العدد 3840 - الثلثاء 12 مارس 2013م الموافق 29 ربيع الثاني 1434هـ

معذرةً... تونس الخضراء

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في اليوم العالمي للمرأة، اختار زميلنا العربي سليم أبودبوس، أن يمتّعنا في مقاله أمس، بالحديث عن تاريخ المرأة التونسية، وقد وجّهه «إلى مَنْ لم يرَ المرأة التونسية جيداً».

المقال جاء غنياً بالمعلومات الموجزة المفيدة، عن تاريخ المرأة التونسية، قديماً وحديثاً، وبدا رداً على من تمنّى أن يرى التونسية عالمةً وطبيبةً ومعلمةً، جاهلاً بتاريخها المشرّف العريق. وقد صحبنا الكاتب في جولةٍ من غابر الأزمان، مروراً بالفتح الإسلامي فالعصر الوسيط فالحديث والمعاصر، اقتفاءً للمسيرة المشوّقة للمرأة التونسية، وفي ذلك اللذّة الحقيقية بالقراءة بحثاً عن الجذور.

تونس الآن في مرحلةٍ انتقالية، يحكمها الإسلاميون، ومازالت تعاني من الاضطراب السياسي وأعراضه الاقتصادية والاجتماعية. والمقال يذكّر بمقطع فيديو، تلقيته من عدة مصادر، وجرى تداوله حديثاً في منطقة الخليج بحماسةٍ بالغةٍ، عن رجل دين بحريني، جشّم نفسه عناء السفر إلى تونس، من أجل «اقتحام أوكار الدعارة». وهو عنوانٌ مثيرٌ تلقفته إحدى القنوات الخليجية لتروّجه على أوسع نطاق، دون ضوابط مهنية أو موضوعية، أو مراعاة للكياسة والأخلاق. ففي كل بلدٍ مقبرةٌ وحانة، وكم كان حرياً بها أن تتذكّر قول المسيح (ع) للجمهور المغتبط برجم الزانية: «من كان منكم بلا خطيئةٍ فليرمِها بحجر»، وخصوصاً أنها لا تبث برامجها من مدينةٍ فاضلة.

هذا ما يفسّر غضبة المغاربة مما يُقال ويُكتب عن بلدانهم في المشرق، بهذه الصورة التعميمية الخاطئة، وما يدعو مثقفاً لتعريف الجاهلين بمنارات بلاده، من فقيهات وعالمات وسياسيات وطبيبات رائدات، فبلد القيروان التي خرج منها المرابطون والموحّدون والفاطميون... من الخطأ التاريخي اختزالها في أحد الشوارع المظلمة.

الفيديو حسب بعض المواقع، تجاوز عدد مشاهديه المليون، وكان واضحاً أن الرجل الذي يعرّف نفسه بأنه «مستشار تاريخي لمشاريع درامية»، كان يخطّط لهذا العرض المثير، فهو قد ذهب متسلحاً بفريق تصوير، رافقه خطوةً خطوةً، ليسجّل كلماته ودعاءه بالهداية للخاطئات، وما جرى بينه وبينهن من حوارات قصيرة، انتهت بذرف الدموع. ومن الصعب ادعاء أنه تفاجأ بحجم الفساد، لوجود الرائحة نفسها قريباً من داره، ولأنه يُفترض ألا يتوقع رؤية مظاهر التهجّد في أحد الأوكار.

ردود الجمهور على مقطع الفيديو كانت متباينة، كما في أية قضية جدلية أخرى، ففي إقليمنا الخليجي اعتبره البعض بطلاً اقتحم وكراً خطيراً للمجرمات، ودعا له بعضهم بالتوفيق، وأعرب آخرون عن استعدادهم للتبرع من أجل الستر على الخاطئات. بينما انتقده آخرون من الجانب المغاربي، وذكّروه بالشعوب الأكثر سياحةً وتورطاً في مخالفة دينها، لما تمتلكه من فائض مالي.

المراقب لمثل هذا العرض الدرامي المتلفز، يمكن أن يلتمس بسهولة، تلك النبرة المتعالية التي تمارسها بعض الشعوب العربية على أشقائها في مناطق جغرافية أخرى، بسبب ما يتوفر لها من سيولة مالية. وهو أمرٌ لم يكن لنا فضلٌ فيه ولا علم، فهي ثروةٌ ظلت مدفونةً تحت أقدامنا ملايين السنين، حتى جاء الغربيون بتقنياتهم الحديثة، ليستخرجوا هذه المادة الضرورية لمصانعهم وسياراتهم وطائراتهم. ومازلنا بعد ثمانين عاماً، نعتمد عليه كلياً، ولو توقّف شهراً لعانينا من المجاعة والإفلاس.

معذرةً تونس... الخضراء.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3840 - الثلثاء 12 مارس 2013م الموافق 29 ربيع الثاني 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 31 | 9:44 ص

      شكرًا

      شكرًا للكاتب ولموقغه.

    • زائر 21 | 11:47 ص

      المعذرة أختي التونسية

      في مثل قديم يقال في كل مسجد يوجد مرحاض
      وكان يقدر حسن الحسيني يذهب الي باكستان معه طاقم تصويره وبستر عليهم ويبكي ويدعو لهم الأقربون أوله بالمعروف ويترك قارته أفريقيا الي أصحابها

    • زائر 16 | 6:28 ص

      تونس تحييكم يا صاحب المقال

      سيدي وتاج راسي جزيل الشكر لكم على مقالكم والمقال السالف لمقالكم في ذات الموضوع
      بقدر ما نأسف لما فعله المدعو الحسن الحسيني فإننا نعتز بمقالكم لأن روابط الأخوة بين البلدين أقوى من أن يفسدها أمثاله.

    • زائر 14 | 3:35 ص

      اشتغلوا بعيوبكم وبلدانكم

      رحم الله امرؤاً شغله عيبه عن عيوب الآخرين وشغله بلده عن التطفل على بلدان الأخرين.

    • زائر 13 | 3:18 ص

      يمقن ما يدري

      يمكن ما سمع حضرته عن قائمة مدن العار في العالم، ولا أعتقد من بينهم تونس.

    • زائر 12 | 3:03 ص

      كلمة حق

      لا يجوز ولا يحق لأي كان ان يتهجم او يتكلم زورا وافتراء علي اخواننا اهل المغرب . مند سنه زرت المغرب من اقصاه الي اقصاه مع عائلتي وشاهدنا وعايشنا دلك الشعب العربي المسلم الأصيل بجميع فئاته ولم نري في تلك المجتمعات مايعيب بل رأينا مساجد عامره ونساء مؤمنات محجبات . بصراحه شعرنا بالخجل لما كنا نسمعه من المبتورين في الخليج عن دلك الشعب العريق والمضياف .

    • زائر 18 زائر 12 | 8:50 ص

      نفس تجربتي

      انا أيضاً زرت المغرب مع عاءلتي ولم آرا إلا شعب مسلم عربي محافظ نوع ما
      بلد وشعب جميل
      للأسف البعض اختزلها في شارع أو ملهى

    • زائر 11 | 2:39 ص

      فشيلة

      والله فشيلة ما يشوفون اللي عندهم. كله شو في شو يا خوك. القصة معروفة

    • زائر 10 | 2:37 ص

      تفلنزية آخر الزمان

      يروحون آخر الدنيا وينسون شارع المعارض.

    • زائر 15 زائر 10 | 4:44 ص

      داود

      واذا ما يمتلك الشجاعة وما يقدر يسويها هني يروح دبي وانا سأتبرع له بزجاجات العطر و النعل المضادة للبرد.

    • زائر 9 | 2:30 ص

      نصيحة لهذا الداعية

      نصيحة لهذا الداعية ان يشاهد ترتيب البحرين والدول الخليجية قائمة الاتجار بالبشر وحجم الدعارة قبل ان ينتقل للمغرب العربي

    • زائر 7 | 2:10 ص

      عبدالرحمن

      الله ييزاك خير يا شيخ حس حس و يعطيك الأجر و العافية و يعطيك الشجاعة لتعمل نفس الشي في بلدنا ( الأقربون أولى بالمعروف ). عنك القضيبية و العدلية و شارع المعارض و الجفير الجديدة. الإنسان ينظف حوش بيته أول و بعدين ينظف بره. تره تونس فيها رجال و دعاة و حزب إسلامي حاكم .

    • زائر 5 | 1:45 ص

      الاقربون أولى بالمعروف

      نقول لهذه الفئة من الناس التي تختزل التدين في نفسها، قارنوا حجم ونوع الفساد في دياركم قبل جيرانكم، فما لديكم من رذيلة و فساد أخلاقي مستورد يدخل في باب تعمد الإفساد وليس فساداً ذاتياً ربما دفعت البعض له الحاجة وإن كانت غير مبررة، إلا أن تعمل الإفساد أكبر خطيئة، فأين أنتم من ذلك، بل وتعللون السكوت بفتاوى الطاعة، ما لكم كيف تحكمون؟ وأعتقد بأنه من حق تونس محاسبة من يُسيئ لسمعتها تطفلاً.

    • زائر 4 | 1:11 ص

      بالنسبة للاحوال الشخصية

      سبق والمذهب الجعفري اعطى راية ولكن يبدوا ان الحكومة بتخلية بالغصب لتخويف الناس اكثر وارهابهم بالسجون والغرامات وبين قوسين بدر عليهم مال زيادة لدليل كل من يحاكم بريءاو مجرم عند اخراجة يجب دفع غرامة او كفالة او ماشابة اذا بريءليش يدفع الاتاوة او الغرامة

    • جعفر الخابوري | 10:39 م

      راي

      يدور الحديث هذه الايام حول قانون الاحوال الشخصيه رقم 188 لعام 1959 والنافذ لحد الان ، واخذ اطراف هذا الحديث يتنافسون على الغاءه او ابقاءه وكل طرف يحاول من خلال حججه واسانيده التى يحاول بهاا قناع الطرف الاخر بها، ولعل الغريب فى الامر ان اغلب المتنافسين هم من غير اصحاب الاختصاص واغلبهم لايعرفون ماهو قانون الاحوال الشخصيه وما هى نقاط القوه والضعف فيه وهذه مسالة استغلت من قبل الاطراف المتنافسه لكسب التأييد الى جانبهم سواء فى الدعوه الى ابقاء

    • زائر 19 جعفر الخابوري | 8:51 ص

      غريبة

      وشدخل هالموضوع بهالموضوع؟

اقرأ ايضاً