العدد 3761 - الأحد 23 ديسمبر 2012م الموافق 09 صفر 1434هـ

رئيس الوزراء: مسيرة التعاون الخليجي المشترك تمضي في الطريق الصحيح

في حديث لسموه مع صحيفة «البيان» الإماراتية تنشره اليوم الإثنين

سمو رئيس الوزراء مستقبلاً رئيس تحرير صحيفة «البيان» الإماراتية
سمو رئيس الوزراء مستقبلاً رئيس تحرير صحيفة «البيان» الإماراتية

قال رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، في حوار مع رئيس تحرير صحيفة «البيان» الإماراتية تنشره اليوم الاثنين (24 ديسمبر/ كانون الأول 2012): «إن مسيرة التعاون الخليجي المشترك تمضي في الطريق الصحيح نحو تقوية الدعائم الراسخة للتكامل أمنياً واقتصادياً، بما يعزز من المكتسبات والمنجزات التي تحققت، ويضاعف من مستويات الرفاه والأمان والاستقرار لشعوب المنطقة».

وشدد سموه في حديثه بمناسبة انعقاد قمة قادة دول مجلس التعاون في العاصمة البحرينية (المنامة) اليوم، على ضرورة ترسيخ التعاون والتكامل بين دول المجلس وبالشكل الذي يحقق المصالح والمنافع المتبادلة، وخاصة في المجال الأمني.

وأوضح سموه أن «شعوبنا تتطلع لمزيد من المنجزات وخاصة في ظل التطورات الإقليمية والعالمية التي تمر بها المنطقة».

وحث سموه على بذل مزيد من الجهد لإضفاء فاعلية أكبر على استراتيجية العمل المشترك لدول المجلس في ظل التحديات الإقليمية والدولية، والاستجابة لتطلعات شعوب المنطقة في تحقيق إنجاز تلو الأخر، والبناء على ما حققه مجلس التعاون من إنجازات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ودعا سموه قادة دول المجلس إلى وضع الأفكار التي تعجل من الانطلاقة نحو الغد المنشود من أجل حاضر ومستقبل المنطقة وتحقيق الصالح العام.

وأكد سموه أننا في حقبة جديدة وعالم تحكمه المصالح المتضاربة وهي مصالح ذات بعد استراتيجي واضح وبات من الملزم أن تعزز فعالية ودور المجلس ككيان موحد.

وقال: «إن ما يهمنا في المقام هو أمن واستقرار المنطقة وأن نتحدث بصوت واحد ونكون لاعباً رئيسياً فيما يخص شئون المنطقة وعلينا أن نضع الآليات المتعددة لحماية مصالحنا وبشكل قوي والحفاظ على الثوابت في محيطنا الخليجي كواحة امن ومستقرة».

ورداً على سؤال عمّا إذا كانت قمة المنامة ستشهد ولادة «الاتحاد الخليجي» رسمياً، أكد سموه أن مبادرة، خادم الحرمين الشريفين عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، للانتقال من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد» جاءت لتلبي تطلعات دول مجلس التعاون في الوحدة التي كانت، ولاتزال، وستظل، الهدف الأسمى من وراء تأسيس هذا المجلس.

ورأى سموه أن مشروع الاتحاد يجب أن يسير وفق المتفق عليه بين الدول الأعضاء وبخطوات مدروسة ومتأنية لتحديد آليات الانتقال للوحدة على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، بهدف ضمان الانطلاقة القوية للاتحاد، وتعزيز المكانة والثقل الذي اكتسبه مجلس التعاون إقليمياً ودولياً خلال السنوات الماضية.

وقال سموه: «إننا أمام مرحلة يجب أن تكون فيها دول الخليج العربية وحدة واحدة، حيث إننا نعيش واقعاً متشابهاً في النظم السياسية والمخاطر التي تهددنا هي أيضاً واحدة، لذا فما نريده في هذه المرحلة هو اتحاد خليجي يحقق التعاون الذي طالما تطلعنا إليه ويكرس التنسيق والتكامل والترابط الذي نتحدث عنه ويوفر مظلة للأمن الجماعي كخيار استراتيجي يحقق الأمن الذاتي الجماعي».

وشدد سموه على أن تطوير منظومة مجلس التعاون والوصول إلى بها الوحدة الخليجية الشاملة، هو هدف توافقت عليه إرادة وتطلعات شعوب المنطقة وقياداتها منذ انطلاق مجلس التعاون، وخيار مصيري في ظل ما نعيشه من تحديات وتهديدات أمنية وسياسية.

وقال سموه: «إن إيمان البحرين العميق بأن الحفاظ على مصالح ومكتسبات دول مجلس التعاون لا يمكن أن يتحقق إلا بالتماسك والاتحاد وتنفيذ كل ما تتوافق عليه إرادة دول وقادة وشعوب المجلس وخاصة في مجال تعزيز المواطنة الخليجية، وهي المبادئ التي نادت بها حكومة مملكة البحرين في أولويات برنامج عمل الحكومة».

وأعرب سموه عن ثقته بأن « قمة المنامة»، ستعطي دفعة قوية للجهد الخليجي المشترك نحو بلوغ أهدافه المنشودة، وبالشكل الذي يواكب ما تشهده المنطقة والعالم من متغيرات، ويلبي طموحات الشعوب في التنمية والعيش بأمن واستقرار.

وعمّا إذا كانت مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ستتجهان لتشكيل اتحاد كونفدرالي في حال تأخر إعلان الاتحاد الخليجي الشامل، أكد سموه أن فكرة الاتحاد تحظى بترحيب خليجي واسع ووفق رؤية توافقية تضمن مشاركة كل دول المجلس من دون استثناء باعتباره تطوراً طبيعياً في مسيرة هذا المجلس الذي تظل الوحدة هدفه الأسمى منذ تأسيسه في العام 1981.

وأشار سموه إلى أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي تقترح انتقال مجلس التعاون لدول الخليج العربية من حالة «التعاون» إلى حالة «الاتحاد»، تشمل جميع الدول الأعضاء في المجلس، لافتاً سموه إلى أن نتائج أعمال اللجنة المكلفة بوضع التصورات الخاصة بقيام هذا الاتحاد ستحدد عند اكتمالها، كل التفاصيل المتعلقة بإعلان هذا الاتحاد، الذي بات مطلباً ملحاً للشعوب الخليجية، وخاصة في هذه المرحلة التي تواجه فيها دول المجلس متغيرات وتحديات كثيرة، تحتم الإسراع بتحويل «الاتحاد الخليجي» إلى أمر واقع، وهذا لن يكون بعيداً.

وعن العلاقات بين مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، قال سموه: «إنها علاقات متجذرة وقوية وما يربط بين البلدين من علاقات أخوة ومحبة، في ظل مساعي قيادتي البلدين لتوطيد هذه العلاقات والوصول بها إلى ما يلبي طموحات الشعبين الشقيقين»، مشيداً سموه بما تزدهر به الإمارات اليوم من تقدم ومنجزات تنموية وحضارية شاملة.

كما أشاد سموه بالدور الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، منذ انطلاق مسيرة مجلس التعاون في أبوظبي العام 1981 وحتى الآن، منوهاً سموه بالموقف العربي المساند والداعم من قيادة وشعب الإمارات الشقيق لمملكة البحرين خلال فترة الأحداث التي شهدتها البحرين.

وعن تطلعات سموه بشأن «قمة المنامة» كمحطة جديدة في مسيرة التعاون الخليجي، عبر سمو رئيس وزراء عن ترحيب بلاده باستضافة القمة الخليجية، مؤكداً سموه أن البحرين تحت قيادة عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أولت تعزيز العمل الخليجي المشترك مكانة رفيعة ضمن سياساتها واستراتيجيتها، وكانت دوماً حاضنه وداعمة له على كل المستويات.

وأكد سموه أن قادة دول التعاون يولون توسيع نطاق الشراكة الخليجية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية أهمية بالغة، ويسعون إلى تعظيم قوة المجلس وتعزيز ترابطه، والنهوض بآليات التعاون والتكامل بما يعزز من مسيرته ويطورها.

وأعرب سمو رئيس الوزراء عن تمنياته أن يوفق المولى عز وجل قادة دول مجلس التعاون في مسعاهم لتوطيد أواصر التعاون والمحبة بين دول المجلس وشعوبه.

وقال سموه: «إن الظروف والتهديدات المحيطة بدول المنطقة وما يشهده العالم من تحولات، تشكل حافزاً إضافياً يدفع باتجاه تقوية منظومة مجلس التعاون، من أجل تعزيز جهود التنمية والتكامل الاقتصادي، وتوفير مظلة حماية قادرة على ردع كل من يتربص بأمن المنطقة واستقرارها».

وبخصوص رؤية سموه لواقع التعاون الخليجي في ضوء ما تعرضت له البحرين من أزمة في العام الماضي، أكد سموه أن وقفة دول مجلس التعاون إلى جانب البحرين في أزمتها، شكلت عاملاً حاسماً في الحفاظ على وحدتها ودعم سيادتها واستقرارها، وأن ما تتطلبه المرحلة الحالية هو دعم التوجه المشترك لحماية أمن المنطقة، باعتباره أولوية لا تحتمل التأجيل.

وأشاد سموه بوقوف الأشقاء في دول مجلس التعاون إلى جانب البحرين في مختلف المواقف والأحداث، مؤكداً سموه أن دول المجلس تشكل كياناً ونسيجاً واحداً، وأي خطر يتهدد طرف منه سيجابه بموقف موحد من الجميع، مؤكداً سموه أن وحدة الكلمة والموقف بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، شكلت دوماً صمام الأمان والدرع القوي في مواجهة الأطماع الخارجية ومحاولات البعض التدخل في الشئون الداخلية لدول المجلس، تحت ذرائع واهية.

وعن تقييم سموه لمستوى التعاون الاقتصادي القائم بين دول مجلس التعاون، أوضح سموه أن الأسس الأولى التي نهضت عليها منظومة دول مجلس التعاون تأسست على رؤية واضحة لتحقيق الأمن والتنمية في آن واحد، بوصفهما عاملين متلازمين لا يمكن تحقيق أي منهما بمنأى عن الأخر، مشدداً سموه على أن مسيرة دول المجلس نجحت في إرساء قاعدة متينة للتعاون في هذين الجانبين، ومازالت تمضي قدماً في هذا الاتجاه.

وقال سموه: «إن مشاريع التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون تسير بخطى مشجعة تأخذ بعين الاعتبار تجارب التكتلات الاقتصادية الكبرى، وما يمر به العالم من أزمات مالية واقتصادية»، مؤكداً سموه أن مبدأ التدرج وتحديد الأولويات عمق من أواصر التقارب الخليجي في هذا المجال.

وحث سموه على تحقيق التكامل بين برامج التنمية الخليجية وتشجيع القطاع الخاص في دول مجلس التعاون على إقامة المشاريع المشتركة باعتباره خطوة أساسية في تشجيع خطوات تحقيق الوحدة الخليجية الشاملة.

وقال سموه: «إن ما يحتاجه مجلس التعاون في المرحلة الراهنة هو التحرك لوضع استراتيجية فاعلة تكفل الحماية المطلوبة لدول المجلس ضد أي تهديدات، وتعمل على زيادة النمو الاقتصادي واستدامة عملية التنمية، وتعزز من مكانة مجلس التعاون الإقليمية والدولية كتكتل اقتصادي وسياسي يمتلك القدرة الفعالة على التأثير في صياغة مستقبل المنطقة».

وأضاف سموه «إننا مع أي توجه يعزز مكتسبات التنمية الشاملة لدول مجلس التعاون وشعوبها، ويدعم استمرار التنسيق والتشاور حول كل القضايا الإقليمية والدولية، ويتعامل بمرونة مع مستجداتها ومتغيراتها بالشكل الذي يعزز أمن واستقرار المنطقة».

وبشأن التحديات التي يواجهها العمل الخليجي المشترك في ظل المتغيرات والمستجدات الإقليمية والدولية، قال سموه: «إن ما يعيشه عالمنا العربي اليوم من أزمات متعددة اقتصادية وسياسية واجتماعية تلعب دوراً أساسياً في تقويض كل المكتسبات التي تحققت على مدى سنوات، وأصبحت واقعاً نعيشه ونتألم لما يحدث، فهو ليس تجديداً للواقع بل تكريس لواقع لم نكن نطمح إليه»، ودعا سموه النخب السياسية في العالم العربي على تعدد أصولها ومشاربها إلى لعب دور أكبر في درء العنف والبعد عن الاحتراب مع بعضها البعض وتعزيز التنمية وتوفير البيئة السليمة التي تساهم في عملية التطوير السياسي والنمو الاقتصادي والاجتماعي.

وعن تعامل مملكة البحرين مع ما تشهده من أحداث عنف وتخريب، أكد سموه أن مملكة البحرين هي دولة القانون ودولة المؤسسات وأن أي خروج على القانون سيجابه بالقانون، مشيراً سموه إلى أن شعب البحرين يرفض هذه الممارسات، وقال سموه: «إن مملكة البحرين هي بلد التنوع، وتحتضن العديد من المذاهب والأديان والثقافات والأعراق والأجناس، يتعايشون جميعاً معاً في محبة وسلام ووئام»، مشدداً سموه على أن كل من يحاول المساس بهذا النسيج الرائع، لن يجنى سوى الخيبة، وهذا ما يؤكده تاريخ البحرين.

ورداً على سؤال عن العلاقة بين الدولة والجمعيات في مملكة البحرين، على رغم التوجس حيال العلاقة مع التيارات الدينية في المنطقة؟، قال سموه إن معيار المواطنة في مملكة البحرين هو الولاء للوطن، ووضع مصالحه العليا فوق كل اعتبار، مؤكداً سموه أن حرية الرأي والتعبير متاحة ومصونة وفق الدستور، وأن الجمعيات التي تحمل ترخيصاً وتمارس عملها وفق القوانين وتلتزم باحترام هذا القانون هي جمعيات ملتزمة برسالتها الوطنية الرامية إلى تعزيز قدرات الوطن والحفاظ على مكتسباته وغير ذلك لن نسمح لأحد أن يخترق وحدتنا ونسيجنا الوطني.

وعن صوغ مناهج تعليمية تكون قادرة على مجابهة محاولات الإضرار بمنجزات التعاون الخليجي المشترك، ومواجهة التحديات، قال سمو رئيس الوزراء إن العلم والتعليم من أهم الأسلحة في العصر الحديث وإن تطوير مناهج التعليم واستيعابها لكل التطورات على الساحة الدولية هو أمر حيوي وضروري للتعامل مع متغيرات العصر.

وشدد سمو رئيس الوزراء على ضرورة أن يكون التعليم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفق مناهج تضاهي مثيلاتها في دول العالم المتقدم، مشيراً سموه إلى أن تقدم الدول يقاس بمخرجات التعليم، وبقدرة هذه الدول على تخريج المبدعين في مختلف مجالات الحياة، ومن لديهم القدرة على استيعاب العلوم الحديثة وتسخيرها لنهضة الأمم والأوطان.

العدد 3761 - الأحد 23 ديسمبر 2012م الموافق 09 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً