العدد 3696 - الجمعة 19 أكتوبر 2012م الموافق 03 ذي الحجة 1433هـ

لكل مجتمع الحق في اختيار عقده الاجتماعي

في ثاني مناقشات «فجرائيل» الاحتفائية بمئوية «روسو»

مدير المركز الثقافي الفرنسي
مدير المركز الثقافي الفرنسي

المنامة - ملتقى فجرائيل للثقافة 

19 أكتوبر 2012

في ثاني فعالياته الاحتفائية بالمئوية الثالثة لفيلسوف التنوير جان جاك روسو (1712-1778) نظم ملتقى فجرائيل للثقافة حلقة نقاشية في المركز الثقافي الفرنسي (إليانس فرانسيه) تم خلالها مناقشة أفكار الفيلسوف الفرنسي والتطرق إلى أفكار كتاب «العقد الاجتماعي» الذي كتبه روسو في العام 1762. وعبر المتداخلون في النقاش عن أن المجتمعات هي التي تحدد وتختار عقودها الاجتماعية أو دساتيرها، وأن حاجات المجتمع وطبيعته هي التي تفرض شكل ونموذج العقد الذي تتخذه.

بدأت الفعالية بعرض سريع عن حياة روسو قدمها مدير المركز الثقافي الفرنسي كريستوف عرض فيها لولادة روسو في جنيف السويسرية عام 1712، ثم هروبه من جنيف وتشرّده وتجاربه في الموسيقى في العام 1728، مركّزاً على حياته قرب مدينة شامبيريه في دوقية سافوي حيث قضى مع لويز دي مؤكداً على أن روسو اعتبر هذه الفترة من أهم فترات حياته التي قضى فيها فترة من التأمل والتفكير.

بعدها بدأت الحلقة النقاشية حيث عرض المتحدث الرئيسي في الحلقة علي السلاطنة فكرة العقد الاجتماعي، مركزاً على ثلاثة فلاسفة تناولوا هذا الموضوع، كان آخرهم روسو نفسه، مشيراً إلى أن فكرة روسو عن العقد الاجتماعي مرتبطة بنظرته للعودة للطبيعة أو العفوية الأولى. وأرجع السلاطنة سبب الفوضى في المجتمعات إلى «فرض أحد البشر على الآخرين فكرة الملكية الخاصة، التي سببت فيما بعد (التفاوت) بين الناس» مشيراً إلى أن العقد الاجتماعي هو الحل أو النظرية التي تنظر لنشأة الدولة والمجتمع.

وقال السلاطنة إن الفلاسفة اختلفوا في بدايات نشوء الدولة، ففي حين أرجعها أحدهم للأسرة ومن ثم القبيلة والدولة، أعادها آخرون إلى فكرة القوة وفرض البعض سيطرتهم بالقوة على الآخرين، وردّها آخرون إلى (حق الإله) أو التأثير الديني، وهو الأمر الذي استغل لحماية العروش لفترات طويلة من التاريخ، من بينها أيضاً العصر الذي عاش فيه روسو.

وعرض السلاطنة أفكار الفيلسوف البريطاني توماس هوبز (1588-1679) الذي ينطلق من حالة الطبيعة هو الآخر، غير أنه يعتقد أن الإنسان عاش مع الطبيعة الأولى في وسط (الشرور) طارحاً ضرورة الانتقال إلى العقد الاجتماعي الذي يرى هوبز أنه لابد أن يكون عبر (تنازل الجميع عن حقوقهم كاملة للحاكم، الذي لا يعدّ طرفاً في هذا العقد) ورأى السلاطنة أن هذه الفكرة ترسّخ للديكتاتورية.

كذلك عرض السلاطنة أفكار فيلسوف إنجليزي آخر هو جون لوك (1632-1704) حيث أشار إلى أفكاره في العقد الاجتماعي التي تقوم على (تنازل الأفراد عن جزء من حقوقهم مقابل تنظيم الحاكم للمجتمع، وبهذا يدخل الحاكم كطرف في الاتفاق، ويلتزم كل طرف بواجباته في الاتفاق) موضحاً أن هذه الفكرة تعطي الشعوب حق الثورة على الحاكم إن أخلّ بالاتفاق.

وفيما يذهب روسو إلى فكرة أخرى في عقده الاجتماعي، يقول السلاطنة، فهو ينظر بحالة إيجابية للطبيعة، ويرى أن الحل هو في إعادة فكرة (المساواة والقضاء على التفاوت) عبر العقد الاجتماعي من أجل إعادة التوازن، ويقوم عقد روسو الاجتماعي على أن يتنازل الجميع عن جميع حقوقهم للكل) أي أنه يطرح فكرة الأغلبية أو رأي الأغلبية الذي يجب أن يطبق على الجميع. وتقوم أفكار المفكرين الثلاثة على مبادئ (الملكية المطلقة) التي يتبناها هوبز، و(الملكية المقيدة) التي يتبناها لوك، وفكرة (الجمهورية) التي يتبناها روسو، والتي يمكن أيضاً أن تدخل فيها أطروحات الملكيات الدستورية حيث الملك فيها يملك ولا يحكم.

وفي مداخلته على هذا الطرح أكد محمد درويش على أن هوبز ولوك قدما أفكاراً وتصورات خلفية لطروحاتهم، بينما لم يقدّم روسو هذا مكتفياً بطرح فكرة التنظيم ذاتها. وأشار درويش إلى أن مثالية روسو كفيلسوف لا يمكن الجدل فيها هنا، مشيراً إلى آراء طرحت في الحلقة الأولى من النقاش التي أقيمت في صالة غاليري نقش، معتبراً أنه من الظلم الحديث عن روسو كمثالي فقط في طرحه لأفكاره التي تتعلق بتنظيم وشكل أنظمة الحكم.

فيما اعتبرت الشاعرة منى الصفار أن روسو خرج بأفكاره هذه من أجل كسر الحالة الطبقية المترسخة في مجتمعه آنذاك، مشيرة إلى أن روسو أسس لفكرة إرادة الناس، ومؤكدة على أن الفكرة الأهم هي في كون كل مجتمع قادر على الخروج بصيغ مختلفة لعقودهم الاجتماعية تتوافق وما يريدونه. هذا الرأي ذهب إليه أغلب المتداخلين ومن بينهم الشاعر كريم رضي الذي أكد على أن الفكر الحديث يحاول النظر إلى الدولة وتغوّل الأنظمة، حتى الديمقراطية منها، في المجتمعات، بحيث تتحول إلى أنظمة تصادر المجتمع، مشيراً إلى ضرورة التركيز على حماية المجتمعات، طارحاً أفكار مفكرين من أمثال (فوكو). أما الشاعر أحمد رضي فذهب إلى أن طرح أفكار الفلاسفة الثلاثة يوضح لنا مساوئ الدولة كما يوضح إيجابياتها، مشيراً إلى أنه على الجميع النظر في كل هذه الجوانب لدى الحديث عن شكل محدد للنظام الذي يجده ملائماً ومناسباً.

العدد 3696 - الجمعة 19 أكتوبر 2012م الموافق 03 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:07 م

      حبيبي استاذ علي

      آلُـُلٍْـُھٌ يوفقك استاذ علي وًآلُـُلٍْـُھٌ انك كبير :: اتمنى لك التوفيق في حياتك العملية

اقرأ ايضاً