العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ

دروس وعبر باكستانية

جلس في أحد المطاعم الغربية وأمامه فتاة أوروبية لا يتجاوز عمرها عمر أحدى بناته. طلب "الخمرة" وقائمة الوجبات من صاحب المطعم الهندي. وقبل أن يطلب وجبة من الوجبات سأل الجرسون: "هل هذا اللحم حلال"؟ وعندما أجابه بالإيجاب راح يطلب الأكل له وللمرأة الجالسة أمامه. هذا الشخص المفتول العضلات يهتم كثيرا بأكل "اللحم الحلال" وهو مستعد أن يضحي بنفسه أيضا فيما لو اعتدى شخص على اسم "الإسلام" أو اسم "باكستان"!

مرحبا – أخي القارئ وأختي القارئة – مع نوعية من الأشخاص المتواجدين بكثرة في إحدى بلداننا الإسلامية: باكستان.

باكستان احتفلت في 1997 بمرور خمسين عاما على تأسيسها، وباكستان أيضا دخلت حلبة الدول المالكة للسلاح النووي، بصورة رسمية، بعد أن ردت على الهند وفجرت تجاربها النووية في أيار (مايو) العام الماضي (1998). البقعة التي أطلق عليها اسم باكستان هي الأرض التي قطنها الهنود المسلمون وحكموها منذ دخول الجيوش الإسلامية قبل قرابة الألف عام. ومنذ دخول المسلمين إلى تلك الأراضي حكموها حتى مجيء الانكليز قبل قرابة الأربعة قرون. الهند كانت مجموعة من المالك، ولكن أكبرها كانت الإمبراطورية الممتدة من أفغانستان غربا حتى البنغال شرقا، ومن كشمير شمالا حتى منتصف الهند الحالية. كل هذه المنطقة كانت محكومة من قبل المسلمين، ولكن المغول كانوا في حالة ضعيفة مع مجيء الانكليز إلى الهند بعد تأسيس شركة الهند الشرقية في العام 1599.

المسلمون الذين كانوا يعيشون كحكام ومحكومين كانوا من نوعية خاصة تختلف عن القوميات الإسلامية الرئيسية الأخرى (العرب والأتراك والفرس). فالهنود المسلمون كانوا ولا زالوا (بصورة عامة) يحبون الارتباط بالعرب والأتراك والفرس. فاللغة الفارسية كانت لغة الثقافة واللغة المستخدمة في ديوان الحكم.

واللغة العربية كانت لغة الدين والعقيدة والشريعة. والأتراك كانت لديهم الصدارة في التركيبة العسكرية الحاكمة. أما اللغة الهندية (واحدة من مئات اللغات الهندية) التي كان يتحدثها الهنود المسلمون فقد تم تعريب كتابتها ، تماما كما تم تعريب اللغة الفارسية. أما اللغة الإردوية فهي في الأساس خليط من الكلمات لهندية والفارسية والعربية. وكلمة "الاردو" تعني (قديما جداً) "الجيش"، وهذا يعكس اثر الجيش الإسلامي (المسيطرة عليه من قبل الأتراك) في الثقافة الإسلامية هناك.

وعندما بدأت حركة الاستقلال الهندية في التصاعد شارك المسلمون في تلك الحركة بروح وطنية، غير أنهم سرعان ما شعروا بأن هناك حركة هندوسية متطرفة تدعو لمحاربة الاستعمار الانكليزي و"الاستعمار" الإسلامي أيضا، وعودة الهند إلى الهندوس. وبما انه ليس هناك استعمار إسلامي، بل أن هناك مسلمين هنود حكموا بعضهم البلاد الهندية فقد شعر المسلمون بأن مستقبلهم لا يمكن أن يكون في ظل أكثرية هندوسية قد تستخدم التصويت والانتخاب وتحرم المسلمين من حقوقهم (لان عدد الهندوس أكثر من عدد المسلمين). وهكذا بدأت الدعوة لإقامة وطن للمسلمين الهنود منفصل عن الهند الكبيرة ومتمركز في المنطقة التي كان يسيطر عليها المسلمون.

هذه الأمور خلقت الحالة العدائية والمتوترة بين الهند وباكستان. ففي عام 1994 أطلقت الهند صاروخا باليستيا وأطلقت عليه اسم "Prithvi" ثم طورته إلى مدى ابعد (250كم) في العام 1996 – 1997، وتنوي أطلاق صاروخ آخر بنفس الاسم في العام 2000 ويمكنه حمل رؤوس نووية ويرميها على بعد 350 كيلومتر.

"Prithvi" هو اسم لأحد القادة الهنود الذي انتصر على المسلمين في العام 1191م. ولهذا فإن باكستان ردت على هذا الأمر بالمثل وطورت صاروخا مماثلا وقادرا على حمل رؤوس نووية، وأطلقت عليه "Ghauri". والغوري، هو اسم القائد الإسلامي محمد الغوري الذي هزم Prithvi في معركة لاحقة.

وفي 11 أيار (مايو) من العام الماضي (1998) فجرت الهند تجاربها النووية وردت باكستان في 28 أيار (مايو) بتفجير تجاربها النووية رداً على الهند.

الهند وباكستان، كلاهما دولتان هامتان للعالم الإسلامي. ومن غير الصحيح أن يتم استعداء الهند لكي تربح إسرائيل وتدخل مع قوة نووية معادية. والهند وباكستان وأفغانستان وإيران جميعهم يمثلون مدخلا إلى منطقة آسيا الوسطى التي تملك القدرات الهائلة المستقبلية.

باكستان المسلمة – النووية أثبتت أنها تستطيع أن تقف على أرجلها، ولكن ينبغي أن لا يكون ذلك على حساب الأمن العام في المنطقة. وباكستان الذي احتوت على الهنود المسلمين الذين لم يتورطوا تاريخيا بالحساسيات العرقية والطائفية، هي مهددة الآن بتلك الحساسيات، بسبب حركة طالبان التي شجعتها باكستان.

باكستان لديها الكثير من القدرات الهائلة التي تمكنها لان تلعب دورا قياديا في العالم الإسلامي، وجيشها الوطني – المسلم لديه قدرات هائلة، ولكن ما ينقص باكستان هو الإستراتيجية المتكاملة مع الدول الإسلامية.

العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:17 ص

      فجر بركات ال جمل المعاوي / الاردن

      نعم الهند وباكستان يجمعهم تاريخ ملحمي فكل الطرفين لهم قدرات قتاليه حربيه
      الهند تعتمد المراوغه القتاليه وباكستان تعتمد القدره القمعيه فكلا البلدين يمتلكون اسلحه لمواجهة بعضهم الا ان الهند هزمة باكستان بثلاث حروب وقد تكبددت البلدين خسائر متساويه تقريبا الا في عام 1971 خسرة باكستان خساره كبيره 50%من البلاد و50%من جيشه ومعداته العسكريه
      معا انا بكستان هزمة الا انا افعاله القتاليه تدرس فامريكيا والسعوديه وغيرها من الدول
      نقول انا على باكستان لو تواجهة معا الهند يعتمدون قدرة المراوغه

اقرأ ايضاً