العدد 3819 - الثلثاء 19 فبراير 2013م الموافق 08 ربيع الثاني 1434هـ

الفشيلة والمكابرة

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

«والله فشلتونا يا حكومة»، عبارة عفوية للنائب شمطوط، أضحت متداولةً لما يحدث من غرائب وعجائب في هذا البلد.

الآن وقد دقّت ساعة الحقيقة بتدشين الحوار الوطني أو بالأحرى «التفاوض»، بين المعارضة الوطنية وتحالف الحكومة ومؤيديها ومناصريها، فقد وجد التحالف الثلاثي نفسه في حيص بيص. فبعد سنتين من أبشع فصل في تاريخ البحرين من القتل والتعذيب والتجويع والحصار ضد أبناء الشعب، وبعد أبشع حملة كراهية وتحريض وتخوين وافتراء ضد أبناء وطنهم، وبعد عامين من المكابرة، بأن كل شيء على ما يرام، وأن المؤامرة الموهومة قد تكسرت على صخرة أهل الغامق، اتجهت الحكومة للموافقة على الحوار، مجدداً، وهم الذين أكدوا وأصروا وجزموا بأن الحوار قد انتهى، وأن مخرجاته قد نُفّذت، وأن لا حوار مع الخونة والمرتزقة والمتآمرين!

هنا كانت (الفشيلة)، لكنهم وقد ذاقوا طعم المغانم والمناصب والأراضي والسفرات و «التبروز»، لا يمكن أن يسلّموا بفشيلتهم، فماذا سيعملون؟ يكابرون ويعيشون في عالم افتراضي وغيبوبة لا يريدون الإفاقة منها.

الإصرار على أن البلد بخير، فالفنادق ممتلئة، والأسواق مزدحمة، والبورصة مرتفعة، والعقارات في السماء، والأمن مستتب، والدولة في أقصى قوتها، والتحالف الخليجي متين، والتحالف الدولي موثوق، ونحن قبلة بلاد العالم في الديمقراطية والتسامح والبحبوحة، ومحسودون من كل بلدان العالم حتى اسكندنافيا.

لكن الواقع والوقائع غير ذلك، فالشعب مستمر في مطالباته الديمقراطية رغم انه مثخنٌ بالجراح. يخرج بعشرات الآلاف ويتلقى الرصاص والغازات السامة، من الطفل الرضيع حتى الطاعن في السن، رجالاً ونساءً، شباباً وصبايا، يخرجون بفرحٍ متحابين يتقاسمون كسرة الخبز، يرفعون علماً واحداً هو علم الوطن، ويرددون الشعارات ذاتها في الساحات والزنازن «اخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه»، و «لن نغادر الساحات، لن نرجع إلى البيوت حتى تحقيق المطالب».

العالم حتى الاخوة الأقربون افتروا على هذا الشعب، وانتحلوا الأعذار لينحازوا ضد مطالباته المحقة، وبعضهم لينال فتات النفط، لكن الشعب صمد واستمر، فإنكم تألمون كما يألمون، وشيئاً فشيئاً بدأ العالم يصحو من غيبوبته بفضل أصحاب الضمير من صحافيين وحقوقيين ونواب وأكاديميين، وأجبرت ضغوط الشرفاء حكوماتهم أن يراجعوا مواقفهم. فكان ما كان من تحوّل تدريجي نحو الحق، وأضحت المعارضة على قدر الحكومة تُستقبل في عواصم الدول الكبرى، ويسعى إليها الدبلوماسيون والسياسيون، وأضحى الإعلام مفتوحاً أمامها. وبالمقابل بدأ الطرف الآخر يعاني من العزلة المحلية والدولية، بعد أن انكشف حجم المظالم والتضليل. ولم تنفع الجمعيات المفبركة والمنظمات المفتعلة والمسيرات المدفوعة، والوفود المجزية. ولم ينفع التحالف المحلي ولا التخاذل العربي ولا التواطؤ الدولي.

كان لابد أمام الكلفة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية العالية والعزلة الدولية، والهبوط في مؤشرات الثقة في الائتمان والشفافية والديمقراطية وحرية الصحافة، والتنمية البشرية، أن يتفتق الذهن عن مخرج جديد. فبعد سنتين من رفض الحوار وإنكار إرادة الشعب، توجه الدعوة مجدداً إلى الحوار، الذي قد يقصد منه البعض أن يكون حفل علاقات عامة ليسوق إلى المجتمع الدولي. لكن الرأي العام اليوم أكثر تيقظاً، وقوى المعارضة موحّدة، فلن تنطلي أية مناورة عليه، وهي تصر على أن أي اتفاق يجب أن يُعرض للاستفتاء الشعبي، فكيف يرد الثالوث على ذلك؟ بالادعاءات الفارغة، فكتبت إحداهن:

«عرض أبوي كريم لولد عاق». هكذا إذاً، هذا الشعب العظيم عاق! اللهم إلا إذا كان عاقاً للعبودية والمهانة التي ارتضاها العديدون لقاء مغانم لا يستحقونها، ومناصب تسلقوها ولا يريدون أن يخسروها.

إنه زمن جديد، فالشعوب العربية لن تقبل بعد اليوم بأن تكون عبيداً بعدما خرجت إلى الساحات بالملايين من أجل الحرية والكرامة.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3819 - الثلثاء 19 فبراير 2013م الموافق 08 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 6:30 م

      تعليق على المقال

      سلمت أناملك أستاذ عبد النبي العكري صدقت ورب الكعبة ، .... . ومنصورين والناصر الله . وأخوان سنة وشيعة وهذا الوطن مانبيعه .

    • زائر 17 | 9:29 ص

      نعم ولكن

      نعم استاذ الشعوب بدأت تنهض ولن تتنازل عن حريتها ولكن هناك شعوبا لا تريد هذه الحرية , ولو أمطرت السماء حريات لرفعت هذه الشعوب مظلاتها . خذ في العراق , أقلية تريد ان تتحكم بأكثرية وتحاول بكل الطرق الدنيئة والخسيسة ان تصل الى مبتغاها حتى ولو على حساب دماء ابناء البلد ودماره ,فاستغلوا الحرية وبداو بمطالب تعجيزية منها مثلا اطلاق سراح القتلة الارهابيين وعودة حزب العبث الذي دمر البلد لعدة عقود .فمثل هؤلاء لا يستحقون الحرية لانهم يريدون ان يتحكموا بمصير البلد والشعب وعندكم مثلهم . العراق . البصرة

    • زائر 16 | 8:36 ص

      الشعب ما يرجع ورا

      نعم صدقت أبو منصور لا يمكن الرجوع إلى الخلف والتخلى عن المطالب العادلة وان زمن شيخ ومشيوخ انتهى كلنا مواطنون ولنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات ولن نسكت طال الزمن أو قصر

    • جعفر الخابوري | 4:17 ص

      العداله

      وبقدر ما أَمَرَ الإسلامُ بالعدل وحثَّ عليه، حَرَّمَ الظلم أشدَّ التحريم، وقاومه أشدَّ المقاومة، سواء ظُلْـم النفس أم ظُلْـم الآخرين، وبخاصة ظُلْـم الأقوياء للضعفاء، وظُلْـم الأغنياء للفقراء، وظُلْـم الحُكَّام للمحكومين، وكلَّما اشتدَّ ضعف الإنسان كان ظلمه أشدَّ إثمًا[8]؛ ففي الحديث القدسي: "يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْـمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا"[9].

    • زائر 12 | 2:37 ص

      بلا حدود

      سلمت يداك يابن العكري، اجتهدت فأصبت كبد الحقيقة ولا عزاء للمآمرين المتسلقين

    • زائر 10 | 1:37 ص

      كلام الأحرار من رجل حرّ حتى النخاع

      لا فض فوك سلمت ايها الوطني الحرّ والمجاهد والمناضل وليزعجهم ما يزعجهم من الثناء عليك ولكنها الحقيقة كما عانيت انت من التشرد والتهجير والاضطهاد
      ثم رجعت الى بلدك لتعطيه من خبرتك التي اكتسبتها طوال هجرتك القسرية من الوطن وكما هم الكثيرون الذي لم يستطيعوا العودة وهم من خيرة الخامات في هذا الشعب ومن الطبيعي ان تلفظ الحكومة هؤلاء لأنها تعتمد في قوامها على المتردية والنطيحة والذين يأتمرون من دون ان يفكرون اولئك شعارهم حاضر عمي وحاضر سيدي من دون ان تمر الاوامر على عقولهم

    • زائر 9 | 1:25 ص

      معكم

      معكم معكم يااحرار

    • زائر 5 | 1:19 ص

      جميل

      جدا جميل

    • زائر 4 | 12:55 ص

      بهلول

      عندي سؤالين :
      1. إيران أوصلت الأسلحة والصواريخ لحماس مخترقة كل أسوار المخابرات المصرية و الإسرائيلية. صح؟ حلو، طيب لابد أن لدينا عقول فذة لا يمتلكها رأفت الهجان ولا الموساد ولا الشينبيت ولا الـCIA الذين لم يستطيعوا إحباط 11 سبتمبر. وإلا كيف استطاعت أجهزتنا الأمنية اكتشاف واحباط المؤامرة تلو المؤامرة؟
      2. مادام الحال هللون لماذا لا يتم تأسيس معهد (أو جامعة) لتدريب عملاء الموساد و الـCIA وتطويرهم؟ وأنا على ثقة بأن هذا سيكون مصدراً مهماً للدخل الوطني.

    • زائر 2 | 12:10 ص

      زاد الظلم و الفساد في العالم

      اي و الله صدقت و مثل اللي يقول يچذّب الچذبه و يصدقها لا و تشوف ناس وايد يعانون من الاستحمار بعد!! الله يشافيهم كلهم صاروا بعيون عورة مثل تلفزيون العين العورة.. يعطيك العافية استاذ عبدالنبي و سلِمت يداك

    • زائر 1 | 12:05 ص

      مقال رائع

      سلمت يداك يا أستاذ منصور على هذا المقال الجرئ والموضوعي في طرحه .

    • زائر 11 زائر 1 | 2:19 ص

      المقال للحقوقي عبدالنبي العكري

      المقال للحقوقي عبدالنبي العكري

    • زائر 18 زائر 1 | 11:59 ص

      سلمت يداك يا أبو منصور

      سلمت يداك يا أبو منصور

اقرأ ايضاً