العدد 3785 - الأربعاء 16 يناير 2013م الموافق 04 ربيع الاول 1434هـ

وللعمالة الوافدة حقوق أيضاً

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

13 مغترباً قتلهم الإهمال والجشع، هذا باختصار ما يمكن أن يقال إذا ما أردنا التحدث عن حادثة مقتل الآسيويين في حريق مبنى سكن للعمال وقع يوم الجمعة الماضي، فأحرقت قلوبنا وقلوب ذويهم الذين كانوا ينتظرون عودتهم بما يمكن أن يوفر لهم وذويهم حياة تسد العوز، لكنهم عادوا إليهم في توابيت أغلقت بداخلها كل الأحلام والفرح، لتبدأ معاناة جديدة في انتظار المستحيل الذي لن يجيء، بعد أن تعبوا من انتظار الممكن، خصوصاً أن بعض الأسر صرحت للصحافة أن معيليهم كانوا ينوون العودة لديارهم!

هذه الحادثة وقبلها الكثير من الحوادث، كانت تدق نواقيس الخطر التي طالما تحدث عنها البلديون والمهتمون بشئون المغتربين وقضايا حقوق الإنسان. خطرٌ حذّر منه اقتصاديون قلوبهم على الوطن قبل أن تكون قلوبهم على الوافدين للوطن، ولكن ماذا يجدي هذا الخوف والقلق مادام المسئول أصم؟ إن أوضاع العمالة الآسيوية الوافدة في البحرين لا يمكن أن يرضى بها أي كائن حي إن لم يكن يعاني عوزاً شديداً، أو لم يكن مخدوعاً صُوِّرَتْ له البحرين على أنها الجنة التي سيعيش فيها ملكاً إن وافق على الاغتراب، وهو ما يحدث بالفعل في كثير من الأوقات؛ إذ كثيراً ما يشكو العمال من صدمتهم بالراتب الحقيقي الذي يحصلون عليه بعد مجيئهم، والذي ينقص ما اتفق عليه مع مكتب العمالة في بلده، وهو بالمناسبة ما يحدث لكثير من الشغالات أيضاً، يوقعون عقوداً مع تلك المكاتب على رواتب لا تقل عن 400 دولار، ويفاجأن حين يقرأن الرقم في مكاتب العمالة هنا، ويجدن أنه لا يتعدى الـ 300 دولار، وهم الذين يُعد الدولار في وضعهم الاجتماعي فارقاً كبيراً.

المشكلة الثانية -وما أكثر المشكلات في هذا الجانب- هي العمالة السائبة، أو ما نسميه بلهجتنا الدارجة عمالة الـ «فري فيزا»، فكثيراً ما يُصْدَم العامل بعد مجيئه بوضعه هنا وحياته الاقتصادية التي لا تختلف كثيراً عما كان يعيشه في بلده، ابتداءً بالطعام الهزيل غير الصحي، وصولاً للسكن والمواصلات.

طعامٌ لا يكفي لإشباع طفل في عامه الثاني، ومكان لا يصلح للسكن الآدمي، تكون فيه مساحة العامل الواحد متراً في متر، إن حصل عليها، نتيجة تكدّسه وزملائه في غرفة ضيقة يتقاسمونها من أجل توفير قيمة الإيجار.

ومن يريد أن يعرف هذه الأوضاع جيداً فليذهب إلى العاصمة المنامة في ساعات الصباح الأولى ليرى بعينيه حجم هذه العمالة السائبة التي تصطف في انتظار مشغلٍ لها في منظر يبعث على الشفقة والألم وكأنهم في سوق للنخاسة، وأعتذر لهم على هذا التشبيه الذي لم أجد أقرب منه لوضعهم المؤلم.

من يريد أن يعرف أوضاعهم التي لا تخفى على أحد غير الأعمى الأصم الذي لا يريد أن يسمع أو يرى بحواسه وقلبه، فليذهب إلى الأحياء القديمة بالمدن والقرى، وليدخل بعض هذي «البيوت» التي خصصت لهم وليرَ بقلبه قبل حواسه ما لا يمكن أن يخفى على أحد!

أحوال هؤلاء العمال ذوي الأوضاع القانونية وغير القانونية تستلزم حلاً جذرياً يوقف هذا الهدر للإنسانية والطاقة لمن هم في وضع قانوني، ويوقف هدر خيرات هذي البلاد إذا ما عنينا العمالة السائبة.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3785 - الأربعاء 16 يناير 2013م الموافق 04 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 7:04 م

      الجشع

      موضوع جميل بارك الله فيك

    • زائر 5 | 4:48 م

      العماله

      نحن يا اختي الكريمة نتفق معك تماما ان العماله الوافده لها حقوق لكن مانراه في هذا الوطن الحزين ان هذه العمالة لها الافضلية اكثر من المواطن نفسه

    • زائر 4 | 2:57 ص

      العماله السائبه

      مقال رائع ..ولكى تطلعى اكثر على المشكله اتمنى ان تأخذى سيارتك الى سوق واقف بمدينة حمد لتشاهدى الجيوش من الفيرى فيزا...يتقاطرون على كل سيارة تمر امامهم .....منظر يشهد على عمق الازمة التى تعيشها العماله السائبه

    • زائر 3 | 12:00 ص

      الجشع

      نعم اختي
      ما قتلهم هو الجشع ثم الجشع ثم الجشع
      اما الإهمال في يأتي من الجشع وهو احد نتائجه

اقرأ ايضاً