العدد 3847 - الثلثاء 19 مارس 2013م الموافق 07 جمادى الأولى 1434هـ

منهجية الاستضعاف ما عادت تجدي

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

الأزمة في البحرين يبدو أنها مرشحة للاتساع من حيث المدى والنوع، مع الأخذ في الاعتبار، أنها لم تزل تنتظر الحسم السياسي العاجل، في ضوء استفحال الحل الأمني على الأرض. ولا أحد منَّا يمتلك الإجابة الواضحة عن المرحلة المقبلة.

هناك عدد من التصورات التي تفرض إدراك أهمية إدارة الأزمات من جانب صنَّاع القرارات داخل الدول والحكومات، ومن بينها أن الأزمات قد تؤدي إلى العديد من العواقب الوخيمة للدول والمجتمعات، بما في ذلك إحداث أجواء سلبية خانقة، تخلق حالةً من الاستياء لدى قطاع كبير من المواطنين، تتسع مداها إلى أنها قد تهدّد المصالح الحيوية للدولة، وهو ما يؤدي إلى تعطيل تقدّم المجتمع والدولة ككل. لذلك لابد من إيجاد حلولٍ ناجحةٍ لهذه الأزمات وتغليب مصالح المواطنين، لا استضعافهم عبر القوة التي تمتلكها الدولة من معلومات وأجهزة متابعة وقوة ومال ونفوذ، من أجل توهينهم وجعلهم الحلقة الأضعف التي قد تتلاشى قوتها وتستكين، وبالتالي خنق أصواتهم وتجفيف مطالبهم.

الاستضعاف كما أفهمه، هو تجريد الإنسان من عناصر القوة المادية والمعنوية، والتي تزيد من قوة خصمه. والاستضعاف يعني مزيداً من القهر والإذلال والإهانة التي يرزح تحتها الإنسان بسبب تسلط وقوّة القادرين الذين يمتلكون أسباب وأدوات القهر والغلبة والسيطرة عليهم وعلى شئونهم، وعلى مقدِّرات أمورهم، ويستغلّون كل إمكاناتهم للاستقواء بها على من لا يملك ما يواجه به ليحافظ على حريّته واستقلاليته وإرادته.

الاستضعاف يحمل أوجهاً متعددة، منها: الاستضعاف السياسي، وهو تجريد الجماعة من حقوقها السياسية في المشاركة في صنع القرار عبر التمثيل المناسب لوجودها. ويمكن أن يكون استضعافاً اقتصاديّاً، وهو الحرمان من العيش الكريم وجعل هذه الجماعات من الفئات المحرومة التي تعيش حالة العوز والحاجة دائماً، فتقع في مستنقع الجهل والجريمة والتضييق عليها ليكون همُّها علفها. أو يكون الاستضعاف أمنيّاً، إذ تكون حياة الإنسان وأمنه مهددين، ولا يمتلك ما يحفظهما من سلطة الآخرين مقابل أجهزتهم التي يملكونها هنا وهناك. وقد جرى العرف لدى الحكومات استضعاف كل ما يحوّل مواطنها إلى قوة، حتى العلم الذي هو مجرد نظريات وأفكار لكنها قد تنمو إلى إرادة وكرامة.

وبهذا الاستضعاف والتجريد يبقى المواطن رهينة خوفه من بطش من هو أكثر منه قوةً، فيكون أقل علماً، وأقل مالاً، وأكثر تضييقاً.

الاستضعاف أساليب لا جدوى منها في زمن رياح التغيير والربيع العربي، وواهمٌ من يعتقد أنه يكسب باستضعاف مواطنيه. فحراك المجتمع حراك شبابي، لا تغريه المساومات ولا يمتلك ما يخسره، هو من يطالب بالتغيير، وهو ما يحرك أمره بما يراه هو لا غيره. قناعاتٌ صارت ثقافةً تشرّب بها، وأصبحت حركته في تأكيد لإرادته في القضايا التي تمثّل إنسانيته وكرامته.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3847 - الثلثاء 19 مارس 2013م الموافق 07 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:48 ص

      إدا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتدكر قدرة الله عليك

      رحم الله الشاعر العربي إد يقول: إدا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستيب القدر. ولنتدكر بأن لا شيئ يبقى على حاله, لأنه لو دامت لغيرك لما وصلت إليك. (محرقي/حايكي)

    • زائر 2 | 5:55 ص

      أم البنات

      المقال جِد رائع وسلمت يداك كما أوضحت في مقالك نحن في زمن الإستضعاف ولكن القوي ليس قويا بما يملك من قوة أو مال أو عِتاد وإنما القوي هو من يملك قوة الإيمان والصبر على الإبتلاء ولأنه سيربح من إيمانه وصبره الكثير بعكس القوي الأول فلن يربح إلا الخسارة في الدنيا ولو بعد حين وفي الآخرة

اقرأ ايضاً