تتوزع الإضاءة والألوان والقطع القماشية والمعدنية والخشبية بشكل منسق في نماذج من المجسمات العاشورائية التي تحولت الى ظاهرة فنية خلال موسم عاشوراء عبر السنوات الماضية، لتتحدث كل واحدة منها عن جانب من جوانب يوم عاشوراء، ولتفتح المجال للتنافس الإبداعي بين الفنانين والنجارين ومهندسي الديكور سواء من المحترفين أم من الهواة.

وتخصص العديد من المآتم في العاصمة المنامة وفي مختلف مناطق وقرى البحرين، زوايا لفن تصميم المجسمات والديكور، وتتنوع أفكار تلك المجسمات بين استلهام مشهد من مشاهد واقعة الطفوف بما تشمله من دلالات: ساحة المعركة، الخيل، الجنود، النهر، الخيام، الحوارات، فيما يصمم البعض الآخر مجسمات لضريح الإمام الحسين «ع» في كربلاء بدقة تقارب التصميم الهندسي للمقام الشريف، إلا أن الجهد الأكبر يظهر بوضوح، كما يقول النجار عادل حبيب، في المجسمات التي تشمل توصيلات كهربائية للإضاءة وتدفق الماء حيث تتطلب دقة كبيرة في التصميم تجعل المشاهد ينبهر – إن جاز التعبير – من تكامل معاني المشهد وقوة تأثيره في النفس.

ويشير حبيب الى أن بعض المجسمات تتطلب مدة شهر لإنجازها، وخصوصاً تلك التي تضم مجسمات للخيول بحجم يقارب الحقيقي، أو مجسم الفرسان أو الأطفال أو النساء، وعلى أية حال، فإن كل تصاميم المجسمات تتطلب الكثير من الوقت مهما كان حجمها، وفي الغالب، يتولى الشخص ذاته تمويل عمله، وفي حالة تخصيص زوايا للمآتم، فإن القائمين على الإدارة يتكفلون بكلفة انجاز العمل، إلا أن الكثير من الأعمال يتم انجازها بجهد وتمويل ذاتي رغبة في الفنان أو المهندس أو النجار في المشاركة بعمل فني، فهذا اللون من الفن له رسالته دون شك.

ويلفت الفنان طلال غزوان «فيولا للديكور» الى أن المشاركين في إحياء عاشوراء، شاهدوا خلال السنوات الماضية أعمالاً من التصاميم الرائعة أبدع الشباب من الجنسين في انتاجها، وبالطبع، هناك أعمال أخرى بسيطة لكن الجهد المبذول فيها كبير ووفق ما يتوافر من امكانات ومواد لإنجاز العمل، فمثل هذه التصاميم ذات كلفة عالية في الحقيقة، لكن الهدف منها يدخل تحت عنوان تقديم نماذج من الفنون التي تعكس قدرة الشباب في تقديم أعمال مبدعة تحمل أفكاراً تجسد مشاهد عديدة في واقعة كربلاء العظيمة.

ويضيف: «كم شاهدنا مجسمات لها تأثير حسي وبصري كبير... خذ مثلاً نموذج الطفل الرضيع والسهم في منحره، أو مجسم جواد الإمام الحسين «ع» المصاب بالسهام والنبال في جسده... وغيرها كثير... هذه الأعمال تعتبر جزءاً مهماً في تنويع الرسائل خلال موسم عاشوراء وهي رصيد كبير يساند القراءة الحسينية والموكب والمحاضرات والمعارض والحلقات النقاشية وحملات التبرع بالدم وبالطبع المرسم الحسيني ومعارض الصور، فأنت أمام موسم ديني وثقافي وفكري كبير خرج عن الإطار التقليدي في الإحياء».

ومن النماذج الفنية الجميلة، زوايا التلال الرملية والخيام، فيعمد الشباب الى احضار كميات من الرمل، ثم يبدأون في تحويلها الى هضبة بمساحة يمكنها استيعاب الخيام والمجسمات الأخرى المساندة عليها، وتشمل تلك الزوايا استخدام ألوان خاصة تضيف لمسات جمالية بصرية عليها، وفي كل الحالات، فإن الكثير من المهتمين، يعرضون أفكار مجسماتهم وأعمالهم على علماء الدين قبل البدء في التنفيذ لضمان أن تلك الأعمال لا تشكل مخالفة فقهية، وللاستفادة من الأفكار التي تسهم في انجاح العمل وايصال فكرته الرئيسية.