العدد 3822 - الجمعة 22 فبراير 2013م الموافق 11 ربيع الثاني 1434هـ

في مسرح الريف... حين تُقيد المرأة يضيع المفتاح

في المهرجان السابع لمسرح أوال يجتهد المخرج محمد الحجيري في مسرحيته «قيد امرأة» لأن يكثّف العرض ما أمكن في الحوار بين الشخصيتين الأساسيتين والوحيدتين في العرض المسرحي ما يستدعيه لأن يحذف الكثير من الحوارات الجانبية والتي كانت تفرش لنا الكثير من التفاصيل التي شاهدناها حين عرض المسرحية في العام الماضي خلال مهرجان مسرح الريف 2012م. فيا ترى لأي مدى نجح المخرج في توصيل فكرة العرض عبر هذا التكثيف والاختزال الذي فرضه على مساحة العرض، وإلى أي مدى استطاع الممثلان - محمد باقر في دور الأب، وعهود سبت في دور الفتاة - التواصل مع جهمورهم وأسرهم خلال مدة العرض، وإلى أي مدى استطاع المخرج توظيف الأدوات التي لجأ إليها في عرضه، وهل كان مقنعاً حين قدم لنا رؤيته، هذا ما أحاول أن أختبره في هذه القراءة التي لن تجيب على هذه الأسئلة إلا عبر كشف ما وراء العرض من دلالات غير متورط في إجابة مباشرة وإنما تاركاً للقارئ أن يمنح نفسه فرصة التأمل والاكتشاف.

للإجابة على هذه الأسئلة لابد من سبر موضوع العرض وفكرته واستكناه الرؤية التي تريد مجموعة الحوارت إيصالها، وقبل ذلك لابد من كشف الحكاية المسرحية وسبر أحداثها، واختبار مدى قدرة العرض على الجمع بين الذات والموضوع والأدوات المسرحية في صنع رؤية تستحثنا كمشاهدين على التلقي والتأويل.

لعله منذ عنوان المسرحية «قيد امرأة» تتجه الأذهان إلى أن ثمة صراع بين الذات والموضوع فهناك الذات وهي المرأة الإنسان الباحث بطبيعته عن الحرية والانطلاق في العوالم الرحبة والأفق المفتوح، ولكن يسبق هذه الذات (القيد) الذي يدخل مع هذه الذات في علاقة هي المضاف والمضاف إليه ( قيد امرأة) بما يجعلهما شيئاً واحداً فينصرف الذهن إلى مسألة القيد وأن ما بعده مجرد تخصيص له على المستوى الوظيفي للغة فيصبح القيد شاملاً لهذه الذات التي لا تُرى إلا من خلاله، ويكون الكلام ليس عن المرأة وإنما عن القيد، لعله هكذا يستطيع القيد أن يستحكم على المرأة ويغطيها هاهنا حتى على المستوى اللغوي فيلغيها ولا نراها إلا من خلال القيد إذا أطلقنا العنان للتأويل اللغوي.

إذن ثمة صراع بين الذات والموضوع ومن غير حيادٍ إذ يختار المؤلف لمسرحيته هذا العنوان «قيد امرأة»، ويقر ذلك مخرج المسرحية فيثبت العنوان وينطلق به ليدخل بنا مباشرة إلى لب الحكاية المسرحية التي تُختصر في صراع بين أب وابنته على مسألة حريتها وانطلاقها في الحياة، ويتجلى ذلك الصراع من خلال حوارات متعددة في أكثر من بقعة ضوئية يركزها المخرج على منصة العرض، في صراع ما بين رؤية الأب التي حبست الفتاة في الماضي بشدة والحفاظ عليها إلى حد تشويهها حتى لا يطمع فيها أحد، وبين رؤية الفتاة وطموحها للحرية والانطلاق والانعتاق من قيد الأب. وإذا حللنا «الحدوثة» من خلال البرنامج السردي الذي يفترضه كريماص للحكاية فإننا سنضع الذات والموضوع وهما الفتاة والقيد في دائرة وفي جانبي هذه الدائرة خطان متعاكسان هما العاملان الفاعلان في صنع الصراع وإشعاله إذ يتلخص العامل المساعد في حب الحرية من قبل الفتاة والرغبة في الانعتاق وتحقيق الذات والانطلاق في الحياة والتقدم، في مقابل العامل المعاكس أو الضديد والذي يتلخص في خوف الأب وسجنه للفتاة وحبسها وشدة الحرص والحفاظ عليها. وتضاد هذين العاملين يكفي لصناعة الصراع الجدلي بين الفتاة وأبيها، بما يثري الحوار بينهما ويشد المتلقي لمشاهدة مجريات الحوار وكيفية احتجاج كل منهما في بيان رأيه وانحيازه لوجهة نظره، وممالأة الرأي الآخر ونقضه.

وما بين هذين الرؤيتين ينطلق الحوار بين الفتاة والأب ففي حين ترى الفناة سعادتها في الانطلاق والانعتاق من قيد الأب، يرى الأخير سعادته في الحفاظ عليها وأسرها وإلباسها لباس أمها بل واستنساخ صورة أمها من جديد من خلالها مرة ثانية، وهنا يكون التقدم والذهاب للأمام والبحث عن المستقبل هو برنامج هذه الفتاة عبر إعلام البنت لأبيها عن الفتى الذي تحبه وتأكيد شكوكه ودعم وجهة نظره ما يفاقم مأساته ويجعله يؤكد لذاته صدق توجهه ويبعث فيه الاستماتة للتمسك بما ذهب إليه من محافظة وتشدد، وعكس ذلك برنامج الفتاة الذاهب للأمام والبحث عن المستقبل، عكسه الذهاب للماضي وحبس الفتاة صورة أمها وإغرائها بإعطائها نصف ما يملك الأب بل كل حلي وذهب أمها لمواصلة استمرارها في القيد وعدم مغادرة السجن الافتراضي الذي فرضه الأب على ابنته، إذن يختزن الحوار بين الأب وابنته منظومتان مختلفتان متعاكستان وليس الأب والفتاة هاهنا إلا رمزين لهذين المنظومتين وصراعهما الماضي والمستقبل الموت والحياة الحرية والسجن الداخل والخارج إلى آخر هذه الثنائيات التي تتتابع كلما تعمقنا في الكشف وسبر الحوار واستكناه الفعل المسرحي.

خلت منصة العرض من أي شيء سوى إطارات مستطيلة أو براويز في لعبة إيهامية تستحث المتلقي لأن يتماهى معها كلما أراد المخرج ذلك فهذه البراويز المستطيلة مرة يحملها الممثلان فتتحول إلى عربة وحصان في شكل لعبة بين الأب وابنته، ومرة أخرى يحملها الأب كمن ينوء بثقل لا قبل له به، ما يفاقم شدة مأساته في ملازمته لهذه الإطارات التي صارت تؤطر حياته وكأنها الرؤية التي أصبح يرى الأشياء بها، ولا يستطيع مفارقتها أبداً، ومرة أخرى يدخلها الممثلان ويخرجان منها فتتحول إلى هذه البراويز المستطيلة في لعبة الإيهام إلى أبواب ولعل هذه الاستعارة الأخيرة هي اللعبة التي استغرقت معظم العرض فتم الأب يذرع هذه الأبواب جيئة وذهاباً، ويدخلها المرة بعد الأخرى، بما يؤكد دلالة الاستغراق في الماضي حيث يكرس الأب فعل الدخول والمكوث في الداخل بينما تبقى الفتاة في الخارج دائماً، بل إن المسرحية تنتهي عبر دخول الأب في الممر الذي تصنعه الأبواب لتفضي إلى حجرة الأم وقفلها على نفسه وإضاعة المفتاح لتتضافر الدلالات في انغلاق الأب وتوهانه في الماضي وتحول القيد من قيد امرأة إلى قيد الأب نفسه، هكذا رأينا أن الأب بقيده لابنته في فعل رمزي قد قيد نفسه قيد امتداده قيد انطلاقه في الحياة.

وهنا لحظة استنارة يصنعها العرض حين نكتشف أن القيد هو قيد الأب والسجن هو سجن الأب فالأخير هو الذي سجن نفسه في هذا الماضي وارتهن نفسه للذكريات ولم يستطع التعايش مع العصر ولذلك لم يعد يستطيع أن يرى ابنته تكبر وتكبر بينما هو بقي خارج الزمن أسير ذكرياته وماضيه، ويريد أن يأسر الآخرين في شرنقته فلا يستطيع وهنا تكمن مأساة الأب. ولتنتهي المسرحية في مشهد تحلق فيه الفتاة للأعلى كمن استطاع الانعتاق من قيد الأب والانطلاق في الحياة الرحبة.


«عصابة خربوش» تواصل عروضها وسط إقبال جماهيري

تواصلت العروض الصباحية لمسرحية الأطفال «عصابة خربوش» التي يقدمها مسرح البيادر على مسرح الصالة الثقافية والمخصصة لطلبة المدارس الابتدائية. المسرحية من إعداد وإخراج أحمد جاسم، ويشارك فيها نخبة من نجوم المسرح والدراما تتقدمهم الفنانة هيفاء حسين، كما يشارك في المسرحية الفنانان أحمد مبارك وعادل الجوهر وشباب مسرح البيادر.

وبدأت عروض الجمهور يوم الخميس الماضي وتستمر حتى اليوم السبت في الصالة الثقافية، فيما تتواصل العروض الصباحية للمدارس حتى 25 فبراير/ شباط في الفترة الصباحية. المسرحية مقتبسة من رواية «أوليفر تويست» للكاتب الإنجليزي تشارلز ديكنز، وتم تحويلها إلى النمط الشعبي واللهجة الدارجة لإضافة نكهة مرحة للأطفال.

وتدور المسرحية حول قصة اليتيم الذي تشرد في الشوارع وحاولت العصابة استغلاله وتوظيفه معها، لكن يتم إنقاذه من قبل عائلة تربيه وتعلمه الصواب فينجو من العصابة.

ويوظف العمل مجموعة من التقنيات الصوتية والبصرية الممتعة للأطفال، كالعرض السينمائي الذي أعد خصيصاً لهذه المسرحية، ليضيف جماليات بصرية على المشاهد والأغاني والحوارات الكوميدية. ويضم طاقم المسرحية بسام علي وعبدالرحمن بوبدر وعبدالله الدرازي وشريفة طالب وأحمد عبدالغفور ومحمد صقر ومحمد حسن في التمثيل.

وضع كلمات الأغاني الشاعر عادل المحميد، أما الموسيقى فهي لأحمد عبدالعزيز، فيما تولى عبدالله فؤاد ومحمد بوقحوص إعداد المشاهد السينمائية وصمم علي سيف ديكورات المسرحية. يذكر أن مسرح البيادر مثَّل البحرين في المهرجان المسرحي الخليجي الأخير بعمان بمسرحية «بلاليط» التي تم اختيارها أفضل عمل في البحرين للعام 2012 وتم ترشيحها للمهرجان الخليجي، فيما فاز الفنان أحمد جوهر بجائزة أفضل ممثل مسرحي في المهرجان نفسه.

العدد 3822 - الجمعة 22 فبراير 2013م الموافق 11 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً