العدد 3711 - السبت 03 نوفمبر 2012م الموافق 18 ذي الحجة 1433هـ

محمود عباس في آخر الخيبات!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

فجّر الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس قنبلة صوتية في وجه الشعب الفلسطيني، حين أعلن للتلفزيون الإسرائيلي عن رغبته في زيارة مسقط رأسه (صفد)، دون أن يكون له الحق في البقاء فيها لأنها أصبحت جزءاً من «إسرائيل»!

التصريح أثار زوبعةً من ردود الفعل الغاضبة، وبينما كنتَ تنتظر في السنوات السابقة قراءة ردود الفعل على الأحداث في اليوم التالي، فإنه يمكنك الآن متابعتها على الهواء مباشرةً، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر». فتقرأ ردود فلسطينيين وفلسطينيات من داخل صفد، إحداهن تعلن أن عباس لا يمثلها كفلسطينية من صفد، ولا يحق له الكلام باسمها، وآخر يدعو إلى منعه من دخولها عندما تتحرّر في المستقبل.

عباس كان عرّاب مشروع «أوسلو» الفاشل، فهو الذي كان يفاوض الإسرائيليين سرّاً في العواصم الاسكندنافية بعيداً عن الأضواء، وبعد عشرين عاماً من المفاوضات العبثية، فكّر بنقل الملف إلى مجلس الأمن ليطلب عضوية مراقب في الأمم المتحدة... وسرعان ما تبيّن أنها مناورة فاشلة.

عباس من الصف الثاني من ذلك الجيل الفاشل من الزعامات العربية التي راكمت الخيبات والهزائم، وقد فرض الإسرائيليون سلطته حين أرغموا عرفات على استحداث منصب «رئيس وزراء»، وهكذا تم تنصيبه مؤقتاً، وبعد رحيله نُصّب رئيساً. رحلة طويلة يجرجر خلفه سلسلة من الخيبات، حتى خرج قبل أسابيع معلناً عجزه عن دفع مرتبات موظفي السلطة، «لأنه ببساطة ليس لدينا مصاري»! كان يهز كتفيه في غير اكتراث، ولم يفكّر في الاستقالة لأنه باقٍ رئيساً للأبد.

في المقابلة ذاتها، فجّر قنبلةً أخرى أكثر دويّاً، بقوله إنه «لن يسمح بانتفاضةٍ ثالثةٍ طالما بقي في منصبه»، فرئيس ما تبقى من السلطة الفلسطينية، يتصرف وكأنه وكيل للاحتلال الإسرائيلي. لم يصل النضال الفلسطيني إلى درجةٍ من التقهقر والانحدار كما وصل إليه في عهد رئيس هذه السلطة.

عباس يمكن النظر إليه في سياقه التاريخي، ضمن قيادات مرحلة الهزائم والخيبات، التي خاضت خمس حروب فاشلة، في خمسين عاماً، أسفرت عن تكريس الاحتلال، وزيادة الأراضي العربية المحتلة ثلاثة أضعاف. وقد كان انفجار الربيع العربي في جانب منه، احتجاجاً على هذا النظام العربي الذي انتهت صلاحيته وعمره الافتراضي.

شاعر فلسطيني علّق بسخرية سوداء على الموقف الأخير بقوله: «إذا كان عباس مستعداً للتنازل عن نصف فلسطين من خلال لقاء تلفزيوني، فماذا تبقى ليتنازل عنه على طاولة المفاوضات»؟ فرئيس ما تبقى من السلطة، لم يعد يملك ما يتنازل عنه غير قريته الصغيرة، بعد أن قبل بأن يكون عابر سبيل في قريته، أو مسافر ترانزيت في وطنه!

التاريخ بمقدار ما يبخل بالقيادات النادرة، فإنه يفرّخ الكثير من الشخصيات المتسلقة على الكراسي مهما كانت دعائمها من أخشاب أو جماجم ودماء. ورئيس ما تبقى من السلطة الفلسطينية هو من هذا الصنف من الأشخاص.

كل ما في التصريح سيّئ ومقزّز، والأسوأ هو توقيته، فقد جاء في اليوم الذي أُعلِن رسمياً عن مسئولية «الموساد» عن تصفية زميله خليل الوزير، أحد قيادات منظمة التحرير الفلسطينية في الثمانينات، في عملية مشبوهة مازال يلفها الغموض، إذ نفّذها الإسرائيليون في قلب تونس.

من سوء حظ عباس، أن التصريح جاء متزامناً أيضاً مع ذكرى «وعد بلفور المشئوم»، حتى أطلق عليه بعض الفلسطينيين «وعد عباس المشئوم».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3711 - السبت 03 نوفمبر 2012م الموافق 18 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 2:33 ص

      ليس أول خائن

      ليس هو أول خائن فالكثير من الدول العربية عشعش العفن والفساد في قادتها حتى بلغ النخاع وبلاءنا مننا وفينا وليس من امريكا او الغرب بل من الانحراف والانحدار منذ زمن سحيق .. الان التقاتل حول تحديد من هو المناضل الاصلي من المزور .. هو المناضل الوطني ذو اللحية والثوب القصير .. ام هو المناضل هو غيره بالطبع لابد ان يكون المناضل من لا يشرك بالله طرفة عين .. اذن لابد ان يكون سمات الصالحين فيه .. وفحصه من بأشعة جاما حتى نعرف انه أصلي مو مجنس وعلي يده ستحرر القدس أبتداء بسوريا .

    • زائر 5 | 2:11 ص

      فلسطين ملك للفلسطينيين, ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

      عباس كغيره ممن قد سبق, وكأن الملايين ليس فيها قائدا فذا يقود زمام الشعب الفلسطيني ويقوي شوكته ويوحد جهوده وجهاده ضد احتلال العدو الذي هو أهون من بيت العنكبوت, وهذا بشرط أن لا تتفرقوا

    • زائر 4 | 1:18 ص

      هذه هي مصيبتنا

      دائماً نولي من ليس أهلاً للمسؤولية وتبقى الأجيال تدفع ثمن هذا الخطأ بل وتسحق إن فكرت في التغيير يوماً، لهذا ضاعت فلسطين وضعنا خلفها!!

    • زائر 1 | 11:28 م

      الي مزبلة التاريخ

      الي مزبلة التاريخ هو و اتباعه

اقرأ ايضاً