطالبت الدنمارك بسرعة التنفيذ وبحزم لجميع توصيات لجنة تقصي الحقائق، بما في ذلك التحقيق في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان خلال الاحتجاجات الأخيرة، وذلك بهدف ضمان المساءلة الكاملة، والعدالة والتعويضات للضحايا. وأن يتم نقل الناشط الحقوقي المعتقل عبدالهادي الخواجة إلى السلطات الدنماركية لتلقي العلاج الطبي، وذلك تماشياً مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين البحرين والدنمارك في 14 مارس الماضي... وللحديث تتمة.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3678 - الإثنين 01 أكتوبر 2012م الموافق 15 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:33 م

      اي نجاد

      ويش دخل نجاد في الموضوع!!!!!!!!!!!!!!!

    • زائر 5 زائر 4 | 4:03 م

      ؟ وش جاب اللي جاب

      ألست في بلد العجائب؟ نعيش ونشوف ونسمع!!!!!

    • زائر 3 | 10:23 ص

      ماذا تسمى

      هل لك ان تعلق على من يقبل راس نجاد !! وبخاصة انه قائد تلك الفرقة في جنيف ، هل هناك وصف افضل من خائن او مرتزق لزصف سلوكه !! اجب من فظلك

    • زائر 2 | 8:13 ص

      التوصيات المرفوضة

      نريد ان نعرف ما هي؟

اقرأ ايضاً