العدد 3812 - الثلثاء 12 فبراير 2013م الموافق 01 ربيع الثاني 1434هـ

هل العرب أمة دكتاتورية؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

النظام السياسي العربي في مجمله يوصف بأنه نظام لا يقوم على الديمقراطية ولا يعترف بحقوق الانسان، ولا يؤمن بحق المواطنين بالانتخابات الحرة النزيهة للحاكم ولمن يمثلهم في البرلمانات. وإذا وُجد شيء من ذلك في بعض الدول العربية فإنه يعتمد على التزوير لصالح الحاكم وأنصاره، وهذا الوضع جعل مجموعةً من المثقفين وأصحاب الرأي في بعض الدول العربية يؤكدون أن الديمقراطية لا تصلح للشعوب العربية، وإنّما الدكتاتورية هي التي تتناسب مع ثقافتهم، وهي الأقرب لطباعهم وعقولهم!

وهذه النظرة - بطبيعة الحال - تناسب الحكام وتشجّعهم على الثبات على دكتاتوريتهم وعدم إعطاء الشعوب حقّها، أسوةً بما هو حاصل في معظم دول العالم.

دعاة الدكتاتورية وجدوا في بعض دول الربيع العربي مثلاً جيداً لتسويق أفكارهم، فمصر وتونس وليبيا كما يقولون، ليست أحسن حالاً مما كانت عليه زمن حكامها السابقين. ويقولون: ساء كل شيء، الأمن والاقتصاد والأوضاع الاجتماعية، بل إن تقسيم بعض البلاد ليس مستبعداً نتيجة الصراع الدموي على المناصب والمصالح المادية، ثم يختمون بهذا الاستنتاج: ماذا استفادت الشعوب العربية من هذه الثورات غير المآسي والتمزق؟ ومن القضايا التي يردّدها دعاة الدكتاتورية قولهم: إن الديمقراطية نظام متكامل ويتطلب ثقافةً عاليةً وانتخابات ووجود مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب المتعددة، إلى غير ذلك من الآليات الديمقراطية التي لا يعرفها العرب ولا يؤمنون بها، فكيف يستطيعون التعايش مع نظام ثقافي لم يتعوّدوا عليه؟ كما يردّد بعض مثقّفي دعاة الدكتاتورية: ان العرب غير متجانسين فكرياً ومذهبياً ودينياً، كما أن الجهل متفشٍ بينهم، فكيف يستطيع هؤلاء أن يكونوا ديمقراطيين ويعملون يداً واحدةً من أجل بلادهم؟ ولكن وفي الجانب الآخر، نجد من يقول: إن العرب تعلّموا الديمقراطية منذ عهد رسولهم الكريم ثم خلفائه الراشدين، حيث تعلّموا ثقافة الانتخاب وحرية القول والعدالة الاجتماعية، وسمعوا خليفتهم الثاني يقول لعمرو بن العاص: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ كما أنهم قادوا أعظم دولةٍ في العالم آنذاك ولعدة قرون، فما الذي يجعلهم غير قادرين على مواكبة ثقافة عصرهم وإدارة حياتهم بصورة صحيحة؟ الواقع المشاهد أن هناك شعوباً أقل كفاءةً وعلماً من الشعوب العربية تعلمت ثقافة الديمقراطية وطبقتها ونجحت في ذلك، فما الذي يحول بين شعوبنا وتعلمها؟ ثم إن الواقع يؤكد أن الثورات العربية قامت على أكتاف عامة الناس وبسطائهم، وهم الذين دفعوا الثمن غالياً لكي يحصلوا على حرياتهم بينما كان المثقفون ونخب المجتمع في منازلهم يراقبون ما يحصل عن بعد.

وعندما نجحت الثورات تقدّموا سريعاً لقطف ثمارها والحصول على مكاسبها بكل الطرق الملتوية غير عابئين بتضحيات من صنعوها! بل إن بعضهم اتهم صانعي الثورة بالجهل وأنهم غير مؤهلين لاختيار دستورهم، واقترح استبعادهم من التصويت لأنهم جهلة ومرتشون!

الذين يرون أن العرب غير مؤهلين للديمقراطية ولا يحسنون اختيار ممثليهم في المجالس المنتخبة، لم يقولوا لنا متى سيتعلم العرب ثقافة الانتخابات وكيف ومن الذي سيعلمهم؟ ولم يقنعوا العرب الجهلاء لماذا تعلم الأتراك والهنود وجنوب افريقيا ثقافة الانتخابات وقد عاشوا تحت حكم غاشم سنين طوالاً، بينما العرب محكوم عليهم أن يبقوا جهلة وإلى الأبد!

المستبدون وحدهم هم المستفيدون من أقوال بعض مدّعي الثقافة، وهذا النوع من المثقفين مستبدون أيضاً لأن واقعهم يقول إنهم مع الديمقراطية التي تحقّق مصالحهم، فإن لم تكن كذلك فهم من أشد أعدائها! وما نشاهده هذه الأيام في مصر خير شاهد على ذلك.

الواقع يؤكد أن الشعوب تعرف مصالحها ومستعدةٌ لبذل أغلى ما تملك من أجل الحصول على حقوقها، وهي أكثر وعياً من بعض دعاة الثقافة في بلادها.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3812 - الثلثاء 12 فبراير 2013م الموافق 01 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:49 ص

      الدكتاتورية هي في كل الامم وكون العرب آخر الركب فهم آخر الامم تخلصا منها

      الاستبداد والدكتاتورية هي من طبائع الحكام ولقد تخلصت معظم الامم من هذه الطبائع الفاسدة وكوننا نحن في مؤخرة ركب الامم في التخلف فإننا ايضا آخر الامم تخلصا من الديكتاتورية

    • زائر 3 | 2:31 ص

      العرب اساس الديكتاتورية

      الديكتاتورية أو الإستبداد هي في كل الحكام العرب منذ فجر التاريخ إلا ما ندر. واليوم لايوجد حاكم عربي غير مستبد، وللأسف تجد له جوقة من الطبالة يطبلون له ليل نهار بلا خجل

    • زائر 1 | 11:52 م

      غير صحيح

      الدكتاتورية ولدت منذ تأسيس اول مؤسسة مدنية على هذه الكرة الأرضية و بسببه رفع الملوك الى درجة الآلهة. ليس الأمر علاقة بالعرب أو أية قومية أخرى. الديموقراطية بمعناها المطلق لم يؤسس فى اية بقعة من هذه الكرة. الإنسان تطبع بتاسيس الصنم و ثم عبادته منذ القدم و حتى الآن. الديموقراطية حلم يدغدغ مشاعر الناس و يعيشون فى مخيلتهم. لكن لا يشعر بعدم وجوده حتى فى الدول التى تدعيها. المتنفذون و المستفيدون من إستعباد البشر، خلقوا و طوروا جميع الوسائل لحكم الناس و نسيانهم غطرسة الحاكم و جبروته و إستغلاله لهم.

اقرأ ايضاً