العدد 1558 - الإثنين 11 ديسمبر 2006م الموافق 20 ذي القعدة 1427هـ

نيابي 2006... أسبابٌ للقلق

فوزية مطر comments [at] alwasatnews.com

القلق على التجربة النيابية المقبلة له أسبابه وأولها الطابع الديني ذو الفرز الطائفي الذي صارت إليه كتل المجلس على إثر عدم تمكّن ممثلي التيار الوطني الديمقراطي من تحقيق أي فوز، إضافة إلى توجّه الكتل النيابية لاستقطاب بعض المستقلين وضمهم إليها. من المقلق - في حال كهذه - أن تغلب على أداء المجلس التجاذبات الطائفية والدينية المذهبية وخصوصاً أن النواب قد بلغوا الكرسي محمولين على أكتاف حملات انتخابية سمتها حربٌ ضروسٌ من التجاذبات فاحت منها روائح الإقصاء والاستحواذ ومحاولات التشويه والتشكيك، بل والوقوع في مستنقع التخوين والتكفير. وفي ذلك ما يحمله من خشية ألا تتمكن الكتل المتنافرة من إيجاد مساحات مشتركة يمكن على أرضيتها عقد تحالفات مرحلية حول هذا الملف أو ذاك. فما مدى قدرة الأطراف على تجنّب التجاذبات المعيقة للإنجاز تحت القبة؟!

ومن المقلق أيضاً أن «الوفاق» التي تدخل المجلس النيابي كتلة معارضة قوية تواجه تحديات كبرى عليها أن تذلّلها. فمن جهة تدخل الوفاق بهاجس ملح لتحقيق مطالب وطموحات جماهيرها التي انتظرت على مضض أربع سنوات عجاف. ومن جهة أخرى تدخل وهي تحت ضغط مُطالبتها بإنجاز ما طالبت به المجلس السابق. وفي الوقت ذاته هي مطالبةٌ بتفعيل ما تعلنه اليوم من توجّهات التهدئة والعقلانية في معالجة الملفات العالقة، مع الحرص على تجنّب الانجرار لمسارات التجاذب الطائفي. الخشية أن الوفاق وهي تواجه تحديات الإيفاء بالتزاماتها نحو المجتمع عموماً ونحو جماهيرها خصوصاً، قد تجد نفسها ذاهبة للتصعيد والأداء المتشنج إن في علاقتها مع الحكومة أو في علاقتها مع الكتل الأخرى. الوفاق تواجه تحديات كبرى فما مدى قدرتها على تخطي تلك التحديات؟!

أما كتلتا «المنبر الإسلامي» و»الأصالة»، فقد أظهرت الانتخابات ترنح بعض مترشحيهما بين الفوز والخسارة، بل أن بعضهم لم يفلح في الوصول لعضوية المجلس إلاّ بالحقن المقوية. ذلك ما يؤكد اهتزاز مواقعهما وتراجع جزء من قاعدتهما الجماهيرية مما سيفرض على الكتلتين استحقاقات أمام ناخبيهما قد تتعارض مع المنحى الموالي الذي غلب على أداء الكتلتين في نيابي 2002. والمقلق أن معظم أعضاء الكتلتين في المجلس الحالي كانوا هم أنفسهم ضمن التشكيلة السابقة التي لم يَرضَِ الناخب عن أدائها. فما مدى قدرة الكتلتين على تجاوز أدائهما السابق والإيفاء بالاستحقاقات القادمة؟!

وفي برلمان يقوم بشكل كامل على كتل دينية طائفية، فالخشية أن يتمحور اهتمامه في العمل على إصدار تشريعات وإرساء سياسات تطال هامش الحريات العامة وحقوق الأفراد التي جُبل عليها هذا المجتمع عبر تاريخه المنفتح على شتى الحضارات والثقافات، المتسامح مع كل الأديان والطوائف والإثنيات. والخشية أن تكون ملفات هامشية وتشريعات مقيدة للحريات هي التي تتفق عليها أو تُستدرَج لها الكتل وتَبني تحالفاتها حولها. وفي ذلك ما فيه من أسباب تراجع مشاريع التنمية الاقتصادية وخطط جذب الاستثمارات التي يحتاجها هذا المجتمع ليحل معضلاته الأساس من بطالة وفقر وتدني رواتب وخدمات. أضف لذلك ما قد يتبع من تراجع في برامج التطوير التكنولوجي والمعرفي والنهوض الثقافي والحضاري لهذا المجتمع. فهل ستحسب الكتل الأساس في المجلس حساب ذلك أم ستحيل الغرفة المنتخبة لمهام المسجد أو المأتم؟ هل ستنغمس في ملفات الحلال والحرام وما يجوز ولا يجوز بحجة الخصوصية الدينية لهذا المجتمع وتضيّع كل دقيقة يحتاجها النيابي للتصدي لملفات مصيرية هي من صلب مهامه التشريعية والرقابية؟

ومن دواعي القلق أن الحكومة التي راكمت ما يكفي من الخبرة في التعامل مع شتى الكتل النيابية، قد تلجأ -وهي تواجه معارضة قوية- إلى آليات وأساليب عدّة تخلّصها من ضغط المعارضة، ما قد يفضي بالعملية البرلمانية إلى المراوحة في مكانها. فقد تُغرق الحكومة المجلس حال انعقاده بمشاريع قوانين لها أولوية المناقشة، فيلهى المجلس في ذلك منحّياً جانباً أولويات نوابه والتزاماتهم أمام ناخبيهم. أضف إلى ذلك التركة الثقيلة من ملفات مشاريع القوانين والقضايا المجتمعية التي تركها مجلس 2002 على الرفوف. أربع سنوات قد لا تساوي شيئاً أمام هذا الكم المطلوب من العمل، والخشية كل الخشية أن تمر الأربع سنوات من بين أيادي النواب مرور الماء.

هناك قلق آخر يتعلق بموقف رئاسة المجلس أو نائبيها من أطراف العملية السياسية أثناء الجلسات أو ضمن عمل اللجان. هل ستقف الرئاسة ونائباها في المساحة التي ينبغي لها أن تقف فيها، أم ستنحاز وتوجّه دفة الجلسات لصالح طرف أو لغير طرف من أطراف اللعبة الديمقراطية؟

نتطلع كثيراً إلى أداء نيابي مثمر وجهته الأساس الوطن والمواطن، وذلك كفيلٌ بتبديد كل خشيةٍ أو قلقٍ على مسيرتنا الديمقراطية

إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"

العدد 1558 - الإثنين 11 ديسمبر 2006م الموافق 20 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً