العدد 1530 - الإثنين 13 نوفمبر 2006م الموافق 21 شوال 1427هـ

الثقة بالناس أجدى من التشكيك فيهم

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

إلى أي مدى يتمكن المجتمع من أن يتحرك نحو المشاركة في القرار من دون التشكيك في نوايا بعض فئاته؟ الجواب على هذا السؤال ربما يوضح لنا مواقع الخلل في التفكير السياسي الذي ينتشر في بعض الدوائر والأوساط. في منتصف السبعينات كانت النغمة لدى بعض الجهات النافذة أنه لا يمكن الوثوق بأعضاء المجلس النيابي المنتخبين لأنه كانت لديهم توجهات أيديولوجية وسياسية (يسارية أساساً). وعليه، تم إنهاء التجربة البرلمانية. واليوم هناك من يشكك في فئات محددة من مجتمع البحرين ويدعو إلى قمع الحريات أيضاً.

ولكن لو راجعنا أمورنا فإننا سنجد أن معظم إنجازاتنا الوطنية تحققت في فترات تمتعت فيها البحرين بهوامش من الحرية السياسية. ففي العقود الأولى من القرن العشرين وحتى نهاية الخمسينات كانت البحرين أفضل دولة خليجية في العمل البلدي... والمرأة كانت تشارك في الانتخابات البلدية قبيل منعها في النصف الثاني من خمسينات القرن العشرين... الصحافة البحرينية كانت الأفضل آنذاك بين كل دول الخليج... النوادي البحرينية كانت الأكثر حيوية... برامج التدريب في «بابكو» كانت الأفضل في المنطقة وكان كل البحرينيين يُعاملون آنذاك على أساس الكفاءة (على رغم وجود بعض جوانب التمييز هنا أو هناك)... المدارس كانت الأفضل في الخليج... الحريات الدينية كانت الأفضل بين دول الخليج... إلخ.

وبسبب تلك الفترة الذهبية كان كثير من الخليجيين يفتخرون بأنهم درسوا في مدارس البحرين، أو أنهم عاشوا جزءاً من حياتهم فيها، وخرجت مشروعات تنموية رائدة (مثل طيران الخليج في الخمسينات)، وكانت البحرين تتجه إلى إنشاء مشروعات خليجية كبرى ومتنوعة بسبب فاعلية الإدارة المتوافرة لديها.

ولكن، بدأ التراجع في نهاية السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، بل إن كثيراً من المشروعات الكبرى بدأت تفشل بسبب انتشار الفساد الإداري فيها من دون أن تكون هناك محاسبة بعد أن قمعت الآراء، وهكذا بدأنا نفقد دورنا الريادي شيئاً فشيئاً. وأحد أسباب ذاك التراجع النسبي في الموقع الريادي هو أن البحرين مجتمع حيوي ولا يمكن التقدم من خلال قمعه. وكما هو الحال مع مختلف البلدان التي تضم مجتمعات حيوية، فإن برامج التنمية لا تصعد إلى الأعلى إلا من خلال مشاركة فئات المجتمع وذلك من خلال معادلة تتسم بشيء من العدالة والانفتاح والمشاركة... والمشاركة في الأساس تتطلب تغليب الثقة على الشك.

تغليب الثقة لا يعني أن يصبح المرء مغفلاً ومُغمضاً عينيه عن مخاطر ربما تحيط به، ولكن يعني أن الانطلاق يجب أن يعتمد على فكرة تقول إن أهل الخير هم الأكثر، وإن أكثرية المجتمع تود أن تعيش مع بعضها بعضاً في أمن وتفاهم ومشاركة في السراء والضراء. وعلى أساس هذه الثقة، نستطيع أن نعود إلى مواقعنا الريادية ونترك وراءنا مخلفات القمع والحقد والكراهية التي تدمر الأوطان وتتسبب في فقدان كل ما يتحقق من تقدم للإنسان

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1530 - الإثنين 13 نوفمبر 2006م الموافق 21 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً