العدد 3802 - السبت 02 فبراير 2013م الموافق 21 ربيع الاول 1434هـ

التعليم في خطر: ماذا نعني بالفساد التعليمي؟!

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

ليس تهويلاً عندما يكون الخطأ بمثابة الفساد في المشهد التعليمي، فالأخطاء البشرية سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة، فإن لها نتائجها وعواقبها.

فعندما يخطأ سائق السيارة قد ينتج عنه حادث مروري، وعندما يخطأ المهندس فلربما يؤدي إلى انهيار المبنى، وعندما يخطأ الطبيب قد ينجم عنه موت المريض، وعندما يخطأ المصرفي قد يتسبب في كارثة مالية، وهكذا عندما يخطأ السياسي قد تحدث ثورة عارمة في البلد، وعندما يخطأ حارس المرمى قد يؤدي إلى خسارة الفريق... إلخ، ولكن كيف تبدو الصورة حينما يخطأ المعلم؟

الجواب: فساد أمة!

لم تسلم أية دولة في العالم من مرض الفساد، إلا أن الفساد يكون أشد خطورة عندما ينخر الجسد التعليمي، وعليه فقد بادرت الدول المتقدمة بتخصيص الموازنات الضخمة لإصلاح النظام التعليمي؛ ذلك أن السياسات التربوية الخاطئة لهي مؤشرات ودلالات واضحة على وجود فساد يجب تقويمه وإصلاحه، أو إذا أمكن اقتلاعه من الجذور.

مُخطئ من يناقش ملف الفساد في قطاع التعليم بمعزل عن عنصري (الشفافية والمساءلة)، فمن دون الشفافية لا يمكننا إخضاع المؤسسات التربوية والتعليمية للمساءلة، وعندما نطرح المساءلة كعنوان لإصلاح التعليم فإننا لا نستثني الجهات الرسمية كالمسئولين في وزارة التربية والتعليم والإدارات التابعة لها، بحيث نلقي باللائمة على الحلقة الأضعف (الهيئات الإدارية والتعليمية بالمدارس والجامعات).

عندما أطلق المعهد الدولي للتخطيط التربوي التابع لليونسكو منذ العام 2001 تقريراً حول الأخلاقيات والفساد في التعليم، فإنه ركّز على الاستراتيجيات الهادفة إلى تحسين الشفافية من خلال زيادة مسئوليات جميع الأطراف المعنية بالعملية التعليمية، فقد أشار بوضوح إلى جملة من الموضوعات الأساسية مثل: تمويل المدارس، والأداء الإداري للمعلمين وسلوكهم، والعقود العامة، بالأخص لبناء مؤسسات مدرسية، وإنتاج وتوزيع الكتيبات المدرسية، وتنظيم الامتحانات، والغش في نظام اعتماد الشهادات وإصدار التراخيص في قطاع التعليم العالي، والدروس الخصوصية وغيرها من الممارسات.

لقد أدركت المجتمعات المتحضرة أهمية الاستثمار في التعليم بوصفه مدخلاً استراتيجياً للتنمية البشرية وليس التنمية الحَجَريّة (نسبة إلى الحَجَر) ـ إن جاز التعبير ـ وضرورة المحافظة على الأموال العامة للدولة وصونها من العبث والهدر والفساد وما إلى ذلك.

هذا المعنى، أشار إليه رئيس «منظمة الشفافية الدولية» بيتر إيجين في بيان المنظمة في أكتوبر/ تشرين الأول 2004 عندما قال إن «الفساد في المشاريع العامة الواسعة النطاق يمثل عقبة رهيبة أمام التنمية المستدامة ويكلف خسائر كبيرة في الأموال الحكومية التي لها حاجة ماسة لتمويل التعليم، والرعاية الصحية وتخفيف الفقر في كل من الدول النامية والمتقدمة».

عندما نتحدث عن أبرز تجليات الفساد في الواقع التعليمي، فإن ثمة أسئلة جوهرية لابد من مناقشتها بموضوعية، بعيداً عن الشعارات أو المزايدات أو الأحكام المسبّقة.

فماذا نريد؟ أو ماذا نتوقع من أبنائنا وبناتنا الطلبة بعد انتهاء تعليمهم؟ هل مجرد تزويدهم بكم هائل من المعارف والمعلومات التي قد لا تنفعهم عندما يلتحقون بسوق العمل؟ أو على الأقل لا يستطيعون توظيفها في حياتهم العامة؟ وماذا يجب أن نقدِّم لهم في جميع مراحلهم التعليمية؟ وكيف يجب إعدادهم وتهيئتهم للتعاطي بوعي ومسئولية مع معطيات هذا القرن وتحدياته؟ وهل نتبنى مدخل القيم أو التربية الأخلاقية إلى جانب توظيف المعلومات لبناء الإنسان العصري المنفتح على واقعه؟ وهل مازلنا نفكِّر بذهنية: كيف نعلِّم؟ أي الاستغراق في استراتيجيات التدريس؟ أم علينا الانتقال إلى مرحلة: ماذا نعلِّم؟ أي المحتوى الدراسي.

وهل ما يطرح في مجال التربية على ثقافة المواطنة أو التربية الأخلاقية في مؤسساتنا التعليمية لا يتعارض مع القيم والمعايير الدولية المعنية بالمواطنة العالمية وحقوق الإنسان؟ وهل حان الوقت لنأخذ بمفهوم المواطنة العالمية ونربط المتعلم بالعالم من حوله باعتباره جزءاً لا يتجزأ من العالم، وأن الوطن جزءٌ من هذا العالم؟ وهل تهتم مناهجنا التعليمية بدراسة ثقافات الشعوب وحقوق الإنسان وواجباته ومسئولياته؛ لكي نتبنى مفهوم عالمية الإنسان؟

* من دراسة نشرت في الكتاب السنوي «كتّاب ضد الفساد» من إصدار جمعية الشفافية الكويتية 2012م.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3802 - السبت 02 فبراير 2013م الموافق 21 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 12:59 ص

      سقطة أخلاقية كبيرة في حق التعليم

      أصبح التعليم في البحرين بضاعة تقدمها الوزارة للناس ولا يهم هل هي بضاعة فاسدة أم صالحة المهم تسويقها ولا خدمة بعد البيع، المعلم أصبح لمن لا مهنة له كل عاطل وبأي مؤهل يستطيع أن يعمل مدرسا ولأي مرحلة ، والدليل مدرسي الفزعة الذين عينوا مؤخرا باسم ... جلهم لا يحملون مؤثلا تربويا ولم يقدموا امتحانات القدرات ولم يدخلوا مقابلات حالهم حال من يتقدم من أبناء الشعب المطحون، ماذا تتوقع من طالب تخرج على أيدى هؤلاء المدرسين الطارئين على العملية التعليمية، وماذا تتوقع من نتائج يقدمها الجيل القادم. هي سقطة كبيرة

    • زائر 4 | 12:20 ص

      اه

      قلبت المواجع.... الله يجازي اللي كان و لازال السبب

    • زائر 3 | 12:06 ص

      ابراهيم رجب

      لم يات للبحرين وزيرا افضل من الدكتور علي فخرو و لكن همش في حجرة صغيره لانه رفض

    • زائر 2 | 11:41 م

      مقال جيد للاهتمام بالجيل

      اصلاح قمه الهرم نريد وزير تربوي و ليس عسكري و الصدق بالنتائج للوقوف على الخلل و علاجة وحذف الحشو بالمناهج مثل المواطنة و التركيز على المواد العلمية و اشراك المعلم بالتطوير و احترام قدراته و الثقه به و عدم تفضيل الاجنبي عليه و هو صاحب الخبره و الارض

    • زائر 1 | 10:34 م

      فساد التعليم فساد كل شئ

      عندما ينخر الفساد الجسم التعليمي لابد من محاسبة جميع العاملين به بطريق
      مباشر أو غير مباشر والبداية من الاعلى أي شاغلي الوظائف الاعلى لا العكس والا
      لا تطوير ولا اصلاح وانما جهود ضائعة وأموال مبعثرة حتى لو رصدت ما رصدت من
      أموال والامثلة كثيرة تلك دولة ميزانيتها تفوق ميزانيات دولا مجتمعة لكنها تعيش
      الفقر في كل شئ

اقرأ ايضاً