افتتحت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة معرض «تايلوس: رحلة ما بعد الحياة» بمتحف الفنون الشرقية في العاصمة الروسية (موسكو)، بمشاركة العديد من الشخصيات العالمية والوفود المعنية بالتراث والمتاحف، وذلك بعد تحقيقه نجاحاً في الفترة الماضية خلال إقامته بمتحف الأرميتاج في مدينة سانت بطرسبورغ منذ موعد افتتاحه في بداية شهر يوليو/ تموز الماضي، بحضور قرينة عاهل البلاد صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، حيث تشير إحصاءات المتحف إلى أن عدد الزوار قد بلغ نصف مليون زائر وسائح من مختلف أنحاء العالم.

كما انعقد أمس الأربعاء (28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) المؤتمر الصحافي الخاص بإعلان المنامة عاصمة للسياحة في العاصمة الروسية، بحضور سفراء الدول العربية في روسيا ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغادانوف، بالإضافة لعدد من خبراء الآثار والسياحة، ومشاركة العديد من الإعلاميين والمهتمين بالشأن الثقافي والحضاري.

من جانبها، أعربت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة عن سعادتها بالمنجز الثقافي المشترك والتبادل الحضاري بين البحرين وجمهورية روسيا الاتحادية، مشيرةً إلى أن هذا التعاطي والصياغة الحقيقية للهوية الشعبية وتمريرها بين جغرافيتين مختلفتين يقلص المسافات المادية وينتقل إلى مرحلة أخرى من التمرير والتجاوب الثقافي وتشكيل مشاهد مغايرة ومكثفة.

وذكرت أن «البحرين حملت بداخلها في عاصمة الثقافة تجربة فريدة مع روسيا، لقد تمكنا من إيجاد التحام عميق ما بين شعبين غزيرين بإرثهما وحضاراتهما المتلاحقة، ولأننا في الثقافة نمتلك لغة فريدة، فإننا اليوم نمتلك استحقاقاً آخر يتمثل في عاصمة السياحة العربية، حيث نخرج إلى أبعد من جغرافياتنا الضيقة إلى حميمية هذا العالم».

وأضافت أن «كل المشاهد التي استعدناها في التجربة الماضية تحتاج اليوم إلى تشكيل آخر، فإيقاع الحياة يتطلب منا تحقيق منجزات ومتجاورات عديدة تلائم الوتيرة المتسارعة لهذا العالم». وعن تجربة المعرض البحريني «تايلوس: رحلة ما بعد الحياة»، بيّنت الوزيرة أن هذا الحدث تحديداً يمثل الرؤية ذاتها التي تطمح البحرين إلى تفعيلها خلال المرحلة المقبلة، حيث قالت: «أرى أننا تمكنّا من تحقيق السياحة بخطواتها المرجوة حينما جئنا إلى روسيا بواحد من أهم المعارض البحرينية «تايلوس» وحين اتخذنا من المعتقدات القديمة ذريعة لنجول بها العالم بدءاً من روسيا التي استضافت منذ يوليو/ تموز الماضي معرضنا الجميل، وهي اليوم تنقله إلى عاصمتها، إن هذه المجالات البصرية تخرجنا من حالات التنميط السماعية أو الاعتيادية إلى ملامسات قريبة وحقيقية تضعنا أمام المكونات التاريخية بجذرها الإنساني وفكرة الوجود».

وأوضحت فكرة عاصمة السياحة وسعيها لتشكيل بنية تحتية عربية مشتركة، حيث أشارت إلى أن «طبيعة البرنامج الذي يعتمد خلال عام متواصل على أربعة فصول مختلفة، تتناوب في عرض مواضيع محددة، يتسم كل موسم فيها بثيمة مغايرة، تبدأ في الأول منها من خلال السياحة الثقافية والتي تمتد منذ يناير/ كانون الثاني وحتى مارس/ آذار المقبل، تتبعها في الأشهر الثلاثة اللاحقة فكرة السياحة الرياضية. أما الموسم الثالث فيقع ما بين شهري يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول 2013 ويركز على السياحة الترفيهية بفروعها الاقتصادية والعائلية وغيرها. كما يختص الشهر الأخير بالسياحة الخضراء التي تركز على التركيبة البيئية والمفاهيم الطبيعية وأهميتها في جاذبية الأمكنة والجغرافية، حيث أعدت وزارة الثقافة العديد من الموارد الثقافية والسياحية متمثلة في الأنشطة والفعاليات المستمرة على مدى العام 2013».

ويقدّم معرض «تايلوس» اختزالاً متحفياً وتراثياً إلى فكرة الانتقال إلى الحياة ما بعد الموت، وتحاكي السلوك الإنساني في الحقبة الواقعة ما بين القرن الثاني قبل الميلاد وحتى الثالث بعد الميلاد من خلال أربعة متوازيات مختلفة، تلامس في أحدها «تايلوس الجزيرة في تقاطع المعتقدات الهلنستية»، فيما تنتقل في تقديمها الثاني إلى «آثار الدفن»، ومن ثم المبحث البصري والتاريخي الثالث القائم على فكرة «الموت في تايلوس: رحلة معدّة للحياة اللاحقة» حيث تشارك الزائرين طقوس الدفن والتعامل البشري الفريد مع معتقداته، وأخيراً «التواصل مع الآلهة» الذي يكشف جزءاً مثيراً من العلاقة بين الإنسان وفكرة الرب في رحلة ما بعد الحياة. وتبحث هذه السلسلة التاريخية بفصولها الأربعة فكرة البعث كمعتقد ديني واجتماعي، حيث تركت هذه المعتقدات كنوزاً أثرية ومقتنيات قديمة تقدّم في تفصيلها شروحات بصرية وواقعية لتلك الحيوات، وتستدرج سلوك إنسان تلك الفترة.