العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ

خمسون عاما على إعلان حقوق الإنسان

تعد الأمم المتحدة أجهزتها وهيئاتها للاحتفال بمرور 50 عام على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ويتوقع أن يشمل العام 1998 على برامج مستمرة لمراجعة ما حققته الإنسانية من احترام أو انتهاك لحقوقها. ففي العام 1948 وافقت الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان شريطة أن لا يكون هذا الإعلان مدخلا للاعتداء على سيادة الدول. فالامم المتحدة قامت على مبادئ احترام حق تقرير المصير واحترام سيادة الدول بدلا من الانتداب والاستعمار والحماية التي كانت تشكل أسس التعامل بين الدول القوية والدول المغلوب على أمرها. وسيضاف العام 1998 الموعد المحدد لمراجعة الخطة الخمسية لتنفيذ الإعلان الثاني لحقوق الإنسان، المسمى بإعلان فيينا الذي وقعت عليها – ايضا – جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في العام 1993.

وقد اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا في العام 1988، وتبعها قراران صادران عن مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في العامين 1996 و1997، للتأكيد على أهمية أحياء الذكرى على مستوى عالمي ولمدة عام واحد خلال 1998.

ستبدأ الاحتفالات في 10 الأول (ديسمبر) 1997 وتستمر إلى 10 كانون الأول (ديسمبر) 1998 لتشمل نشر الوعي لإعلانين العالميين (1948 و1993) وطرق تطبيقهما في جميع أنحاء العالم لمنع الانتهاكات التي لم تتوقف على أيدي "الدول ذات السيادة الكاملة على أراضيها" وذات السجون المملوءة بمواطنيها. وفي سبيل التسهيل على الذين سيحتفلون بالذكرى الخمسين للإعلان العالمي (ومرور خمس سنوات على إعلان فيينا) طرح مركز حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أفكار رئيسية للتركيز عليها.

وتتلخص هذه الأفكار فيما يلي:

1- احترام كرامة الإنسان، كل إنسان، بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الديني أو اللغة أو اللون أو الجنس أو غيرها من عوامل التفريق. واحترام كرامة الإنسان تعني حريته ومساواته وعدم التمييز ضده وحماية فئاته المستضعفة خصوصا النساء والأطفال والشعوب الأصلية المقهورة، اللاجئين، المبعدين، المعوقين والعمال الأجانب (المهاجرين / الوافدين).

2- طرح موضوع حقوق الإنسان على أساس كونه الملتقى العالمي لجميع الثقافات. فكل الثقافات لها بعد عالمي أو بعد يؤثر على العالم بطريقة أو أخرى. ويتطلب هذا الطرح عرض موضوع حقوق الإنسان كأفكار عالمية تهدف لتمكين الشعوب من السيطرة وإدارة شؤونهم الحياتية. وهذا يتطلب تضمن المناهج الدراسية بمواضيع حقوق الإنسان والدعوة للتسامح والتآخي والتعاون المحلي والعالمي.

3- حق المرأة مسئولية الجميع: وهذا العنوان يراد منه التركيز على حقوق المرأة ودور الرجل في حمايتها ومنع العنف وأساليب الاضطهاد والتقليدية والسياسية ضد المرأة، وفسح المجال أمام المرأة للمشاركة في عملية التنمية حسب الكفاءة.

4- ارتباط حقوق الإنسان بالديمقراطية السياسية والتنمية الاقتصادية: وهذا الطرح يركز على أن الإنسان هو محور سياسات التنمية التي تسعى للقضاء على الفقر والمجاعة وتحقيق مستوى معيشي كريم. وهذا مرتبط أيضا بتحقيق حكم القانون المؤسس ديمقراطيا من خلال المؤسسات المنتخبة بصورة حرة وتمثيلية بجميع فئات المجتمع.

