العدد 3747 - الأحد 09 ديسمبر 2012م الموافق 25 محرم 1434هـ

تحذيرات من تأثير الصراعات المتوقعة بين الصين وأميركا على الشرق الأوسط

في الندوة الأخيرة لـ «حوار المنامة»...

ضاحية السيف - أماني المسقطي 

09 ديسمبر 2012

حذر رئيس الوزراء الأسترالي السابق، عضو مجلس النواب الأسترالي كيفن رود، من تأثير الصراعات المستقبلية المتوقعة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية على دول منطقة الشرق الأوسط.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في الندوة الأخيرة لمؤتمر «حوار المنامة»، والذي اختتم أعماله أمس الأحد (9 ديسمبر/ كانون الأول 2012) في فندق «ريتز كارلتون»، وكانت الندوة بعنوان «أمن الشرق الأوسط من منظور عالمي».

وأشار رود في كلمته، إلى أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه السياسيين في الولايات المتحدة الأميركية خلال خمسة الأعوام الأخيرة، وخصوصاً مع ما مرت به الولايات المتحدة من تحدٍّ اقتصادي كبير ونمو منخفض وتفاقم مشكلة البطالة.

ولفت إلى أن الهيئات السياسية الأميركية تراقب الآن الصعود الصيني القوي، والتي يُتوقع أن تكون أكبر قوة اقتصادية في العالم خلال عقدين من الزمان.

كما اعتبر رود أن من بين التحديات التي تواجه الولايات المتحدة، هي فشل الإدارة الأميركية في إدارة الأمور فيما بينها، وخصوصاً على صعيد علاقة إدارة أوباما بالكونغرس، والوضع الاقتصادي المتردي الذي يعتبر أحد الطرق المسدودة بين الطرفين.

وقال: «وسط هذه التحديات التي تواجه الولايات المتحدة، فإن الولايات المتحدة تضع الشرق الأوسط في وضع مميز، لكنه ليس أولوية بالنسبة لها».

وتطرق رود كذلك إلى أهمية الشرق الأوسط بالنسبة لآسيا، مشيراً إلى أن آسيا غنية بالعولمة، ولديها حافز لأن تكون قوة صاعدة بخلاف ما كانت عليه في القرن الـ19، وأن الصين ستكون هي مركز هذه القوة، وخصوصاً بعد ما حققته الأخيرة على مدى ثلاثين عاماً، والتي بات اقتصادها يتجاوز الولايات المتحدة.

إلا أنه استدرك بالقول: «على رغم ما تمثله الصين من مركز قوي، إلا أن الصينيون مازالوا يواجهون مشكلات التحولات الاجتماعية والاستدامة البيئية ومشكلة بقاء النظام الشيوعي».

وقال رود: «الشرق الأوسط يعتبر منطقة مهمة وأساسية، ولكن يجب الحفاظ عليها لكي تكون بعيدة عن أية صراعات متوقعة بين الصين والولايات المتحدة، وذلك حتى يظل نموها الاقتصادي قائماً، وبالتالي تستفيد منه بقية دول المنطقة».

وأضاف: «في الوقت الراهن، من الواضح أن الولايات المتحدة مازالت تبقى على اهتمامها في الشرق الأوسط، ولكنها لا تعتبرها من أولوياتها العشر الأولى».

أما فيما يتعلق بأوروبا، فأشار رود إلى أن أوروبا تضع في الوقت الحالي كل اهتمامها في نموها الاقتصادي وإعادة ترتيب بيتها الداخلي وإدارة برامجها المشتركة، وفي الوقت نفسه تبدي اهتماماً بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا أنها لا تأتي ضمن أول أولويتين، على حد تعبيره.

كما أشار إلى أن هناك عدداً من الأولويات لدى المجتمع الدولي، والمتمثلة في مشكلة الهجرات والإرهاب، ناهيك عن مشكلة كوريا الشمالية التي تشكل تحدياً أكبر من إيران، ومشكلة الصحراء الإفريقية، والجوع في إفريقيا.

غير أنه عاد ليؤكد أن الولايات المتحدة أرسلت عدة رسائل واضحة على أنها تريد البقاء إستراتيجياً في آسيا لعدة اعتبارات، ومن بينها التزامها السياسي في المنطقة، ناهيك عن توجيه رسائل لمنافسيها بعدم تراجعها عن منطقة آسيا، وكذلك علاقاتها مع حلفائها وشركائها الذين تربطها بهم التجارة الحرة في المنطقة.

وأكد رود أنه بعد انتهاء الانتخابات الأميركية، والانتخابات الإسرائيلية المقبلة، فعلى الإدارة الأميركية أن توفر خطة سلام للمتحاورين في ملف الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وإلا فإن الأمور ستسوء، وستؤدي إلى حدوث انتفاضة جديدة، وخصوصاً أن الشعب الفلسطيني بدأ يفقد الأمل، وهو ما من شأنه أن يؤثر على اتفاقية السلام.

وتطرق رود إلى مسألة الاعتراض على عدم التدخل الأميركي الكافي في سورية، وخصوصاً في ظل الموقفين الصيني والروسي من الملف السوري، مشيراً إلى أنه يجب أن يكون هناك استعداد لإصدار قرار عن مجلس الأمن بشأن ما يتعلق بالمرحلة التي تلي بشار الأسد، ووضع خطة عملية من أجل تجاوز أي فراغ بعد مغادرة الأسد، حتى لا يتكرر في سورية ما حدث للقذافي في ليبيا.

ومن جهة أخرى، أكد رود على ضرورة أن تكون العقوبات على إيران نافذة وفاعلة وقوية، وأن على دول الخليج أن تدفع بهذا الاتجاه.

من جانبه، اعتبر رئيس الوزراء السابق في حكومة إقليم كردستان العراق بارهم صالح، أن منطقة الشرق الأوسط ستبقى ذات أهمية كبرى للأمن العالمي، وخصوصاً أنها مهد الديانات السماوية الثلاث، وأن العالم بات أكثر ترابطاً من ذي قبل ويؤثر ويتأثر في بعضه البعض.

وقال: «منطقة الشرق الأوسط أصبحت في حالة كساد، ولم تعد الظروف مؤاتية لشعوب المنطقة بأن تزيد إمكانياتها وتحصل على الحرية وتعالج مشكلة البطالة لديها».

وأضاف: «كانت القوى الخارجية والأوروبية هي التي تلعب دوراً حاسماً في المنطقة والشرق الأوسط، ولكن بسبب العولمة، أصبحت المنطقة لاعباً رئيسياً، والتطورات الديناميكية باتت هي التي تحدد الأمور في المنطقة».

وتابع: «لقد بات هناك حوار جدي بشأن شرعية الحكومات، وفي صلبها قضايا التنمية الاقتصادية وخلق الوظائف وتوفير التعليم».

وأكد صالح أن قضايا انفتاح الحكومات على الشعوب والشفافية، باتت قضايا أساسية، تتطلب مواجهتها ومناقشتها بطريقة انفتاحية، معتبراً أن فكرة العلمانية المستوردة أثبتت فشلها في المنطقة.

وأشار إلى أن الهيكليات التي سادت في هذا الجزء من العالم، أصبحت تتغير لأن طبيعة الدول تغيرت والتعامل مع الدول قد تغير أيضاً.

وقال: «في العراق بدأنا ما كنا نأمل أن يقال عنه مشروع ديمقراطي، ولكن الآن بعد مرور عشر سنوات، لا أستطيع أن أقول إننا نجحنا. وإنما هناك الكثير الذي يجب القيام به». وأضاف: «حين أرى ما يحدث في مصر بشأن الدستور، أرى أهمية الحوار بشأن الدستور، الذي يجب أن يعكس التوافق بين الأطراف المختلفة في البلاد».

وتابع: «العراق بعد عشرة أعوام على سقوط صدام حسين، مازال يعاني من فجوة طائفية بين السنة والشيعة، وهذا لا يفيد أداء الحكومة، وإنما يؤثر عليها سلباً. ومشكلة الطائفية لا يمكن أن تحل إلا إذا تم التعامل معها بموجب أساسيات الدين والسياسة».

وأشار صالح إلى أن التحديات التي تواجهها العراق في الوقت الحالي، وخصوصاً في ظل الثورات التي تشهدها المنطقة، تنبئ بأشهر بل سنوات صعبة، والتي سيكون لها تأثير على ديناميكيات بقية المنطقة.

وأبدى في الوقت نفسه تخوفاً من أن تؤثر الأحداث في سورية على العراق والأردن وبقية دول الجوار، مؤكداً على ضرورة التوصل إلى آلية سلمية لانتقال السلطة في سورية تحدد مصير ومستقبل الشعب السوري.

وقال: «لقد أصبح الوضع في سورية معقد جداً، ولو تم التعامل مع الأزمة السورية منذ بداية الأمر، لما آلت الأمور لما هي عليه في الوقت الراهن، وصحيح أن المجتمع الدولي يحاول أن يتخذ موقفاً بهذا الشأن، إلا أن من الدروس التي تعلمناها من أزمة العراق، أنه لا يجب أن نكون ساذجين وإنما واقعيين».

وختم صالح حديثه بالقول: «يجب رسم خطة التغيير بما يناسب مصالح الشعب السوري، والمصالح المشتركة بين القوى السياسية في المنطقة، من شأنها أن تشجع للحصول على نتائج إيجابية في سورية».

 رئيس الوزراء الأسترالي السابق عضو مجلس النواب الأسترالي كيفن رود متحدثاً في «حوار المنامة» - تصوير : عقيل الفردان
رئيس الوزراء الأسترالي السابق عضو مجلس النواب الأسترالي كيفن رود متحدثاً في «حوار المنامة» - تصوير : عقيل الفردان

العدد 3747 - الأحد 09 ديسمبر 2012م الموافق 25 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً