العدد 3741 - الإثنين 03 ديسمبر 2012م الموافق 19 محرم 1434هـ

في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة: «لا شيء عنّا من دوننا»

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

وجّهت إحدى الفتيات رسالة إلى أحد الفائزين بميداليّة ذهبيّة في الألعاب الأولمبيّة الأخيرة للمعوقين تقول فيها: «إنّني أستمدّ القوة والإلهام لدى مشاهدتك تتغلّب على صعاب الحياة، وتسعى لتحقيق انتصارات جديدة وبلوغ مراتب أعلى في عالم الرياضة».

نعم، صار الأشخاص ذوو الإعاقة مصدر إلهام للإنسان العاديّ السليم! فمن هم الأشخاص ذوو الإعاقة؟ وكيف نتعامل معهم في المجتمع؟ وما اتفاقيّة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟

إنهم «أفراد يعانون نتيجة عوامل وراثيّة أو بيئيّة مكتسبة من قُصور القدرة على تعلُّم أو اكتساب خبراتٍ أو مهاراتٍ وأداءِ أعمالٍ يقوم بها الفرد العادي السليم المماثل لهم في العمر والخلفيّة الثقافيّة أو الاقتصاديّة أو الاجتماعيّة، ولهذا تصبح لهم بالإضافة إلى احتياجات الفرد العاديّ، احتياجات تعليميّة، نفسيّة، حياتيّة، مهنيّة، اقتصاديّة، صحيّة خاصة، يلتزم المجتمع بتوفيرها لهم؛ باعتبارهم مواطنين وبشراً – قبل أن يكونوا معوقين – كغيرهم من أفراد المجتمع»، وقد عرَّفت منظمة الصحة العالميّة الإعاقة على أنها «حالة من القصور أو الخلل في القدرات الجسدية أو الذهنية ترجع إلى عوامل وراثيّة أو بيئيّة تعيق الفرد عن تعلُّم بعض الأنشطة التي يقوم بها الفرد السليم المشابه في السِّن».

ومن أنواع الإعاقات: الجسمية (البدنية) وذلك بفقدان جزء من أجزاء الجسم أو أكثر، ما يؤثر في الحركة، أو حدوث خلل بها، مثل الشلل، ومن أنواعها أيضا الإعاقة الحسِّية من خلال فقدان حاسّة من الحواسّ أو حدوث نقص بها، كالصَمم والعمى، وأمّا الإعاقة الذهنية فهي تكون بفقدان العقل، أو حدوث نقص فيه (تخلُّف عقلي)، وأخيراً الإعاقة النفسية بحدوث آثار ظاهرة واضطرابات مثل: الانطواء، الانفصام، القلق.

وإبرازاً لهذه الفئة واحتياجاتها الخاصّة، تحيي منظمة الأمم المتحدة كل سنة يوماً دولياً للأشخاص ذوي الإعاقة يتوافق عادة مع الثاني من ديسمبر/ كانون الأول، ولا يتأخّر بان كي مون عن توجيه رسالة إلى العالم بهذه المناسبة، ولئن كان الأمين العام في رسالته الأخيرة أكثر تفاؤلاً من رسالة العام 2011، فإنه شدّد على أهميّة العمل الجماعيّ حيث قال: «ويجب أن نسعى معاً لتحقيق أهداف اتفاقيّة الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وهي القضاء على التمييز والاستبعاد، وإقامة مجتمعات تقدِّر قيمة التنوّع وإدماج الجميع».

وقد اعتُُمدت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبروتوكولها الاختياري في 13 ديسمبر 2006 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وفُتح باب توقيعها في 30 مارس/ آذار 2007. ووقّع الاتفاقية 82 موقّعاً، ووقع البروتوكول الاختياري 44 موقّعاً. ويمثل هذا أعلى عدد من الموقّعين في تاريخ أي اتفاقيّة للأمم المتحدة يوم فتح باب توقيعها. وهي أول معاهدة شاملة لحقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين وأول اتفاقيّة لحقوق الإنسان يُفتح باب توقيعها لمنظّمات تكامل إقليميّ. وتشكل الاتفاقية «تحوّلاً مثاليّاً» في المواقف والنهج تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة.

ويقصد بالاتفاقيّة أن تكون بمثابة صك لحقوق الإنسان ذي بُعد جلي فيما يتعلّق بالتنمية الاجتماعيّة. وتعتمد الاتفاقية تصنيفاً واسعاً للأشخاص ذوي الإعاقة وتعيد تأكيد ضرورة تمتّع جميع الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتوضح الاتفاقية كيفيّة انطباق الحقوق بجميع فئاتها على الأشخاص ذوي الإعاقة، وتحدد المجالات التي أُدخلت فيها تعديلات لكي يمارس الأشخاص ذوو الإعاقة حقوقهم بالفعل والمجالات التي انتُهكت فيها حقوقهم، وأين يجب تعزيز حماية الحقوق... إلخ. ومن مواد الاتفاقية: الحق في الحياة (المادة 10)، الاعتراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع آخرين أمام القانون (المادة 12)، عدم التعرّض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المُهينة (المادة 15)، عدم التعرّض للاستغلال والعنف والاعتداء(المادة 16)، مستوى المعيشة اللائق والحماية الاجتماعية(المادة 28)، المشاركة في الحياة السياسية والعامة (المادة 29)، المشاركة في الحياة الثقافيّة وأنشطة الترفيه والتسلية والرياضة 30 (المادة)... وغيرها.

ومن أشكال رعاية الدولة والمجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة: تفعيل برامج التوعية لأفراد المجتمع وتكثيفها، توفير العلاج وفرص التعليم المناسب والعيش الكريم لهم. فضلاً عن ذلك لابدّ من تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، تمهيداً لإعادتهم إلى الأعمال والمهن التي كانوا يزاولونها قبل الإعاقة، أو تدريبهم على مزاولة أعمال أو مهن أخرى تنسجم مع ميولهم وقدراتهم وظروفهم. إضافة إلى تأهيل ذوي الإعاقة الشديدة منهم على العمل جزئياً وتوجيههم إلى المجالات التي تناسبهم وتتلاءم مع قدراتهم، فضلاً عن رعاية الأشخاص غير القادرين على العمل كلياً عن طريق إنشاء مراكز للرعاية الاجتماعية ومراكز ومجمّعات لممارسة أعمال تناسب هذه الفئة وتوفّر لها دخلاً مناسباً. كما يمكن إلزام المؤسسات والمصالح باستيعاب نسبة معينة من هؤلاء في بعض الأعمال التي يقدرون على مزاولتها، بل وإشراك جميع أفراد المجتمع وتجمّعاته في رعاية هؤلاء... إلخ. ويمكن للمدارس والجامعات والمؤسسات المماثلة أن تقدم إسهامات خاصة فيما يتعلق بإثارة المزيد من الاهتمام ونشر الوعي بين أوساط الأطراف المعنية بالحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمدنية والسياسية للأشخاص ذوي الإعاقة.

إنّ لهذه الفئة الاجتماعية حقوقاً نصّت عليها الاتفاقيّة تجبر كل الموقعين عليها على اتخاذ الإجراءات في التنمية وسبل العيش المستدامة لهم وتشريكهم في القرارات والاختيارات المتعلقة بهم، ذلك أنّ المعوقين يقولون بصوت واحد: «لا شيء عنّا من دوننا».

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3741 - الإثنين 03 ديسمبر 2012م الموافق 19 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 2:28 م

      قارئ متابع لمقالاتك

      خط أعمدتك يمثل أهم دعم لاستراتيجية الأمم المتحدة
      شكرا لك مجددا و الى لقاء قريب ان شاء الله

    • زائر 11 | 2:24 م

      حقا هم مصدر الهام لنا

      وجّهت إحدى الفتيات رسالة إلى أحد الفائزين بميداليّة ذهبيّة في الألعاب الأولمبيّة الأخيرة للمعوقين تقول فيها: «إنّني أستمدّ القوة والإلهام لدى مشاهدتك تتغلّب على صعاب الحياة، وتسعى لتحقيق انتصارات جديدة وبلوغ مراتب أعلى في عالم الرياضة

    • زائر 10 | 11:13 ص

      بارك الله فيك يا أستاذ

      حقا وكما قال باقي الزوار فإن هناك بعض المعاقين لا يقبلون في المدارس ولهذا أرجو ثم أرجو أن يصل هذا المقال إلى وزارة التربية والتعليم ويقوموا بعمل ما عليهم فعله
      وأخيرا شكرا على هذا المقال الجيد

    • زائر 9 | 7:58 ص

      أنا معاقة

      والله زين أحد فكر فينا وكتب عن حقوقنا
      شاكرين لك استاد

    • زائر 8 | 5:48 ص

      نرجو العمل بهذه المواد

      الحق في الحياة (المادة 10)، الاعتراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع آخرين أمام القانون (المادة 12)، عدم التعرّض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المُهينة (المادة 15)، عدم التعرّض للاستغلال والعنف والاعتداء(المادة 16)، مستوى المعيشة اللائق والحماية الاجتماعية(المادة 28)، المشاركة في الحياة السياسية والعامة (المادة 29)، المشاركة في الحياة الثقافيّة وأنشطة الترفيه والتسلية والرياضة 30 (المادة

    • زائر 7 | 5:23 ص

      في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة: «لا شيء عنّا من دوننا»

      عنوان جدا جميل
      وتسلم يديك ع المقال استادي

    • زائر 6 | 4:13 ص

      نداء

      ضروري مراجعة سياسة وزارة التعليم والوزارات ذات الصلة بموضوع المعوقين عشان يتمكنو من حقوقهم اللي مذكورة في الموضوع
      وشكرا على الموضوع المهم والخطير

    • زائر 5 | 3:49 ص

      ولي امر معاقة

      ابنتي تجاوزت العشرون ولازلت تتنتظر دورها لكي تتعلم

    • زائر 4 | 2:54 ص

      ام لثلاثة معاقين

      ماذا فعلت الدوله لتاهيل المعاقين حركيا وخصوصا من تمتلك اكثر من ابن؟ اين ساعتين الرعايه لامهات المعاقين ؟ اين التقاعد المبكر براتب كامل لامهات المعاقين؟ اين واين واين؟

    • زائر 3 | 11:25 م

      إلى زائر1

      في بعض المدارس الحكومية يقع قبول نوعيات من المعاقين فالأمر يتوقف على نوع الإعاقة يا ريت بعض التوضيح لعلنا نفيدك بأي جهة تتصلين
      وشكرا

    • زائر 2 | 10:33 م

      جازاك الله خيرا على الموضوع

      لاأكاد أرى أحدا كتب عن هذا الموضوع في الصحف المحلية
      كان الله في عون ذوي لاحتياجات الخاصة

    • زائر 1 | 10:11 م

      ام معاقه

      ادور علي مدرسه خاصه لبنتي ماحصلت ماادري وين اوديها المدارس الخاصه ما يقبلون حالتها لاتستطيع المشي ياوزاره وين حقوق المعاقين ليش هالمدارس يرفضون قبول المعاق لما سألتهم قالوا المعاق يحتاج خدمات واحنا ماعندنا

اقرأ ايضاً