العدد 3861 - الثلثاء 02 أبريل 2013م الموافق 21 جمادى الأولى 1434هـ

ألف يوم للوفاء بوعد الألفية

بان كي مون comments [at] alwasatnews.com

الأمين العام للأمم المتحدة

رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، ولكن يمكننا أن نبدأ هذا الأسبوع مسيرة ألف يوم نحو مستقبل جديد. ففي الخامس من أبريل/ نيسان، سيبلغ العالم لحظة حاسمة في أعظم وأنجح حملة لمكافحة الفقر شهدها التاريخ، وهي معلم الألف يوم قبل الموعد المستهدف لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.

فقد حُددت هذه الأهداف العملية الثمانية في العام 2000، عندما اجتمع في الأمم المتحدة عددٌ من القادة أكبر مما شهدته في أي وقت سابق، واتفقوا على خفض نسبة الفقر والجوع في العالم بمقدار النصف، ومكافحة تغيّر المناخ والمرض، والتصدّي لمشكلتي المياه غير المأمونة والصرف الصحي، وتوسيع نطاق التعليم، وإتاحة الفرص للفتيات والنساء.

ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي قطع فيها القادة وعوداً نبيلة. وقد توقّع المتشائمون أن يُتخلى عن الأهداف الإنمائية للألفية بدعوى أنها مفرطة في التفاؤل. وعوضاً عن ذلك ساعدت الأهداف على تحديد الأولويات العالمية والوطنية، وعلى حشد الجهود وتحقيق نتائج ممتازة.

وقد شهدت السنوات الاثنتا عشرة الأخيرة انتشال 600 مليون شخص من براثن الفقر المدقع، وهو تخفيضٌ بنسبة خمسين في المئة. وسجّلت المدارس الابتدائية أعداداً قياسيةً من الأطفال، يتساوى فيها للمرة الأولى عدد الفتيات والفتيان. وانخفض معدل وفيات الأمهات والأطفال. وسمحت الاستثمارات المحددة الأهداف لمكافحة الملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية (الأيدز) والسل بإنقاذ حياة الملايين. وخفضت أفريقيا عدد الوفيات من الأيدز بمقدار الثلث في السنوات الست الماضية وحدها.

وهنالك أيضاً أهداف وغايات نحتاج بصددها إلى تحقيق تقدم أكبر بكثير. فلا تزال النساء يتوفين في النفاس بأعداد كبيرة للغاية، بينما نملك الوسائل اللازمة لإنقاذ حياتهن. ولا تزال أعداد كبيرة للغاية من المجتمعات المحلية تفتقر إلى مرافق الصرف الصحي الأساسية، ما يعرّضها لخطرٍ مميتٍ نتيجة استهلاك المياه غير المأمونة. وتتسع الهوة بين الأغنياء والفقراء في كثير من مناطق العالم، الغنية منها والفقيرة على حد سواء. ولا تزال الجموع الغفيرة تتخلف عن الركب.

وينبغي للمجتمع الدولي أن يحث الخطى الآن باتخاذ أربعة إجراءات.

أولاً: توطيد النجاحات عن طريق استثمارات استراتيجية ومحددة الأهداف تؤتي ثماراً مضاعفة، ما يعزّز النتائج في جميع المجالات الأخرى: الاستعانة بمليون من العاملين في مجال الصحة المجتمعية في أفريقيا لخدمة المناطق التي يصعب الوصول إليها، والحيلولة دون أن تذهب الأمهات والأطفال ضحايا أمراض يمكن الوقاية منها أو علاجها بسهولة؛ وزيادة الاستثمارات في مرافق الصرف الصحي؛ وكفالة إتاحة خدمات الصحة الأساسية للجميع، بما في ذلك الرعاية في حالات التوليد الطارئة؛ وتوفير الإمدادات اللازمة للتصدي لفيروس نقص المناعة البشرية والملاريا.

وتشكّل كفالة استفادة النساء والفتيات على قدم المساواة من خدمات التعليم والرعاية الصحية والتغذية والفرص الاقتصادية أحد أقوى المحرّكات لتحقيق التقدّم نحو إحراز جميع الأهداف الإنمائية للألفية.

ثانياً: لنركّز على أفقر البلدان وأضعفها، وهي بلدانٌ يعيش فيها حوالي 1.5 بليون نسمة. وهذه البلدان، التي كثيراً ما يستفحل فيها الجوع والصراع وسوء الحكم والعنف الإجرامي المنظّم على نطاق واسع، تواجه أعظم الصعوبات في تحقيق التقدم ولو بذلت قصارى جهدها. وكثيرٌ منها لم يحرز بعدُ أي هدف من الأهداف الإنمائية للألفية. وبوسعنا، إذا استثمرنا في مناطق مثل منطقة الساحل والقرن الأفريقي وآسيا الوسطى، أن نُكَوّن حلقةً مثمرةً من التنمية الاقتصادية والأمن البشري وبناء السلام.

ثالثاً: يجب أن نفي بوعودنا المالية، ولا يجوز تحقيق توازن الميزانيات على حساب أفقر الناس وأضعفهم. فذلك سلوك غير مقبول أخلاقياً ولن يساعد المانح ولا المتلقي. ورغم أوقات التقشف المهيمنة ظلت بعض البلدان أمثلةً يحتذى بها في الوفاء بالتعهدات. وهنالك بلدان مانحة جديدة ظهرت في صفوف البلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية. وينبغي لنا أن نشيد بهذه الجهود ونشجّع على بذل المزيد.

رابعاً: ينبغي أن تعتبر مهلة الألف يوم نداءً من أجل العمل موجّهاً إلى حركة عالمية، من الحكومات إلى المنظمات الشعبية، كان لها دور حاسم في النجاح. وعلينا أيضاً أن نسخّر قوة التكنولوجيا ووسائط التواصل الاجتماعي كاملة، وهي فرص لم تكن متاحةً عندما صيغت الأهداف في مطلع هذا القرن.

وقد أثبتت الأهداف الإنمائية للألفية أن وضع الأهداف الإنمائية العالمية المركزة يمكن أن يحدث أثراً عميقاً. فهي قادرة على التعبئة والتوحيد والإلهام. ويمكنها أن تطلق العنان للابتكار وتغير العالم.

ولن يقتصر أثر النجاح خلال فترة الألف يوم المقبلة على تحسين حياة الملايين فحسب، بل سيعطي زخماً لخططنا لما بعد العام 2015، وللتغلب على تحديات التنمية المستدامة.

وسيكون هنالك الكثير من الأعمال غير المنجزة. غير أننا، إذ نتطلّع إلى الجيل التالي من أهداف التنمية المستدامة، يمكننا أن نجد إلهاماً عميقاً فيما تُظهره الأهداف الإنمائية للألفية من حقيقة أن التغلب على الفقر المدقع ممكنٌ، وهو في متناولنا إذا وُجدت لدينا الإرادة السياسية.

فلنستغل فترة الألف يوم المقبلة أحسن استغلال ولنف بوعد الألفية.

إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"

العدد 3861 - الثلثاء 02 أبريل 2013م الموافق 21 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً