العدد 3844 - السبت 16 مارس 2013م الموافق 04 جمادى الأولى 1434هـ

الخطأ الطبي

لقد تطورت المجالات التقنية والعلمية ذات العلاقة بمهنة التـَطـبيب إبان فترة وجيزة من الزمان بخطوات واسعة؛ إذ استُحدِثت الوسائل والأجهزة المُعَقَّدة المُسَاعدة على التشخيص والعلاج. وعلى الوجه الآخر، اجتاحت بيئة الإنسان العديد من الأمراض والعِلًل المُعاصرة، التي ما لبثت أن شَكَّلت تحدياً كبيراً وخطيراً سواء في التشخيص أو في توافر العلاج الفعّال لدرء شرها.

ويبقى العامل البشري، بخصوصيته وبصفاته المتنوعة وبأحاسيسه الإنسانية المرهفة، يُجَسد العنصر الأهم والمستوجب لأقصى درجات الانتباه، وهو الأساس في جُملة جَوانب الوقاية والتشخيص والعلاج الطبي. وقد يتعرض الإنسان المداوي المُعالِج في بعض من الحالات للخطأ المباشر أو النسيان أو الإهمال، ويكون هو السبب المباشر في مِـحـنة وابـتـلاءات المشكلات الطبية التي تؤدي بدورها إلى ابتلاء المريض بعاهات مُزمِنَة وأزمات نفسية مُستدامة.

وللحيلولة دون هذه الأخطاء أو تقليصها استوجب اتباع أساليب متنوعة ومستمرة في التطوير، ابتداءً من التأهيل والتهيئة والتدريب للطبيب والكادر المساعد في المجال الطبي إلى مواكبة مُستَحدَثات مهنة التطبيب، وخصوصاً الإعداد الأمثل للإنسان الطبيب وإتقان تأهيله لتحمّل المسئوليات الجسيمة قبل أن يؤهل طبيباً مداوماً. ومن هنا تُحسب تغذية وإشباع جُرعَات التهيئة والسمو في جوانب شخصية طالب الطب والاهتمام بجوانب سماحة الخلق وتنميتها من أهم أولويات الأساتذة القائمين على التعليم الطبي، كما لابد أن تكون أرفع استراتيجيات الكليات الطبية ومعاهد العلوم الطبية المساندة.

وحيث إن خطأ الطبيب لا يقارن بأي خطأ آخر من البشر لما يعقبه من عواقب وخيمة على المريض وأهله، فلابد من أن يتخذ الطبيب لنفسه غايةً في ممارسته لمهنته وهي واجب المحافظة على الحياة الإنسانية والدفاع عنها وعلاج المرضى وتخفيف الألم وأن يبذل جهده في تحقيق هذه الغاية، فلا ينبغي أن يكون دافعُه الرئيس من ممارستها تحقيقَ المنفعة الشخصية أو الكسب الماديّ.

إننا لا ندعي الكمال للطبيب، ولا نتوقع منه تمكنه من شفاء جميع الأمراض؛ حيث إن الشافي هو الله وحده وما الطبيب إلا وسيلة اصطفاها الله بحظوة مهنة مُقدسة وفائض الثواب على فضائل الإبراء والإشفاء، إلا أنه يجب علىالطبيب الاستزادة الدائمة من العلم بهدف توسيع مداركه والإقلال من احتمالات الخطأ أثناء العمل.

العدد 3844 - السبت 16 مارس 2013م الموافق 04 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً