العدد 3689 - الجمعة 12 أكتوبر 2012م الموافق 26 ذي القعدة 1433هـ

في مواجهة القلق

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

كثيراً ما كنا نتمنى لو أننا نمتلك أداة التحكم بالزمن حين كنا أطفالاً؛ لكي ننجو بأنفسنا من المشاكل التي تواجهنا، كانت مشاكلنا صغيرة كأحجامنا وعدد سنوات أعمارنا، ولم نكن نظن يوماً أنها كانت كذلك؛ إذ كنا نراها بعين الطفل الضئيل الذي يرى ما حوله عملاقاً كبيراً، تماماً كما كنا نرى الفرحة حين نحصل على قطعة شوكولا أو لعبة جديدة أو قطعة معدنية من فئة المئة فلس.

وفي الواقع فإنه لا يمكن لأحد أن ينجو بنفسه من الألم، ولا يمكن له أبداً أن يغير مسرى الحياة ويعيد الزمن كي يتجنبه، هذا ما اكتشفناه متأخراً ولو أن بعضنا مازال يحلم بهاجس حصوله على آلة الزمن؛ لأنه يجيد الهروب من مواجهة ما يعترضه من مصاعب ولا يدرك أنه يستطيع تحويل كل حجر يتعثر به إلى جسر يوصله إلى بر الأمان والسعادة.

السبب الحقيقي وراء ذلك الهروب كله هو القلق. القلق هو من يجعلنا جبناء أحياناً في مواجهة الحقيقة. القلق من النتائج. القلق من نظرة الآخر. القلق من المستقبل المجهول الذي نتمناه دائماً بحجم أمانينا ولا نسعى لتحقيقه بشكل سليم. ولكن ماذا لو علمنا أن هنالك دراسة حديثة لأحد المعاهد الأميركية تقول بأن 80 في المئة من القلق الذي يسجن الإنسان نفسه بداخله لا أصل له، إذا ما عرفنا أن بعضه يتعلق بمخاوف صحية لا أساس لها وبعضه الآخر بأمور يومية نتعرض لها كل يوم؟ هل سنحاول تجنب هذا القلق ومواجهة الحياة بكل ما بها كي نحقق ذواتنا بطرق أسهل وأجمل في نتائجها؟

يقول الدكتور واين دبليو داير في كتابه مواطن الضعف لديك: «إذا كنت تعتقد بأن الشعور بالذنب أو القلق بصفة مستمرة سوف يغيران من الماضي أو المستقبل شيئاً، فإنك بذلك تعيش على كوكبٍ آخر له معايير أخرى وواقعٌ آخر يختلف تماماً عن واقع كوكبنا».

أتذكر قصة سردتها لي إحدى الصديقات المهووسات بالقلق، إذ كانت على موعدٍ مع تسليم أحد الواجبات في الجامعة، وكانت معلمة المادة شديدة جداً، ليلتها لم تنم لأنها كانت تبحث عن وسيلة تنجيها من إحراجها أمام زملائها وزميلاتها فيما لو قدمت العرض ولم ينل إعجاب المعلمة، ورغم ثقتها بنفسها وهي تعدّ مادة العرض، وإعجابها بها بعيداً عن كونها للجامعة إلا أنها عاشت قلقاً رهيباً لم يجعلها تنم طوال الليل. كانت في الصباح مرهقة جداً وخائفةً من المادة حتى اتخذت القرار ونفذته: ذهبت للمعلمة وأخبرتها أنها لن تستطيع حضور المحاضرة بسبب الإرهاق وقدمت لها المادة، علماً بأن درجة العرض كانت 10 وتسليم المادة 20، وفي المحاضرة التالية اكتشفت أن مادتها كانت الأجمل والأشمل بين جميع المواد التي سلمها الطلاب، ولكن درجتها كانت الأقل لأنها لم تقدم عرضاً لها أمام الجميع. ومنذ ذلك اليوم وهذه الصديقة لا تهاب المواجهة!

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3689 - الجمعة 12 أكتوبر 2012م الموافق 26 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:18 ص

      القلق

      القلق يفقدني طعم الحياة رغم ان الله من عليي بكل خير الا ان القلق لا يدعني اهنأ في لحظات السعادة مع اسرتي فقلقي من الموت وتركهم او قلقي من المرض وفقدهم

    • زائر 1 | 4:28 ص

      الثقة بالنفس

      أملك الثقة بالنفس ولكن ليست كافية .. و تعرضت لموقف تقريبا مشابة لصديقتكِ ..

اقرأ ايضاً