5- المجتمع المدني: ويعتبر المفكرون أن المؤسسات الأهلية الطوعية هي المحرك والحامي لحقوق الإنسان، لأن هذه المؤسسات تطور الأحساس الفردي والجماعي بالمسئوليات العامة. ولهذا فإن من مؤشرات المجتمع الحر تواجد مؤسسات أهلية تساهم بمشاركاتها الفكرية والاجتماعية في تطوير الوعي بحقوق المواطنين في الاشتراك في تطوير المجتمع على جميع المستويات الثقافية والخيرية والرياضية والاقتصادية والمهنية وغيرها.

6- تسليط الأضواء على ما حققته الإنسانية من خلال دعوتها لاحترام حقوق الإنسان، مثل انتهاء الاستعمار وانتهاء حكومة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وتحول دول كثيرة باتجاه الانتخابات النزيهة وحرية التعبير عن الرأي وتطوير مستوى المعيشة للمواطن.

7- تسليط الأضواء على العهدين والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ودور الأمم المتحدة في رعاية الحقوق الإنسان ودور الأمم المتحدة في رعاية الحقوق المدنية والسياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ومنع التعذيب والقتل خارج القانون والمحاكمات الجائرة والاعتداء على الأطفال والنساء، ومساعدة ضحايا الانتهاكات الخارقة لحقوق الإنسان... الخ.

ولا شك فإن التحديات التي تواجه حقوق الإنسان كثيرة ومتشبعة. فهي فكرية من جانب وعملية من جانب آخر. من الناحية الفكرية فإن مختلف الثقافات الإنسانية تلتقي على مبادئ أساسية مثل الحفاظ على كرامة الإنسان، ولكنها تختلف على تفاصيل تلك الأسس. ولهذا فإن المعاهدات الدولية المستمدة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومن إعلان فيينا تعتمد في "شرعيتها الفكرية" على توقيع الدول الأعضاء على مبادئ حقوق الإنسان.

وهناك من جانب آخر تحديات عملية، إذ أن توافق على التوقيع على أحد أو بعض أو جميع المعاهدات الدولية، فإنها تتعذر بأعذار مختلفة ولتاقوم باعتمادها واصدارها كقوانين وطنية – محلية ملزمة، وذلك لصد المدافعين عن حقوق الإنسان من ممارسة دورهم.

هذا لا يعني الاعذار جميعها غير عقلانية، لان الدول الأعضاء في الأمم المتحدة هي التي تجتمع وهي التي تقرر تدين أي دولة في دول العالم لانتهاكها لحقوق الإنسان. ومصالح مباشرة بين الدول. وبعض الدول يمتنع عن التصويت ضد دولة أخرى خوفا من قيام تلك الدولة بالتصويت ضدها. رغم كل ذلك، فإن انتشار الوعي الحقوقي وازدياد قوة المنظمات غير الحكومية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية بدأ يؤثر أكثر في الماضي. ولهذا السبب تتعرض بعض الحكومات الحليفة للقوى المسيطرة على الساحة الدولية للانتقاد. والفضل يرجع في الأساس للجهات الحقوقية غير الحكومية التي تحاول الدفاع عن استقلاليتها ومصداقيتها من خلال تبني قضايا في جميع أنحاء العالم.

ومما يؤسف بالنسبة للمواطن العربي ازدياد الدور الحكومي (أكثر من عشرين صوت للحكومات في اجتماعات الأمم المتحدة) واختفاء الدور غير الحكومية. وفي العادة توجد منظمة أو منظمتان عربيتان في اجتماعات الأمم المتحدة. ولكن هذه المنظمات العربية غير الحكومية تلتزم في الأعم الأغلب بنهج لا يحرج الحكومات العربية كثيرا. ولهذا يلجأ العديد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان في بلادنا العربية للالتحاق والعمل مع منظمات إقليمية غير عربية وغير حكومية هربا من الدول ذات السيادة الكاملة وذات السجون المملوءة.

العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً