العدد 3785 - الأربعاء 16 يناير 2013م الموافق 04 ربيع الاول 1434هـ

شهران ساخنان في إيران

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدو أن شهري مايو/ ايار ويونيو/ حزيران القادميْن سيكونان مختلفيْن في إيران. ففي اليوم السابع من مايو ستبدأ عملية تسجيل طلبات المترشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية. وفي الرابع عشر من شهر يونيو، ستجرى انتخابات رئاسة الجمهورية، ورغم أن ذلك اليوم سيشهد أيضاً انتخابات المجالس البلدية، فإن الانتخابات الرئاسية، تبقى الأبرز والأكثر حضوراً عند الإيرانيين والمراقبين.

فأعمدة النظام الإيراني يخشون أن تتكرَّر لديهم أحداث يونيو من العام 2009، عندما انقسم النظام على نفسه، بشأن المترشحين والفائزين في الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها محمود أحمدي نجاد، وهُزِمَ فيها موسوي وكروبي ورضائي، الأمر الذي أدَّى إلى حدوث أزمة عميقة في السلطة السياسية الإيرانية، لم تشهده طوال تاريخها على حد قول قائد الحرس الثوري.

بالرجوع إلى التصريحات التي أطلقها المسئولون الإيرانيون خلال الفترة القريبة الماضية، ندرك حجم الخشية التي تنتاب النظام من أحداث الانتخابات القادمة، في ظل استثمار غربي لثورات الربيع العربي، التي ضربت دولاً عدة من بينها دولٌ حليفة للغرب، وأخرى حليفة لإيران أيضاً. والتقارير الاستخباراتية التي تُبَث بين الفينة والأخرى تشير إلى أن دوائر أمنية وسياسية غربية، تسعى إلى توسعة رقعة الاحتجاجات ضد دولة مركزية في الشرق والشمال الآسيوي.

فبعد سورية، يبدو أن دولاً غربية، باتت مقتنعة بضرورة تفكيك الأوضاع القائمة في المنطقة. فهذه الدول استطاعت أن تُجهِز على سورية، وتحوَّلها إلى دولة فاشلة، لا تستطيع أن تلعب دوراً حتى في داخلها فضلاً عن جوارها.

وهم اليوم، يريدون إعادة السيناريو ذاته في إيران، عبر تحريك الأقوام المختلفة في جوفها، بحيث تشتغل العرقيات القومية عند الفرس والآذريين والترك والعرب والبلوش واللور والبدو، وكذلك الحال بالنسبة للتيارات السياسية المتنافسة في الداخل الإيراني.

وأيضاً، هم يطمحون إلى الوصول حتى إلى الصين، عبر تحريك مئة مليون مسلم لديهم قابلية الانفصال والتجزُّؤ، وكذلك الحال بالنسبة لروسيا، عبر تثوير عشرين مليون مسلم على حدودها الجنوبية الغربية، وخصوصاً في القوقاز، وإعادة التجربة الشيشانية إلى مربعها الأول، بعد فشل الثورات البرتقالية في أوكرانيا وجورجيا. والهدف هو ضرب هذا المحيط الجغرافي الممتد، والتكتل السياسي في الشرق، والذي بدأ يمدُّ خطوطه حتى أميركا الجنوبية.

وبالعودة إلى تصريحات المسئولين الإيرانيين بشأن الانتخابات، فإن الظاهر من الأمر هو أن خلافات النظام الإيراني، لم تنته بعد، رغم مضي أربع سنوات على انتهاء الأزمة السياسية، التي ولَّدها فوز أحمدي نجاد في الانتخابات. رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الشيخ هاشمي رفسنجاني قال قبل أيام، بـ «ضرورة تنظيم انتخابات حرة وتنافسية وشرعية، لإيجاد توازن في وضع البلاد، السبيل الوحيد لتسوية المشاكل واستعادة الاعتدال» في إيران.

وفي الثامن من يناير/ كانون الثاني الجاري تحدَّث المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي بلهجة تحدٍّ، فُهِمَت على أنها رد غير مباشر على تصريحات رفسنجاني قائلاً «على مَنْ يتكلمون عن الانتخابات (في إيران) أن ينتبهوا، وألا يساعدوا العدو، وألاَّ يكرروا دوماً وجوب أن تكون حرة». مضيفاً «لقد شهِدَت إيران منذ انتصار الثورة أربعة وثلاثين انتخاباً شعبياً، كلها اتسمت بالنزاهة. أيّ منها لم تكن حرة؟ في أي دولة تُنظم انتخابات أكثر حرية من إيران». انتهى.

ممثل المرشد الأعلى في الحرس الثوري الإيراني الشيخ علي سعيدي (وهو رجل محسوب على المحافظين المتشددين) قال كلاماً خطيراً في الفترة الماضية ذاتها، ان على الحرس الثوري أن يؤمِّن «هندسة معقولة للانتخابات، لمواجهة حرب بالوكالة التي تشنها واشنطن على طهران». وهي دعوة صريحة جداً بضرورة تدخُّل المؤسسة العسكرية في العملية الانتخابية القادمة.

أما قائد الحرس الثوري الإيراني نفسه، الجنرال محمد علي جعفري فقال «إن فتنة العام 2009 التي أعقبت الانتخابات الرئاسية كانت أكبر خطر من الحرب المفروضة التي شنها نظام صدام ضد إيران، فقد استخدِمَت فيها جميع أساليب الحرب الناعمة لمواجهة النظام الإسلامي، وأن شعار (لا غزة ولا لبنان) دليل على ذلك»، مشدداً على «مسئولية قوات التعبئة في الدفاع عن الثورة»، ومتوقعاً من كوادر الحرس «تحمُّل مسئولياتهم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وألا يبقوا مكتوفي الأيدي بانتظار الأوامر».

وهو من أشد التصريحات التي أطلقها النظام لغاية الآن.

هذا التراكم والتوالي في التصريحات الإيرانية، تظهِر أن جذوة الخلاف لم تنته بعد. كما أنها تبيِّن أن التيار المحافظ بدا غالباً في الصراع.

وربما كانت الإجراءات التي قام بها النظام ضد جبهة المشاركة ومجاهدي الثورة الإسلامية، وقطاعات أخرى من التيار الإصلاحي، قد أفرزت «المتبقين» من الإصلاحيين المعتدلين، الذين يقبلون بالحد الأدنى من الكعكة، واستيعاب الضربات.

فمير حسين موسوي لا ينوي الترشُّح لحد الآن، فضلاًً عن أن مجلس صيانة الدستور لن يسمح لطلبه بأن يمر، وكذلك الحال بالنسبة لمهدي كروبي. أما نائب الرئيس الإيراني السابق محمد رضا عارف، فقال انه يقبل الترشُّح للانتخابات شريطة توصل الإصلاحيين إلى توافق، بقيادة خاتمي، داعياً الإصلاحيين إلى تغيير مناخهم، وعليهم «التوصل إلى توافق، إذا أردنا ألا نُهزم؛ فمقاطعة الاقتراع ليست واردة، وعلى الإصلاحيين النزول إلى الساحة، إن أرادوا تحقيق نتيجة» محذّراً الإصلاحيين من وضع شروط لخوض الانتخابات، كإطلاق السجناء السياسيين، لأن النظام أظهر في العقود الثلاثة الماضية أنه لا يقبل بأي شرط».

ومثل هذا السقف الذي صرَّح وقبِلَ به عارف هو الذي يستطيع النظام التعايش معه. وربما هي فرصة أخرى لكي يقوم النظام بتعميق انقسام الإصلاحيين، إلاَّ أنه لن يقدر بالتأكيد على تجاوز صراع المحافظين مع بعضهم، وبالتحديد الخلافات مع هاشمي رفسنجاني. (للحديث صلة).

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3785 - الأربعاء 16 يناير 2013م الموافق 04 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 9:36 ص

      الصحيح هو أن

      خاتمي كان مغمور لكنه فاز على مرشح النظام أيامهما وهو الشيخ ناطق نوري . ونجاد المغمور بعد فاز على الرجل الثاني في النظام وهو الشيخ رفسنجاني . يعني الانتخابات في ايران حقيقية بكل المقايسس

    • زائر 8 | 7:33 ص

      وش لك بالبحر واهواله .. خلك في المنطقة أبرك .. اللي فيها مواضيع ماتخلص

      خلهم في حالهم .. على الأقل نحن نعرفهم (ظاهرياً) بأن انتخاباتهم لا يشوبها تزييف بقدر ما يشوب دولاً أخرى (نحن لا نقول لا يُوجد) ولكن أقل من غيرها وعلى الأقل هم أمة نفعت وطورت نفسها واستفادت من ويلات الحرب وأخذت دروس مما حصل لها من هجمات غربية . بالله عليك ماذا عملت دولنا العربية؟ وهل استوعبت وحصلت على شيء ؟ ما حصلت إلا على مزيد من التفرقة ومزيد من العداوة بينها ومزيد من الظلم لشعوبها .. وخلنا ساكتين وما فيه سعة حتى انكمل .. وشكراً.

    • زائر 7 | 5:36 ص

      وينهم عنك

      إنت ما شاءالله عليك متبحر في الشؤون الإيرانية وين القنوات عنك !

    • زائر 6 | 1:31 ص

      الله يرسيهم على البر

      انشاءالله حزب الله يغلبون والهزيمه لاعداء الاسلام لان لا نريد ايران دوله متحالفه مع اعداء المسلمين .

    • زائر 5 | 12:19 ص

      nice

      nice artical and has a proper analysis.It is an article worth reading and follow-up

    • زائر 4 | 11:35 م

      اجرآت وتدابير ضروريه

      اجرآت ضروريه وطبيعيه تتخذها الجمهوريه الاسلاميه لأنها مرت بمنعطف خطير في تاريخها تبين فيما بعد ان ايادي خارجيه وراء ذالك

    • زائر 3 | 11:29 م

      لن يحصل

      ليس هناك اعتى واعنف من حرب ثمان سنوات ثم نتفاجأ ان ايران ذهبت للفضاء وانجزت برنامجها النووي فليش تخاف من هوشة حيتان مريضة

    • زائر 2 | 10:58 م

      الحافظ الله

      الي في القدر بيطلعه الملاس ، وستمر الانتخابات بسلام على الرغم من الاراجيف التي ستواكبها ومن يشكك في الانتخابات فعليه بإرسال مندوبيه لمراقبة نزاهتها عوضا عن التحريض فالابواب مشرعه والذى لا يطال العنب حامض عنه يقول

    • زائر 1 | 10:11 م

      عموما

      المدعوم من قبل المرشد الاعلى هو الفائز رغم أنف الجميع

اقرأ ايضاً